ألف حمد وشكر لله العلي العظيم لاتفاق طرفي النزاع على وقف القتال وتسليم حمص إلى القوات النظامية السورية وخروج المقاتلين منها حقنا لدماء ما تبقى من السوريين. لكن ما دلالات هذا الانسحاب وماذا يمكن أن نستنتج؟
قضايا عدة يمكن أن نبنيها لهذا التطور الايجابي. أولها أن النظام السوري حقق مكاسب ميدانية كبيرة وخلافا على ما كانت عليه الأوضاع قبل استرداد مدينة القصير قبل سنة تقريباً.
ثانيها أن الكلام عن ثورة شعبية وداخلية ما هو إلا خواء وضرب من ضروب الخيال العلمي! فبعد الضغوطات الدولية، وبعد الاعلام العالمي، وبعد التحركات الديبلوماسية العالمية، وبعد ارسال المقاتلين من كل شعوب وجنسيات العالم، وبعد تكالب الدول المحيطة بسورية لتدريب المقاتلين وتهريبهم للداخل، وبعد تكاتف الدول العربية والتخطيط لافشال الدولة السورية، جاء دور «السلام الدولي في حمص» ليقرب الازمة السورية من نهايتها.
ثالثها ان محور المعارضة في المنطقة أثبت وجوده من جديد. قلت لكم يا جماعة مرارا وتكرارا ان التعامل مع محور المعارضة بهذه الصورة خطأ قاتل وأمره لا يطول فحسب، بل سيعقدها وستسير الامور إلى ما لا تُحمد عقباه بالنسبة لأعداء هذا الخط. استرجاع النظام السوري للقوة على الارض وفرض مبادراته الديبلوماسية من جديد لهو أحدث دلائل هذا الصمود. فهذه التطورات الجديدة ستزيد المحور ثقته بنفسه أكثر، وسيُقنع الناس أكثر وفي المقابل بأن أعداءه أضعف بكثير مما كانوا يتخيلون.
رابعها أن الجمهورية الاسلامية رئيسة هذا المحور قوة اقليمية لا يمكن الاستهانة بها وقادرة على فرض شروطها على المجتمع الدولي. فبعد أربع سنوات، عادت المنطقة لتُقر بأن استبعاد الايرانيين لم يكن خطأً استراتيجيا فحسب، بل قصر نظر سياسي لدى من كان بيده سلطة القرار! فبدون دولة بهذا الحجم الضخم، لا يمكن حل مشاكل المنطقة.
حرب ملعونة، لكن اطمئنكم أن نهايتها لن تعني أن الدرس صار مفهوما. أبدا، فكراهيتنا لبعض فطرية ولن تنتهي، كل ما في الامر أن الحقد دُفن موقتا انتظارا للجزء الجديد من فيلم «الكراهية التي أحبتني». فارتاحوا أيها المسلمون واستمتعوا بالقيلولة، فإلى الملتقى بحرب طائفية وحقودة جديدة بعد مدة ليست ببعيدة!
[email protected]