تم إرسال رسالة خاصة تحتوي على فيديو من أحد الأصدقاء على هاتفي، وعنوانها هو تجديد الجواز في اليابان في 3 دقائق، فتحت الرابط فوجدت جهازا كبيرا يتلقى مجموعة من الأوامر وتبدأ بلمس شاشة الجهاز لتقديم البطاقة الشخصية ويتم إدخالها داخل الجهاز الذي يقوم بالتعرف إلى شخصية طالب الجواز، ويتم بعد ذلك طلب جواز السفر القديم وعرضه على الجهاز للتعرف عليه.
بعد ذلك تتم البصمة داخل المكان المخصص لذلك ليتأكد الجهاز من هوية صاحب العلاقة، ثم يأخذ صورة للوجه، وفي 3 دقائق فقط يكون جواز السفر جاهزا ومغلفا!
هذه هي اليابان دائما تفاجئنا بابتكاراتها واختراعاتها، فتأمل حجم الانتظار والتعب وإيجاد «الواسطة» خاصة في الصيف إذا كنت تود السفر وتريد استخراج أو تجديد جوازك، فيجب أن تنتظر أسابيع... في المقابل يتم استخراج الجواز في اليابان بدقائق!
في اليابان يعرفون قيمة الأوقات فلذلك كل دقيقة تمر يعتبرونها ثروة وطنية يجب ألا تضيع وأن تستغل، وهذا تراه مطبقا في حياتهم، وقد انعكس أثره على أعمالهم، لذلك نراهم يربون أبناءهم على هذه القيم.
ومن يعرف كيف يستفيد من وقته ويخطط جيدا سيعيش بسعادة بالغة، لأنه سيشعر بقيمة وقته ورضا داخلي عن نفسه، أما الذين يجيدون إضاعة الأوقات فحياتهم كسفينة تتقاذفها الأمواج من كل حدب وصوب.
وهذا ما يحدث في عالمنا العربي بالضبط، فهم يجيدون إضاعة الأوقات... وعلى كافة المستويات الرسمية وغير الرسمية، ما عليك سوى أن تنظر في أعداد سابقة للصحف وتنظر لحجم الوعود غير الصادقة التي تم إطلاقها للناس مثل القضية الإسكانية وغيرها من القضايا الحيوية، فستجدهم يتفننون في إضاعتها عبر الجلوس لفترات طويلة في الاجتماعات وغيرها من الأماكن لإهدار الأوقات ولعدم وضوح الرؤية، وهم يعتقدون أنهم يحسنون في أعمالهم ولكنهم على غير ذلك بسبب غياب البوصلة في حياتنا على عكس المجتمعات الغربية يعرف شعوبها قيمة الأوقات.
الأوقات تعتبر ثروات للأمم الجادة التي تريد صنع حضارة، وأي مشكلة تصادفك في حياتك لا تعطيها كل تفكيرك فتكون أسيرا لها، ولكن تقدم خطوة إلى الأمام، خطط لأيامك وإنجازاتك، صاحب أصحاب الهمم العالية الذين يعرفون قيمة أوقاتهم ويقدرونها، ابتعد عن الهموم فهي أكبر مثبطات في حياة الإنسان، المشاكل تحدث لأي إنسان... ولكن تبسيط المشكلة يساعدك على حلها، واترك الشك والتجسس على الآخرين لأنها ليست من المروءة في شيء.
وتروي كتب السير قصة جميلة عن أهمية الأوقات وهي عندما توفي سليمان بن عبدالملك، قام رجاء بن حيوة وأعلن على المنبر أن خليفة المسلمين، وأمير المؤمنين هو عمر بن عبد العزيز الذي سار في أناس مسيرة راشدية عمرية تحدث عنها القاصي والداني وأرجع حقوق الناس، وأراد أن ينام القيلولة في اليوم الأول، فأتاه ابنه الصالح عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، فقال: «يا أبتاه، تنام وقد وليت أمر أمة محمد، فيهم الفقير والجائع والمسكين والأرملة، كلهم يسألونك يوم القيامة، فقال عمر بعد النوم أكمل، فقال ابنه وهل تضمن عمرك؟، فبكى عمر واستيقظ وقام يرد للناس مظالمهم التي أخذت منهم بغير وجه حق.
[email protected]