سلة أسماء «توافقية» أكثرها قرباً من بكركي ميشال إده وتصعيد نصرالله لحفظ «حصة» المعارضة في العهد المقبل

تصغير
تكبير

|    بيروت - «الراي»   |


رغم شد الحبال والكلام المتشنج الذي تبادله الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وقيادات الاكثرية النيابية، لا تزال قيادات سياسية رفيعة المستوى تعلن ثقتها الكبيرة في امكان الوصول الى توافق على رئيس الجمهورية في جلسة 21 نوفمبر الجاري. ولا ينفصل اطمئنانها هذا عن مراجعة كاملة لما حدث في الايام الاخيرة من مفاوضات فرنسية - سورية، وصولاً الى التوصل الى حد ادنى من التفاهمات الاقليمية على تمرير ازمة لبنان باقل ضرر ممكن. وفي جملة تقارير اميركية وصلت الى مسؤولين لبنانيين، ان الاميركيين المنغمسين حتى العظم في مؤتمر انابوليس وفي الملف النووي الايراني وفي حال الطوارئ الباكستانية، تركوا للفرنسيين مهمة مد الازمة اللبنانية بالاوكسيجين، طالما ذلك متوافر على ان تنتهي مهمة التفويض مع مرور المهلة الدستورية. والا فان البدائل موجودة، وهي اولاً بقاء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي تعتبر واشنطن انها مؤهلة لادارة الازمة ومواكبة التطورات التي تقبل عليها المنطقة، على غرار ما فعلت خلال حرب يوليو. وقد عبر الرئيس جورج بوش صراحة امس عن دعمه لها، اما الخيار الثاني فهو انتخابات «النصف زائد واحد»، الاكثر سوءاً بالنسبة الى الاميركيين، لانه وان حاز على شرعية دولية فانه يبقى عرضة للطعن بشرعيته الدستورية لبنانياً. من ترجيح الخيار الاول طالما ان مفاعيل الخيارين واحدة.

من هنا تحركت الادارة الفرنسية مباشرة متخطية وزارة الخارجية، من خلال ايفادها الموفدين الرئاسيين الفرنسيين كلود غيان وجان دافيد ليفيت، وهو ابرز المشاركين في صياغة القرار 1559 ايام عمله سفيراً لبلاده في واشنطن في عهد الرئيس جاك شيراك.

حمل الوفد الفرنسي من دمشق ثلاثة اسماء للتفاوض عليها كمرشحين توافقيين مقبولين منها، وهم النائب روبير غانم، والوزيران السابقان ميشال اده وفارس بويز. وعللت دمشق موافقتها على هذه الاسماء، ان الاول قريب من 14 مارس، والثاني قريب من بكركي والثالث سبق ان رشحه النائب وليد جنبلاط عام 2005 مرشحاً لرئاسة الجمهورية.

يعرف المرشحون الثلاثة بانهم يتمتعون بعلاقات متفاوتة باهميتها مع دمشق، خصوصاً انهم كانوا وزراء خلال فترة الوجود السوري في لبنان. ويعرفون ايضاً بعلاقة متفاوتة مع بكركي ولا سيما منهم اده الذي شغل منصب رئيس الرابطة المارونية ومقرب جداً من كل الاوساط الروحية المارونية. فيما يعرف غانم بعلاقته الجيدة مع زعيم «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري، ويعرف بويز بعلاقته المتينة مع الرئيس نبيه بري، منذ كان وزير الخارجية في عهد عمه الرئيس الراحل الياس الهراوي.

لم تحز اللائحة عند وصولها كثيرا من الترحيب عند بعض قوى «14 مارس» ولا سيما ان البعض منهم اعتبر ان مجرد ارسالها من دمشق هو فخ يجب التنبه اليه، لان اللائحة تحرج بكركي كما «14 مارس». فاي رفض لمضمونها يعني رفضاً للتوافق واي قبول بها يعني التسليم بدور سوري مباشر في تسمية الرئيس.

الا ان المسعى الفرنسي استمر فاعلاً، يواكبه تحرك داخلي لتوسيع اللائحة وضم اسماء اخرى توافقية عليها كرئيس الرابطة المارونية الحالي جوزف طربيه وحاكم مصرف لبنان سابقاً الشيخ ميشال الخوري، وهو معروف بعلاقته الطيبة مع الحريري وكان عضوا في لقاء «قرنة شهوان»، اضافة الى الوزير السابق جان عبيد، الذي يذكيه بري. وثمة من يعتقد ان اده هو المرشح الاكثر التصاقاً ببكركي.

غير ان المسعى الفرنسي، الذي عاد الوزير برنار كوشنير الى بيروت لمتابعته، وانه يثير ارتياحاً لافتاً لدى بعض المراجع السياسية المطلعة التي تتوقع قرب الوصول الى اسم توافقي، تزامن مع تصعيد محلي بدأه «حزب الله» بتوجيه رسائل حادة الى الاكثرية، ما استدعى ردوداً عدة منها. الا ان هذا التصعيد لا يزال محكوماً باطار زمني محدد وطبيعي في الايام الاخيرة من الموعد الدستوري. وفي اعتقاد اكثر من طرف في المعارضة والاكثرية ان هذا الجنوح نحو التأزم كان متوقعا في عملية شد الحبال بين الطرفين، على وقع المفاوضات التي تدور على اكثر من خط دولي في شأن الملف الايراني. وليس من التفصيل ان تسجل اللقاءات الدولية اكبر نسبة مرتفعة في هذه الايام، وتشمل واشنطن وروسيا والمانيا وفرنسا ومصر والسعودية، من اجل رسم معالم المرحلة المقبلة في الملف الايراني وتداعياته المحلية اللبنانية.

من هنا استبق نصر الله الاكثرية بتحديده معالم الايام العشرة المقبلة، سلماً او حرباً، توافقاً او انتخاباً. في حين ان الاكثرية لا تزال تتلقى فعل المعارضة من دون ان تحدد معالم تحركها المقبل ولا تكشف اوراقها. وفي تقاطع لمعلومات تتداولها الاكثرية والمعارضة ان كلام نصر الله وبعيداً عن اللغة القاسية التي هول بها، انما كان موجهاً الى مرحلة ما بعد الانتخاب الرئاسي، أي بمعنى تأمين حصة المعارضة، ليس في الرئيس الذي سيكون مناصفة بين المعارضة والاكثرية، انما في الحكومة والتعيينات الادارية والعسكرية، وكل ذلك لمنع تكرار تجربة الخروج الشيعي من الحكومة واستمرارها فاعلة وشرعية، ولاستباق أي محاولة لتطبيق القرار 1559 عن طريق الجيش اللبناني.

وتدخل ضمن اطار التهويل ايضاً، الرسالة التي وجهها نصرالله الى الرئيس اميل لحود للقيام بمبادرة انقاذية. علماً ان لحود كان تحدث امام زواره في الفترة الاخيرة انه عازم على ترك قصر بعبدا عند انتهاء ولايته، ولن يقوم باي عمل لخدمة المعارضة التي لم تكلف نفسها عناء الدفاع عنه في الفترة التي تعرض فيها لهجومات لاذعة تهدد سلامته بعد خروجه من القصر الرئاسي، مبدياً عتبه الشديد على بري الذي لم يقم بزيارة بعبدا منذ نحو عامين. وهو كان حريصاً على ابلاغ المعنيين انه لن يقوم باي تحرك ما لم تطلب منه المعارضة ذلك على ادراج قصر بعبدا. وكان حريصاً ايضاً على ابلاغ من يهمه الامر انه لن يكلف قائد الجيش العماد ميشال سليمان، أي مهمة طالما ان سليمان لا يزوره دورياً كما جرت العادة. من هنا يفهم سر زيارة سليمان اخيرا لقصر بعبدا، ولقائه قبلها العماد ميشال عون لاكثر من ثلاث ساعات.

والحديث يدور عن ان ما بين القادة العسكريين الثلاثة امور مشتركة كثيرة عن مرحلة ما بعد 24 نوفمبر، وعن وضع الجيش الذي يحرص الثلاثة عليه، لانه لا يزال ركيزة اساسية لوحدة اللبنانيين. ولعل هنا اهمية ما قاله نصرالله عن الجيش وتحذيره من المس به ومن تغيير عقيدته الدفاعية. ومن هنا يفهم ايضاً التخوف من احداث أي تغييرات جوهرية في الجيش بعد 24 نوفمبر. ولا يخرج كلام عون الاخير عن الحكومة الانقاذية عن اطار رفع سعر المقايضة في اللحظات الاخيرة. فاذا حصل المسعى الفرنسي على مبتغاه، ضمن الجميع مواقعهم في التركيبة الحكومية المقبلة، والا فان كل ما يحكى اليوم من سيناريوات يبقى اقل بقليل مما ينتظر اللبنانيين عن مفاجآت. ولعل هنا خطورة ما تتوقعه اوساط الاكثرية من استعراض قوة ما، او من تصعيد امني له طبيعة مختلفة، في الوقت المستقطع، ما دام اللعب في اللحظات الاخيرة مسموحاً قبل ساعة الصفر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي