رأي مالي / تطوير بيئة عمل الشركات

| u0628u0642u0644u0645 u062du064au062fu0631 u062au0648u0641u064au0642* |
| بقلم حيدر توفيق* |
تصغير
تكبير
تتجاهل أسواق الأسهم في بعض الأحيان تماماً النمو الاقتصادي، وأرباح الشركات لفترة أطول بكثير مما يتوقعه المستثمرون، وهذه هي الحقيقة التي كانت تحيّر المستثمرين لفترة طويلة، وقد تكون الأسواق الناشئة أفضل مثال على ذلك.

لقد كان المستثمرون الذين يتجاهلون هذه الحقيقة يراهنون إما على فترة الاستثمار الخاصة بهم، أو يتذرعون بحجة الاستثمار على المدى الطويل.


وكانت الأسواق الناشئة محل اهتمام على مدى السنوات القليلة الماضية، كما كان حال اليابان على مدى العقدين الماضيين، وبقي مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة على مستوى واحد تقريباً طوال السنوات السبع الماضية، فهل يعتبر ذلك كافياً لتخويف المستثمرين في الأسواق الناشئة؟ أو أن حجة الاستثمار على المدى الطويل مازالت صالحة؟

إننا كمستثمرين لا يمكننا إنكار حقيقة أن اقتصاديات الأسواق الناشئة ظلت تنمو بشكل أسرع من الدول المتقدمة، وأن التقييمات في أسواق أسهمها أكثر جاذبية، إلا أنها أكثر تقلباً وتصبح في بعض الأحيان رهينة للدولار، أو للتغيرات الحادة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى مثل الاضطرابات الجيوسياسية التي اجتاحت العالم العربي، والأزمة المتصاعدة أخيراً بين أوكرانيا وروسيا.

ويبدو عدم وجود أي ارتباط على الإطلاق بين النمو الاقتصادي السريع، والعائد على الأسهم على الأقل في الأسواق الناشئة.

لقد تفوقت أسواق الأسهم في الدول المتقدمة على نظيراتها في الأسواق الناشئة بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، على الرغم من أن معدلات نموها الاقتصادي كانت أقل بكثير مما حققته الأسواق الناشئة. ربما ينبغي علينا أن نكون واعين بالنمو الاقتصادي في المستقبل أكثر مما كنّا عليه من قبل، هل يُعقل أن نستثمر في اقتصاديات الماضي ذات معدلات النمو المتباطئة بدلاً من تلك الأسرع نمواً؟

قد يكون من المبكر قليلاً معاملة الأسواق الناشئة كاستثمار ذي قيمة بدلاً من استثمار نمو، وقد يكون الاستثمار في أسهم القيمة في الأسواق الناشئة وعكس ذلك في أسواق الدول المتقدمة أحد الوسائل لتجنب ذلك.

لو طبّق المستثمرون هذه الاستراتيجية على مدى السنوات القليلة الماضية، لكانوا حققوا عوائد جيدة، إذ حققت بعض الأسهم ذات العائد المرتفع في الأسواق الناشئة والمبتدئة أداء مذهلاً.

إن العامل الرئيسي بالنسبة للمستثمرين يكمن في معرفة الاقتصاديات، التي ستنمو أسرع في المستقبل مع أقل نسبة من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية.

هل يجب علينا بناء على ما سبق أن نقلق من العلاقة السلبية بين النمو الاقتصادي وعوائد الأسهم؟ إننا نعتقد أن هذا الارتباط هو شيء طبيعي وكان يحدث على مر التاريخ، فلو عدنا إلى أوائل عام 1900 وحتى اليوم يمكننا أن نرى أن شركات النمو في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كانت في الصدارة في المراحل الأولى، بما أنه كان من السهل النمو بشكل سريع فيما كان يُعرف خلال ذلك الوقت بالأسواق الناشئة، ولكن مع مرور الوقت أصبح من الصعب الحفاظ على النمو في أسواق راكدة.

وبسبب هذه الأمور بدأت بعض تلك الشركات بالبحث عن أسواق متنامية خارج حدودها لتتحول بعضها في وقت لاحق إلى شركات متعددة الجنسيات.

وعمل المستثمرون على الدوام على مكافأة الشركات التي تنمو بشكل سريع وتحقق أرباح جيدة، وهذا الأمر يُطبّق على الدول والشركات على حدًّ سواء، إذ يعد النمو المذهل لقطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة على مدى السنوات القليلة الماضية مثالاً جيداً على النمو وعوائد الأسهم.

ويشهد العالم في الوقت الحاضر عدداً أقل من أي وقت مضى من الأسواق التي تشهد نمواً، إذ لا يمكن لكل دولة أن تتحول إلى دولة صناعية إلا مرة واحدة والصين خير مثال على ذلك.

والجدير بالذكر أن النمو بحاجة إلى ارتفاع متواصل في الطلب، وعدد سكان العالم يتزايد بدرجة أقل مع مرور كل عام، وقد يكون هناك بعض النمو السكاني في بعض البلدان الصغيرة، ولكن تأثيرها بسيط على باقي العالم.

وأصبحت الشركات بشكل عام أقل ربحية بما أنه ليس من السهل تكرار طفرات الماضي، كما أن المنافسة العالمية تدفع الشركات للبحث عن بعض أماكن النمو حول العالم.

أما بالنسبة للشركات التي تحقق الربحية فهي الشركات التي تتميز بالابتكار في منتجاتها، وتتمتع بنموذج أعمال ناجح يمكن تطبيقه على الفور في الأماكن التي يسجل فيها حجم الطلب معدلات نمو كبيرة.

ويتوقع أن يشهد العالم خلال العقدين المقبلين تحوّل معظم الاقتصاديات إلى دول صناعية، ولذلك فإنه سيكون من الصعب جداً، في ظل تباطؤ النمو السكاني، تسجيل العوائد التي كان يتم تحقيقها في الماضي.

إننا نعتقد بشدة أن الشركات الإلكترونية التي ستواصل تحقيق عوائد عالية، هي الشركات الناشطة في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

وسيرتفع حجم الاستثمارات الرأسمالية بمعدلات مختلفة في كل مرحلة من مراحل التنمية الاقتصادية، وفي المراحل الأولى من هذه الحركة لا تكون أسواق الأسهم في الواقع متطورة ولكن عندما تصبح البيئة الاقتصادية أكثر نضجاً، فإن السوق يتفاعل ويصبح أكثر تطوراً، وهذا ينطبق أيضاً على طبيعة المستثمرين في السوق. وتبدأ عوائد الأسهم في هذه المرحلة بالارتفاع، لأن المستثمرين يدركون فجأة جاذبية السوق وتقييماته، وعند هذه النقطة يمكن أن يكون النمو في الواقع مختلفاً أو أقل في حين أن تقييمات الأسهم، التي تتوافق مع التوقعات لناحية مضاعف الأرباح.

ويمكن لعوائد الأسهم أن تتبع مساراً مختلفاً اعتماداً على مجموعة من العوامل التي يمكن أن تكون مترابطة بأشكال مختلفة، وليس بالضرورة مرتبطة بمعدلات النمو لاقتصاديات معينة.

إننا نعتقد أن علاقة الترابط بين النمو الاقتصادي وأسواق الأسهم هي علاقة إحصائية، إن المستثمرين على المدى الطويل يحققون نتائج أفضل بكثير عندما يكون هناك نمو في عدد السكان، يؤدي إلى نمو قوي في الطلب وليس عند ارتفاع النمو الاقتصادي بسبب نمو الإنتاجية.

ويشبه ذلك تحقيق شركة لأرباح جيدة لأنها تواصل خفض التكاليف دون زيادة مبيعاتها، وبالتطلع إلى المستقبل نحن نعلم أن الطلب العالمي الكلي سيكون أبطأ بما أن نمو عدد سكان العالم سيكون بطيئاً وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى ضعف الطلب.

هذا هو الافتراض العام الذي لا ينطبق على عدد محدود من الشركات، التي تستمر في تجديد أعمالها ومنتجاتها، حتى تتمكن من الاستمرار وتحقيق أداء جيد.

* نائب الرئيس لإدارة الأصول في شركة ديمة كابيتال للاستثمار
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي