رؤى ثقافية
مُعلَّقةٌ بباب العصر

أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيفي


(وهذه مَأْلُكَةٌ للحارث بن حِلِّزَة إلى بني قومه، من مخطوطة قصيدةٍ لم يكتشفها (فريتس كرنكو) في الديوان الذي نَشَر)*
«ولَـمَّـا أَنْ رأيـتُ سَـراةَ قَـوْمـِي
مَسَاكَى لا يَثُوبُ لَـهُمْ زَعِـيْمُ»
عَقَـرْتُ قصائديْ، غَرْثَى.. عَطاشَى
لئلا يَسْتَـبِـدَّ بـهـا لَـئِـيْـمُ
عَـقَلْـتُ بِداخلـيْ صَـعْـبًا جُـلَالًا
يَقـولُ الصَّامتُ اليومَ الحَكِـيْمُ
ورُحْـتُ أُصَـوِّرُ التَّـهْـلاكَ رَكْـبًا
بِـبابِ العَصْرِ والمَسْعَى حَطِـيْمُ
وأحـلامـي سُـكَـارَى لا تُـبَـارَى
ولـكـنَّ الأَداةَ بِـهـا نَـــؤُوْمُ
* * *
بَنَـيْـتُ على الرَّغَـائِـبِ مُرْجَـحِـنـًّا
مِـنَ الآتـيْ عليهِ الوُرْقُ حُـوْمُ
ومـا بِـيْ عَـيْـلَـةٌ لـولا انْـتِسَابِـيْ
لأَذْواءٍ عِـيَـالُـهُـمُ حَـــرِيْــمُ
يَـرَوْنَ الخـطَّـةَ العَمْـيَـاءَ حِلْـمًـا
ويَـخْـتُـوْنَ الـمُبَـادِرَ إِذْ يَـرُوْمُ
يُـوَارُوْنَ الـمُـوَارَى خَـوْفَ أَنْ لَوْ
تَـرَاهُ الشَّمسُ وَهْـنًا أو تَشِـيْمُ
يَـلُـوْثُـوْنَ الـخِـبَـاءَ غَـيَـاهِـبِـيـًّا
يَـمُـوْرُ بِعَالَـمٍ أَكْـهَـى يَهِـيْـمُ
وَيَسْتَحْـيُـونَ أَنْ يَـحْـيَى جَـدِيْـدٌ
وهُمْ يَرْجُوْنَ لَوْ بُعِثَ الرَّمِيْمُ!
وسُـبْحَـانَ الذي أَغْـنَى وأَقْـنَـى
لنـا الأُخْرَى وللثَّـقَلَـيْنِ دِيْـمُ!
وسُبْحَـانَ الذي ما انْفَـكَّ يُوْفـِيْ
لـنـا الإِيْمَـانَ والدُّنْـيَا حَرُوْمُ!
* * *
أَلِـكْـنِـيْ - لا أبـا لِلْبَـيْنِ دَارًا-
لـوَادِيْ السِّـرِّ مَـأْلـُـكَةً تَـدُوْمُ
وأَبـْلِـغْ ظَعْـنَـهُمْ ظَـبْـيًا فَـظَـبْـيًا
بِـمَـوْمَـاةٍ مَـجَـاهِلُـهَا كَـتُـوْمُ
كَـأَصْـوِرَةٍ بـِهـا البَـيْدَاءُ تَـحْدُوْ
ومِـلْءُ عُـيُـوْنِهـا حَـدَأٌ وبُـوْمُ
كَأَنَّ سَوَادَ مـا وأَدَتْ وجَاشَـتْ
علـى التَّسـْـآدِ أَغْـرِبَـةٌ جُـثُـوْمُ
«وهُـنَّ على الرَّجَائِـزِ واكِـنَاتٌ»
تَطُـوْفُ بِهِنَّ مِنْ سَفَـرٍ هُـمُـوْمُ
«ظَـهَرْنَ بِكِلَّـةٍ وسَدَلْـنَ أُخْـرَى»
وثُـقِّبـَتِ الـبَصَائـِرُ والحُـلُـوْمُ
«وهُـنَّ على الظِّـلامِ مُطَـلَّبـَاتٌ»
ونِعْمَ الظُّلْمُ مِنْ نِعْمَ الظَّـلُـوْمُ
«عَلَـوْنَ رُبَـاوَةً وهَبَطْـنَ غَـيْبـًا»
ولـم يَرْجِعْـنَ وأْتـَلَّتْ وهُـوْمُ
* * *
تَـقُـوْلُ الحُـرَّةُ الوَطْفَاءُ: وَيـْلـِي
أمـا فـي القَوْمِ جَـسَّارٌ حَلِـيْـمُ
يُرِيْـغُ الـبَـسْمَـةَ العَـذْرَاءَ يَوْمًـا
لِثَغْـرِ الشَّمْسِ فِيْنَا أو يُقِـيْمُ؟!
كَنُـوْنِ النِّسْـوَةِ اجْتَاحَتْ حُرُوفي
سُكُـوْنٌ يَـسْتَـبِدُّ ويَـسْتَـدِيْـمُ
وعِنْـدِي بالعُـلـَى بَصَـرٌ حَـدِيْـدٌ
وعِنْـدِي فـي الدُّنَى نَظَـرٌ سَلِيْمُ!
* * *
ومـا قـالَـتْ غَـدَاةَ الـبَـيْـنِ إلّا
ليُـنْـكَـأَ فـِيَّ فَـرَّاسٌ كَـرِيْـمُ
يَـدُوْرُ مَـعَ الـمَكَارِمِ حيثُ دَارَتْ
فَـتَـحْمَـدُهُ الـمَكَارِمُ والعُلُـوْمُ
ويَسْـتَـبْـقِي الـتِّـلادَ بِـهِ طَـرِيْـفٌ
كَنَصْلِ السَّيْفِ قِرْضَابٌ صَرُوْمُ
يُـعِـيْـدُ بِـنَـاءَ رَدْهَـتِــهِ إذا مـا
تَدَاعَـى الحَـيُّ واشْتَدَّتْ غَشُوْمُ
ويَسْتَصْفِيْ الـمَعَارِجَ للمَعَـانـِي
ولا يَـرْضـَى لِنَخْـلَـتِـهِ تَـئِـيْـمُ
ويَـبْرَأُ مِنْ غُـبَارِ الدَّهْـرِ وَجْهـًا
بِغُـرَّتِـهِ اهْتَـدَتْ أُمَـمٌ أُمـُـوْمُ
ويَـعْـرِفُ دَاءَهُ مِنْ غَـيْـرِ طِـبٍّ
كَـفَى المـَرْءَ المُجَـرِّبَ ما يَشِيْمُ!
* * *
فأَبْلِـغْ رَهْطَـهُمْ والحَـيُّ شَعْـثٌ
فَقَـدْ أَبـْـرَأْتُ فيـهمْ مَنْ يَلُـوْمُ
إذا ما ظَـلَّ في طَخْـيَـاءَ قَـوْمِـي
فَـبُـدِّلَ مِنْ بَـنِـيْ أَبَوَيْـكَ رُوْمُ!
* عضو مجلس الشورى السعودي- أستاذ النقد الأدبي الحديث، جامعة الملك سعود في الرياض
* في هذه القصيدة يتقمّص الشاعر لُغة الشِّعر الجاهلي، ويتّخذ (الحارثَ بن حِلِّزَة) قناعًا فنِّـيًّا؛ للتعبير عن قضايا عتيقة عتيدة.
[email protected]
http://khayma.com/faify
«ولَـمَّـا أَنْ رأيـتُ سَـراةَ قَـوْمـِي
مَسَاكَى لا يَثُوبُ لَـهُمْ زَعِـيْمُ»
عَقَـرْتُ قصائديْ، غَرْثَى.. عَطاشَى
لئلا يَسْتَـبِـدَّ بـهـا لَـئِـيْـمُ
عَـقَلْـتُ بِداخلـيْ صَـعْـبًا جُـلَالًا
يَقـولُ الصَّامتُ اليومَ الحَكِـيْمُ
ورُحْـتُ أُصَـوِّرُ التَّـهْـلاكَ رَكْـبًا
بِـبابِ العَصْرِ والمَسْعَى حَطِـيْمُ
وأحـلامـي سُـكَـارَى لا تُـبَـارَى
ولـكـنَّ الأَداةَ بِـهـا نَـــؤُوْمُ
* * *
بَنَـيْـتُ على الرَّغَـائِـبِ مُرْجَـحِـنـًّا
مِـنَ الآتـيْ عليهِ الوُرْقُ حُـوْمُ
ومـا بِـيْ عَـيْـلَـةٌ لـولا انْـتِسَابِـيْ
لأَذْواءٍ عِـيَـالُـهُـمُ حَـــرِيْــمُ
يَـرَوْنَ الخـطَّـةَ العَمْـيَـاءَ حِلْـمًـا
ويَـخْـتُـوْنَ الـمُبَـادِرَ إِذْ يَـرُوْمُ
يُـوَارُوْنَ الـمُـوَارَى خَـوْفَ أَنْ لَوْ
تَـرَاهُ الشَّمسُ وَهْـنًا أو تَشِـيْمُ
يَـلُـوْثُـوْنَ الـخِـبَـاءَ غَـيَـاهِـبِـيـًّا
يَـمُـوْرُ بِعَالَـمٍ أَكْـهَـى يَهِـيْـمُ
وَيَسْتَحْـيُـونَ أَنْ يَـحْـيَى جَـدِيْـدٌ
وهُمْ يَرْجُوْنَ لَوْ بُعِثَ الرَّمِيْمُ!
وسُـبْحَـانَ الذي أَغْـنَى وأَقْـنَـى
لنـا الأُخْرَى وللثَّـقَلَـيْنِ دِيْـمُ!
وسُبْحَـانَ الذي ما انْفَـكَّ يُوْفـِيْ
لـنـا الإِيْمَـانَ والدُّنْـيَا حَرُوْمُ!
* * *
أَلِـكْـنِـيْ - لا أبـا لِلْبَـيْنِ دَارًا-
لـوَادِيْ السِّـرِّ مَـأْلـُـكَةً تَـدُوْمُ
وأَبـْلِـغْ ظَعْـنَـهُمْ ظَـبْـيًا فَـظَـبْـيًا
بِـمَـوْمَـاةٍ مَـجَـاهِلُـهَا كَـتُـوْمُ
كَـأَصْـوِرَةٍ بـِهـا البَـيْدَاءُ تَـحْدُوْ
ومِـلْءُ عُـيُـوْنِهـا حَـدَأٌ وبُـوْمُ
كَأَنَّ سَوَادَ مـا وأَدَتْ وجَاشَـتْ
علـى التَّسـْـآدِ أَغْـرِبَـةٌ جُـثُـوْمُ
«وهُـنَّ على الرَّجَائِـزِ واكِـنَاتٌ»
تَطُـوْفُ بِهِنَّ مِنْ سَفَـرٍ هُـمُـوْمُ
«ظَـهَرْنَ بِكِلَّـةٍ وسَدَلْـنَ أُخْـرَى»
وثُـقِّبـَتِ الـبَصَائـِرُ والحُـلُـوْمُ
«وهُـنَّ على الظِّـلامِ مُطَـلَّبـَاتٌ»
ونِعْمَ الظُّلْمُ مِنْ نِعْمَ الظَّـلُـوْمُ
«عَلَـوْنَ رُبَـاوَةً وهَبَطْـنَ غَـيْبـًا»
ولـم يَرْجِعْـنَ وأْتـَلَّتْ وهُـوْمُ
* * *
تَـقُـوْلُ الحُـرَّةُ الوَطْفَاءُ: وَيـْلـِي
أمـا فـي القَوْمِ جَـسَّارٌ حَلِـيْـمُ
يُرِيْـغُ الـبَـسْمَـةَ العَـذْرَاءَ يَوْمًـا
لِثَغْـرِ الشَّمْسِ فِيْنَا أو يُقِـيْمُ؟!
كَنُـوْنِ النِّسْـوَةِ اجْتَاحَتْ حُرُوفي
سُكُـوْنٌ يَـسْتَـبِدُّ ويَـسْتَـدِيْـمُ
وعِنْـدِي بالعُـلـَى بَصَـرٌ حَـدِيْـدٌ
وعِنْـدِي فـي الدُّنَى نَظَـرٌ سَلِيْمُ!
* * *
ومـا قـالَـتْ غَـدَاةَ الـبَـيْـنِ إلّا
ليُـنْـكَـأَ فـِيَّ فَـرَّاسٌ كَـرِيْـمُ
يَـدُوْرُ مَـعَ الـمَكَارِمِ حيثُ دَارَتْ
فَـتَـحْمَـدُهُ الـمَكَارِمُ والعُلُـوْمُ
ويَسْـتَـبْـقِي الـتِّـلادَ بِـهِ طَـرِيْـفٌ
كَنَصْلِ السَّيْفِ قِرْضَابٌ صَرُوْمُ
يُـعِـيْـدُ بِـنَـاءَ رَدْهَـتِــهِ إذا مـا
تَدَاعَـى الحَـيُّ واشْتَدَّتْ غَشُوْمُ
ويَسْتَصْفِيْ الـمَعَارِجَ للمَعَـانـِي
ولا يَـرْضـَى لِنَخْـلَـتِـهِ تَـئِـيْـمُ
ويَـبْرَأُ مِنْ غُـبَارِ الدَّهْـرِ وَجْهـًا
بِغُـرَّتِـهِ اهْتَـدَتْ أُمَـمٌ أُمـُـوْمُ
ويَـعْـرِفُ دَاءَهُ مِنْ غَـيْـرِ طِـبٍّ
كَـفَى المـَرْءَ المُجَـرِّبَ ما يَشِيْمُ!
* * *
فأَبْلِـغْ رَهْطَـهُمْ والحَـيُّ شَعْـثٌ
فَقَـدْ أَبـْـرَأْتُ فيـهمْ مَنْ يَلُـوْمُ
إذا ما ظَـلَّ في طَخْـيَـاءَ قَـوْمِـي
فَـبُـدِّلَ مِنْ بَـنِـيْ أَبَوَيْـكَ رُوْمُ!
* عضو مجلس الشورى السعودي- أستاذ النقد الأدبي الحديث، جامعة الملك سعود في الرياض
* في هذه القصيدة يتقمّص الشاعر لُغة الشِّعر الجاهلي، ويتّخذ (الحارثَ بن حِلِّزَة) قناعًا فنِّـيًّا؛ للتعبير عن قضايا عتيقة عتيدة.
[email protected]
http://khayma.com/faify