بداية نهنئ أنفسنا بعودة سمو الأمير سالما معافى بعدما أجرى عملية جراحية تكللت بالنجاح، ونتطلع بأمل، كما يتطلع الملايين من أهل الخليج إلى جهود سموه في احتواء الأزمة التي تهدد البيت الخليجي الواحد، ونحن على ثقة بأن «حكيم الأمة» و«أميرالإنسانية» سيرأب الصدع قبل أن يتوسع وهو الذي طالما رأب صدوعا في جدار البيت الخليجي وأعاد له قوته.
***
الراصد للحراك النيابي في الكويت، وما يرافقه من تصريحات سيصاب بالدوار إلى حد الغثيان، ذلك لأن ما يلمسه من تناقض بين طرفي المعادلة النيابية يجعل واقفا حائرا لا يصل إلى نتيجة فيما يراه ويسمعه.
وللوقوف على حدة هذا التناقض سنقف عند حدثين لنائبين يمثل كل منهما طرفا للمعادلة النيابية غير المستقرة، ويعكسان الحالة النفسية التي تعيشها تلك الأطراف، والأمنيات التي يمكن استنتاجها مما بين السطور. ففي الطرف الأول قرأنا تصريحات للنائب الدكتور يوسف الزلزلة في ندوته النسائية التي عقدها يوم الأربعاء الماضي ــ وهذه الظاهرة لنا معها وقفة ــ تلك التصريحات التي حملت في مضمونها أكثر من مغزى، فقد أكد أن مجلس الأمة الحالي من أقوى المجالس البرلمانية التي مرت على الكويت، وأن أعضاءه «دعاة إصلاح وليسوا دعاة تأزيم»، مشيدا برقي الاستجوابات التي قدمت والتي تندرج ضمن هذا الإطار، ومشيدا كذلك بالرئيس مرزوق الغانم «الذي أوجد تناغما بين السلطتين» وبدد كل المخاوف التي أبداها البعض من اعتلائه منصة الرئاسة، حيث قام بمهام عمله على أكمل وجه.
وهاجم الزلزلة في كلامه من قال إنهم «يحاولون خلق التأزيم في سعيهم للعودة إلى المشهد السياسي، ويقصد بذلك من عارضوا الصوت الواحد ومخرجاته.
بالمقابل تابعنا لقاء تلفزيونيا للنائب ورئيس المجلس المبطل علي الراشد، رأيناه يلقي بظلال قاتمة على المجلس الحالي، مشددا على أنه «من المستحيل أن يكمل المجلس مدته الدستورية» لأربع سنوات، غامزا من قناة أكثر من جهة، ومشككا في قوة المجلس وجدواه، كما لوح باستقالته من المجلس في حال أقر الاتفاقية الأمنية الخليجية، وكأنه يترجم توجها ما يهدف إلى وقف مسيرة المجلس بصورة أو بأخرى، ولاسيما أن نائبا قبله تحدث أن الاتفاقية الأمنية تشكل مسمارا في نعش المجلس، ولما سئل عن موقفه في حال كان رأي الخبراء الدستوريين أن الاتفاقية لا تتعارض مع دستور الكويت، قال «لا يمكن أن أقتنع بأي شكل من الأشكال بأن الاتفاقية تتوافق مع الدستور» وكأن هناك توجها لعرقلة المجلس من بوابة الاتفاقية الأمنية بعدما فشل أسلوب الاستجوابات.
وما بين «قوة» المجلس برأي الزلزلة، و«استحالة» إكماله مدته الدستورية كما «يبشر» الراشد يعيش المراقب بحيرة في الوضع المحلي الذي يرفض مغادرة المحطة الشخصية في رحلته نحو المحطة الوطنية، ليتأكد لنا أن الشخصانية لا تزال تحكم وترسم طريقة العمل والأهداف، وهو ما يستدعي من الجهات كلها إعادة تقييم ما قدمته وما قالته وخططها المستقبلية،متخذين من البوصلة الوطنية وسيلة لترشيد العمل نحو الوطن، الذي يتخذه الجميع شعارا، ولكن « فيما وراء الشعار يكمن الشيطان»!
وبالمناسبة فإن المجلس الحالي أوجد سنة جديدة، أجدها إيجابية وجيدة تتمثل في عقد اللقاءات بين النائب وقاعدته الشعبية التي انتخبته، ليشرح لها سياسته في المجلس وخططه ويسمع منهم ملاحظاتهم وانتقاداتهم، وهو ما لم يكن معروفا عند المجالس السابقة نرجو أن يستمر.
كما أوجد رئيس المجلس وسيلة جديدة ومبتكرة كذلك تتمثل في اللجنة الاجتماعية له التي تتواصل مع المجتمع بأنشطة وندوات تزيد من تواصل الناخب مع النائب، إضافة إلى ما أوجده الغانم من طريقة جديدة للتواصل مع المواطنين عبر فتح قنوات تلقي كل الاقتراحات والشكاوى، وإحداها عبر لجنته الاجتماعية.
[email protected]@Dr_alasidan