الفائز بجائزة «البوكر» العربية في نسختها الأخيرة

سعداوي رفض احتفاء الساسة العراقيين ... احتجاجاً على ظروف المثقفين السيئة

u0623u062du0645u062f u0633u0639u062fu0627u0648u064a
أحمد سعداوي
تصغير
تكبير
رفض الروائي العراقي أحمد سعداوي، الفائز حديثا بجائزة «البوكر» العالمية بنسختها العربية، تلبية دعوات متواترة وجهت إليه من قبل جهات سياسية متنفذة في بلاده سعت للاحتفاء بفوزه الفريد من نوعه، احتجاجا منه على الظروف «السيئة» التي يعيشها زملاؤه المثقفون و«العتمة» التي تعيشها المواهب الإبداعية.

اعتذار السيناريست والشاعر الشاب، جاء في تصريح مكتوب نشره على صفحته الرقمية في «فيسبوك». دوّن فيه كلماته بلغة نابعة من «أخلاق الأدباء»، مثلما وصفها بعض المُعلقين الافتراضيين، فيما شبهها آخرون بالأخلاق التي قالوا ان صاحب السحنة السمراء يتمتع بها على المستويين الشخصي والمهني.

وقال سعداوي في تصريحه اللافت: «مع بالغ الاحترام والتقدير أحب أن أشكر الشخصيات والجهات السياسية والأحزاب والكيانات التي وجهّت لي دعوات شخصية للقاء والاحتفاء بي... ويؤسفني أن اعتذر عن تلبية هذه الدعوات الكريمة، لأسباب عديدة ليس منها بكل تأكيد أي نوايا لتقليل احترام الطرف الداعي»، مثمنا مسعى تلك الجهات للإشادة بانجازه وتكريمه عليه.

كلمات سعداوي في بيانه المكتوب بعفوية تامة، حملت «مشاعر نبيلة» تجاه زملائه المثقفين، عندما دعا الجهات السياسية التي تهافتت على تكريمه، لرعاية «المثقفين والكتاب ممن يعانون ظروفاً وأوضاعا أكثر سوءاً مما أعانيه»، حسب تعبيره.

وحض الأطراف السياسية الفاعلة في بلاده، على الاهتمام بالمواهب والطاقات الإبداعية التي قال انها «غارقة بالهامش المعتم الذي انتمي إليه»، مؤكدا ان هذه القطاعات الكبيرة من المواهب «تنتظر من الدولة أن تقوم بواجباتها تجاههم، باعتبارهم ثمرة العقول المبدعة التي تمثل الوجه الحضاري لأي بلد».

فوز سعداوي في هذه الجائزة المرموقة، التي أشرفت عليها في دورتها لعام 2014 لجنة تحكيمية رصينة، جعلته محط أنظار وإشادة دولية وإقليمية ومحلية، حتى إن مؤسسات أممية وبعثات ديبلوماسية أثنت على جهوده في تحقيق الجائزة الشهيرة.

لكن زعماء بلاده السياسيين الغارقين ببحر من النزاعات، والذين يسارعون لتهنئة الفرق الرياضية الوطنية بمناسبة أو دونها، لم يكلفوا أنفسهم بتهنئة أو استضافة الروائي الشاب الذي رفع اسم العراق عاليا في محفل ثقافي عتيد يُشار إليه بالبنان.

وفي موقف قل نظيره هذه الأيام، رفض سعداوي في اعتذاره «الخلوق» الارتماء في أحضان أطراف سياسية وحزبية كما يفعل اليوم الكثير من الكتاب والمثقفين والإعلاميين سواء في العراق أو في دول المنطقة الغارقة هي الأخرى في أتون الصراعات السياسية والتخندقات الطائفية.

حتى انه أجاب عن سؤال افتراضي حول نوع «التكريم» الذي يطمح إليه شخصيا من قبل المسؤولين في بلاده، فقال «حصولي على الأمان لي ولعائلتي ولكل العراقيين، الحصول على الخدمات، وعلى الاحترام الذي يستحقه أي مواطن يعيش داخل بلد محترم، وحماية حريتي واستقلاليتي، وقدرتي على الثقة بالمستقبل».

وفي ختام بيان الاعتذار، تمنى سعداوي أن تكون هذه القضايا (أعلاه) حاضرة في أذهان المسؤولين والقادة السياسيين العراقيين، قائلا «أتمنى أن تشجعهم محبتهم وفخرهم بالانجاز المتواضع الذي يرون أنني حققته، على العمل الجدي تجاه الثقافة ومختلف القضايا الحيوية الأخرى التي تهمنا جميعاً كمواطنين نتطلع إلى العيش الكريم في بلدنا».

رّفض صاحب «البوكر» للاحتفاءات السياسية، كان على النقيض من تلبيته لدعوات المؤسسات الثقافية ومواظبته على الظهور الإعلامي في مؤتمرات صحافية وجلسات حوارية أُقيمت له من قبل مؤسسات ثقافية مدنية وحكومية، وكذلك إجراؤه لقاءات مع وسائل إعلام محلية وأجنبية عدة تنتظر دورها لمقابلته. وهو ما يدل على نوع من الاحتجاج الأدبي ضد نهج وسياسات «كبار القوم» في بغداد.

وتمت استضافة «المبدع» العراقي في الملتقى الثقافي التابع لوزارة الثقافة، للحديث عن رحلته مع منافسة «البوكر»؛ إذ أكد ان لجنة التحكيم في المسابقة كانت «رصينة ومتنوعة». وذّكر في حديثه خلال الجلسة الاحتفائية تعليق أدلى به سعد البازعي رئيس لجنة المحكمين، أشاد فيه الأخير بالمنجز الروائي لأحمد سعداوي، بقوله «هناك بون شاسع بين رواية السعداوي والروايات الأخرى في منجزها الفني».

وشاطر أعضاء آخرون في اللجنة التحكيمية ومثقفون قرأوا رائعة سعداوي «فرانكشتاين في بغداد»، رأي البازعي. والرواية الفائزة هي الثالثة لأحمد سعداوي بعد روايتيه، الأولى «البلد الجميل» الصادرة عن دار المدى وحازت الجائزة الأولى في مسابقة الرواية العربية في دبي عام 2005، وروايته الثانية «إنه يحلم أو يلعب أو يموت» التي حازت جائزة «هاي فاستفال» البريطانية لأفضل روائي شاب عام 2010.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي