الدليل الفقهي

u0627u0644u062fu0643u062au0648u0631 u0639u0628u062fu0627u0644u0631u0624u0648u0641 u0627u0644u0643u0645u0627u0644u064a
الدكتور عبدالرؤوف الكمالي
تصغير
تكبير
هذا تلخيص وتهذيب, لكتاب الطلاق, من كتاب العلامة الصنعاني: «سبل السلام شرح بلوغ المرام», بعد أن نشرنا في العام السابق كتاب النكاح منه, و«البلوغ» هو للامام الحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب الكتاب الفذ: «فتح الباري شرح صحيح البخاري», اجتهدت في تسهيل عرض مسائله, وما زدته من اشياء يسيرةٍ جعلته بين معقوفين, فأسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعا به, وأن يجعله في موازيننا يوم نلقاه.

[الجِدُّ والهزل في النكاح والطلاق والرجعة]

• عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وهزلُهُنَّ جِدٌّ: النكاح، والطلاق والرجعة» رواه الأربعة إلا النسائي, وصححه الحاكم.

الشرح:

حكم طلاق الهازل:

1 - الأحاديث دلت على وقوع الطلاق من الهازل، وأنه لا يحتاج إلى النية في الصريح. وإليه ذهب الحنفية والشافعية.

2 - وذهب أحمد إلى أنه لا بد من النية؛ لعموم حديث: «الأعمال بالنيات».

وأجيب بأنه عامٌّ خَصَّه ما ذُكِر من الأحاديث.

[أقول: فلْيَحذر الناسُ من التهاون في التزويج أو التطليق على سبيل المزاح؛ فإنه يُعتبر ويصح ولو بالهزل, كما في الحديث السابق].

[لا يقع الطلاق بحديث النفس]

• عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى تجاوز عن أمتي ما حَدَّثَتْ به أنفسَها ما لم تعملْ أو تَكَلَّمْ» متفق عليه.

الشرح:

حكم وقوع الطلاق بحديث النفس:

1 - الحديث دليل على أنه لا يقع الطلاق بحديث النفس، وهو قول الجمهور .

2 - وروي عن ابن سيرين والزهري – وهو رواية عن مالك -: أنه إذا طلَّق في نفسه وقع الطلاق, وقواه ابن العربي بأنَّ من اعتقد الكفر بقلبه ومن أصر على المعصية, أثِم, وكذلك من قذف مسلمًا بقلبه, وكل ذلك من أعمال القلب دون اللسان. ويجاب عنه: بأن الحديث المذكور أخبر عن الله تعالى بأنه لا يؤاخذ الأمة بحديث نفسها، وأنه تعالى قال: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}, وحديث النفس يخرج عن الوسع, نعم! الاسترسال مع النفس في باطلِ أحاديثِها يُصَيِّرُ العبد عازمًا على الفعل, فيُخاف منه الوقوعُ فيما يَحْرم، فهو الذي ينبغي أن يسارع بقطعه إذا خطر.

وأما احتجاج ابن العربي بالكفر والرياء، فلا يخفى أنهما من أعمال القلب, فهما مخصوصان من الحديث, على أن الاعتقاد وقصد الرياء قد خرجا عن حديث النفس.

وأما المصر على المعصية فالإثم على عمل المعصية المتقدم على الإصرار، فإنه دالٌّ على أنه لم يتب عنها.

[والمرء إذا عزم على فعل الشيء لكن لم يستطعه لمانعٍ خارجٍ عن إرادته, فهو محاسبٌ على ذلك, آثِمٌ فيه].

حكم الطلاق بالكتابة:

استُدِلَّ بالحديث على أن مَن كَتَبَ الطلاق طَلُقَتْ امرأتُه؛ لأنه عزم بقلبه وعمل بكتابه، وهو قول الجمهور.

وشَرَطَ مالكٌ فيه الإشهادَ على ذلك.

• وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأَ والنسيانَ وما استُكرِهوا عليه» رواه ابن ماجه والحاكم، وقال أبو حاتم: لا يثبت.

الشرح: (وقال أبو حاتم لا يثبت): وقال النووي في «الروضة» - في تعليق الطلاق -: «إنه حديث حسن», وكذا قال في أواخر «الأربعين» له.

والحديث دليل على أن الأحكام الأخروية من العقاب معفوَّةٌ عن الأمة المحمدية إذا صدرت عن خطإٍ أو نسيانٍ أو إكراه, وأما ابتناء الأحكام والآثار الشرعية عليها، ففي ذلك خلاف بين العلماء: فاختلفوا في طلاق الناسي:

حكم طلاق الناسي والمخطئِ والمكرَه:

1 - ذهب الجمهور إلى أنه لا يقع؛ للحديث.

واستدلوا كذلك للمكرَه بقوله تعالى: {إلا من أُكرِه وقلبه مطمئن بالإيمان}، وقال عطاء: الشرك أعظم من الطلاق.

وقرَّر الشافعيُّ الاستدلالَ: بأن الله تعالى لما وضع الكفر عمن تلفظ به حال الإكراه وأَسقط عنه أحكام الكفر كذلك, سقط عن المكرَه ما دون الكفر؛ لأن الأعظم إذا سقط, سقط ما هو دونه بطريق الأَوْلى.

2 - وعن الحسن: أنه كان يرى طلاق الناسي كالعمد إلا إذا اشترط. أخرجه ابن أبي شيبة عنه.

وعن الحنفية: يقع طلاق المخطئ والمكرَه.

• الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية

كلية التربية الأساسية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي