نحو ألق ثقافي / يكتبون أم يتابعون؟

| u062f. u0639u0644u064a u0627u0644u0639u0646u0632u064a |
| د. علي العنزي |
تصغير
تكبير
قيل/كتب الكثير عن الدور العظيم لمهنة الصحافي الذي تمتزج شؤونه اليومية بجبهات القتال، وينزف مثله مثل المقاتلين على الجبهات، حتى تحول الصحافي إلى مثال تستمد منه بقية الوظائف دليلها إلى التضحية، والإصرار على المضي قدماً لآخر الشوط، إذا جاز التعبير.

ويقيناً، تعتبر وسائل الإعلام، بما فيها المهتمة بالثقافة والفنون، جزءا من حراك المجتمع؛ بمعنى أنها تلعب دوراً هاماً في توعية الشعب، حيث أنها مسؤولة عن تنويره من ناحية، والارتقاء بذائقته من ناحية أخرى، ناهيك عن أدوارها الأخرى الهامة، كتقوية إصرار الفنان الجاد – مثالاً لا حصراً– على المضي قدماً في مشروعه الثقافي الجاد– المزروع أساساً في أرض غير خصبة ثقافياً– وذلك من باب تعويضه أدبياً، ومعايشته وجدانياً ومخالطته فكرياً، على أقل تقدير.

ولا شك في أن الواقع الراهن، الذي ضيقت فيه بعض وسائل الإعلام، مراميها وغاياتها، حتى غدت منافساً بدرجة لافتة للنظر لنشرات العلاقات العامة... يستحق منا وقفة متأنية!

حيث... أصبح المرء يردد في نفسه حينما تقع عينه على تغطية موضوعية لنشاط ما، هذا صحافي/ إعلامي طبيعي في عالم لم يعد طبيعيا!

إن مهنة (إعلامي) بدأت تتحول في كثير من الأحوال– في الكويت– إلى مهنة (متابعة)، وكأن كل شيء حسن، وفي أكمل صورة، كالعالم في يومه السابع!

والكتابة بهذا المعنى، تستحق من وجهة نظري المتواضعة وقفة ونقاشاً، لا لأنها تموه فقط الدور التعبوي النبيل للإعلام، وإنما تتضاعف خطورة التصور الماثل، عندما تشايعه حقيقة، أنها تثير أيضاً مشكلة حقيقية حول صرامة الأدب والفنون، ومعايير تقويمها بقلم يكتسب قيمة ونضجاً!

ولما كان ذلك... فكيف يتطور المرء من دون مواجهة نفسه؟ وكيف له أن يحسن من عمله، إذا لم تحدد له السلبيات المعوقة لتقدمه؟ وكيف يعرف المرء أن واقعه متخلف، إذا لم يقل أو يكتب إعلامي/ صحافي هنا وآخر هناك عن ذلك؟ إن مواجهة الأخطاء هي – على حد علمي – المقدمة الأولى لعملية التطوير!

بالطبع... تحتاج هذه المواجهة إلى وعي أدبي وثقافي وفني، و«إرادة نبيلة تنبض في قلب نبيل»، وهي عملة نادرة بالتأكيد، لكن اقتصار التغطيات الإعلامية على المظاهر الحسنة قد ينتهي إلى دعاية إعلامية بروباغاندية، غير مقنعة، بل ومجرد (متابعة) عائمة وإنشائية، لا تفرق بين ما هو حقيقي وإيجابي وسلبي وزائف!

بهذا المعنى فإن دور الإعلامي، يتحول من دور تنويري ناضج حصيف، إلى دور يشبه دور المتستر على الأخطاء، وهو دور يدفع المجتمع بالتأكيد ثمناً باهظا نتيجته، بسبب الإغفاءة التي يفرضها عليه!

ولا غرو، أن وسائل الإعلام عليها مسؤولية كبرى لتقوية وعي الإعلامي بدوره المشرف، وتشجيعه وتقوية إصراره على تحمل عذابات المهنة، التي نستمد منها دليلنا إلى المستقبل!

* أستاذ النقد والأدب

aliali2222@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي