حديث / العلاقات في حياتنا



ان تكوين الشخص لعلاقات إنسانية إيجابية على المستوى المهني أو الشخصي، لبناء مستقبل مشرق وحياة متوازنة يعتمد على مدى بنائه للعلاقات الإيجابية في بيئة عمله أو حياته الخاصة والشخص، الذي لديه قدرة على تكوين علاقات متينة يتمتع بذكاء اجتماعي وتكون له بمثابه كنز، فالكثير من الموظفين يقدرون قيمة الذكاء الفني، ولكنهم يجهلون قيمة الذكاء الاجتماعي، وجودة أي علاقة تنعكس على إنتاجية الشخص سواء كانت إيجابية أو سلبية فإن ركزت على الجوانب الإيجابية كان ذلك دافعاً لك للعلاقات الإنسانية الجيدة، وإن ركزت على الجوانب السلبية أدّى ذلك إلى تعطيل العلاقات الإنسانية، وأما من الناحية المهنية فأهم علاقة تقيمها في عملك هي مع رئيسك المباشر وزملاء العمل الذين بدورهم سيزيدون من إنتاجك ما يجعلك محط إعجاب رؤساء العمل فالاتصال هو غذاء العلاقات الإنسانية، فسبب أي قطيعة أو سوء فهم هو نقص الاتصال، ونظرية المنافع المتبادلة تنص هذه النظرية على أنه لكي تظل العلاقات متينة يجب أن يستفيد كلا طرفي العلاقة من هذه العلاقة وبالقدر نفسه، وعندما يحصل أحد الطرفين على منافع أكبر من الطرف الآخر تبدأ بوادر خطيرة لانقطاع العلاقة، وتتسبب التصرفات التافهة غير المقصودة في إفساد الكثير من العلاقات، وبالرغم من أن هذه التصرفات غير مقصودة إلا أنها تدل على عدم الإحساس والشعور بالطرف الآخر خصوصا اذا تغيب أو تأخر الموظف عن عمله فغالباً ما يدل على عدم انضباطه والتزامه، وبالتالي تسوء العلاقات مع الرؤساء لعدم ثقتهم بالمتأخرين، وكذلك يقل احترام وتقدير الموظفين للمتأخرين ما يؤدي إلى تراجع العلاقات الإنسانية خصوصا مع موظفين يسمحون للمشاكل المنزلية أن تغزو محيط عملهم، لا شك أن ذلك سينعكس على أدائهم في العمل ما يعرض علاقاتهم الإنسانية ومستقبلهم الوظيفي إلى الخطر، يتعامل كثير من الناس مع العلاقات في حياتهم على أنها تحصيل حاصل، باعتبارها نتاجاً طبيعياً لحركة التناسل والتواصل التي يعيشونها، وأن هذه العلاقات تتكون في حياتهم كنتيجة حتمية لصلات الدم والقرابة وتكاثر هذه الصلات بتناسل هؤلاء الأقرباء، وكذلك مع تواصلهم مع الناس الآخرين في محيطهم، كالجيران والزملاء والمعارف في الأماكن المختلفة... وهذه النظرة على مستواها التجريدي، صحيحة، لكن الأمر في صميمه الإنساني يتجاوز ذلك بكثير، فالناس ليسوا مجرد أرقام حسابية تتزايد وتتناقص من حولنا، بل هي شبكة من الأرواح والنفسيات والعقول التي ترتبط بنا وتشتبك، فتؤثر وتتأثر، وبمقدار ذلك ينعكس الأمر على شتى جوانب حياتنا وحياتها، على مستوى الصحة النفسية والجسدية، وعلى النجاح والفشل، وعلى الهناءة والتعاسة، وهكذا ولهذا، كان من الخطأ الكبير ألا ننتبه إلى حركة هذه العلاقات في حياتنا، ولا نجس نبضها صعوداً وهبوطاً، فعلاقاتنا المرتبطة بصلات الرحم والقرابة والنسب، لا يمكن لنا أن نمنعها، ولهذا فعلينا أن نتعاطى معها بقدرها الذي تستحقه، والتوجيهات في شرعنا الحنيف في هذا الشأن كثيرة، ولعل أقربها إلى موضوعنا هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه»، وفي هذا دليل على أن رعاية هذه الصلات سيكون له بالغ الأثر في معيشة الإنسان وهناءته وفي طيب وبركة تأثيره، وأما تلك العلاقات التي تتكون خارج صلة الرحم والقرابة والنسب، فمن الواجب أن ننتبه لحركة اقترابها وابتعادها منا، فنكون مدركين تمام الإدراك لمن هم أحباؤنا وأصدقاؤنا، ومن هم زملاؤنا، ومن هم معارفنا فحسب، لأن لكل واحدة من هذه المراتب مقتضيات في التعامل والتزامات في الأخذ والعطاء وتشديدي على أهمية هذا الجانب، نابع من أن كثيرا من الناس يقعون في الخلط الكبير بينها، فتراهم، على سبيل المثال، يتباسطون مع الزميل كباسطهم مع الصديق، أو ينكشفون للمعارف كانكشافهم للزملاء أو ربما للأصدقاء والعكس يحصل أحيانا، فتراهم ربما ينصرفون للاهتمام بالمعارف أو الزملاء أكثر من اهتمامهم بالأصدقاء وربما الأحبة، في حين أن لكل واحد من هؤلاء مكانة وقدراً، يفترض أن يكون واضحاً ومصاناً... واختم حديثي ببعض الاقاويل... إذا فرقت الايام بينكما فلا تتذكر لصديقك غير كل احساس صادق ولاتتحدث عنه إلا بكل ماهو رائع ونبيل فقد اعطاك قلباً واعطيته عمرا وليس هناك اغلى من القلب والعمر في حياة الانسان وإذا سألوك يوماً عن انسان صادقته أو عاشرته فلا تفش سراً كان بينكما ولا تحاول ابداً تشويه الصورة الجميلة لهذا الانسان الذي صادقته، بل اجعل من قلبك مخبأ سرياً لكل اسراره وحكاياته فالصداقة اخلاق قبل ان تكون مشاعر ولا تكسر ابداً كل الجسور مع من خسرت من اصدقائك وأقاربك فربما شاءت الأقدار لكما يوماً لقاء آخر يعيد مامضى ويصل ما انقطع... فإذا كان العمر الجميل قد رحل فمن يدري ربما انتظرك عمر أجمل وما أجمل أن تبقى بيننا لحظات الزمن الجميل لا تندم على صداقة عايشتها حتى ولو صارت ذكرى تؤلمك فإذا كانت الزهور قد جفت وضاع عبيرها ولم يبقَ منها غير الأشواك فلا تنسَ انها قد منحتك زمنا عطرا جميلا اسعدك.
* كاتبة وإعلامية كويتية
Sshaheenn@hotmail.com
@Follow Me :sshaheen9
Instagram:u20storiess
* كاتبة وإعلامية كويتية
Sshaheenn@hotmail.com
@Follow Me :sshaheen9
Instagram:u20storiess