مشهد / الولد الخارق

| د. زياد الوهر |


أظنك لم تعرفه... أليس كذلك؟
ولكن لا بأس ان لم تعرفه، فأنا سأعطيك نبذة مختصرة عنه: انه الأول في المدرسة دائما والمتفوق بامتياز، صاحب الدرجات العُلا، سليل الأخلاق الحميدة، خطيب المدرسة المفوّه في الاذاعة، والعازف الموسِيقِيّ الأوّل فيها، هو الذي يقوم بتحيّة العلم دائما، ويعرفه المُدرس ويميزه من ذكائه المُتّقد، ويحفظ اسمه من أول حصة أو درس، الذي يفوز بمسابقة المدرسة للقرآن الكريم سنويا، ورسوماته في حصة الفن هي المتميزة دائما... انه اذا لم تعرفه... ابن المعلمة أو المعلم.
والسؤال الذي أطرحه عليك أخي القارئ... لماذا هُم الأوائل دائما وأبدا في كل حين ومكان وزمان... لماذا؟
سؤال بسيط جوابه أبسط: لأنهم عباقرة ورثوا ذلك من أبويهم، فتشرّبوا العبقرية تَشرُّبا، ورضعوها حليبا، وتناولوها طعاما، فتميزوا وتفوقوا وبزّوا أقرانهم وسبقوهم بمراحل.
ولكن ويا سبحان الله وبقدرة قادر بعد أن يغادر المدرسة التي يعمل فيها أحد والديه، تجده قد بدأ بالتراجع رويدا رويدا حتى تُمسي درجاته تقارب الـ 50 في المئة أو حتى أقل في الثانوية العامة. وليبدأ بعدها هذا المعلّم الوالد أو المعلّمة الأم بتوجيه سهام النقد اللاذع للمنظومة التربوية التي كانت سببا في تراجع مستوى ابنه/ ابنها في المراحل اللاحقة!.
والحق يقال ان هذه ظاهرة جلية في المدارس التي تُدرِّس فيها الاناث أكثر بكثير من مدارس المعلمين الذكور.
ولكني هنا أوجه لأولئك المدرسين سؤالا: ألم تسألوا أنفسكم يوما ما لماذا فشل أبناؤكم في الدراسة لاحقا بعد سنوات من التفوق «المزيف»؟. والاجابة واضحة لكل ذي لُبٍ؛ انها الحماية التي توفرها الأم (تحديدا وفي معظم الحالات) لابنها مطبّقة المثل القائل «القرد في عين أمه غزال». فان كان الصبي متوسط أو قليل الذكاء، دفعت الأم المعلمة نظيراتها المعلمات دفعا نحو اعطائه الدرجات الكاملة، وأيٌ منهن لا تنصاع لرغباتها، فالويل لها والثبور وعظائم الأمور لأنها سوف تنتقم منها بأية وسيلة كانت، حتى لو تناست أمانة التعليم، فتُهددها بترسيب ابنها أو ابن أختها أو أي من أبناء أقاربها، وبالتالي ترضخ الأخرى لتَكُرّ مسبحة المتفوقين المزيفين، وليضربوا بعرض الحائط كل قيم التربية والتعليم والعدل والمساواة والأخلاق الِمهنية، وليُحْبِطوا المتفوقين الفعليين، وليكونوا السبب في طمس ابداعهم وسَحْق طموحهم. انها مافيا المعلمات، بل وبكل جدارة انهن المجرمات الجدد اللائي لا بد لوزارة التربية أن تتخذ منهن موقفا حازما لا مترددا أو مجاملا أو حتى خجولا.
ما هذا العبث بمقدرات الشعوب ورصيدهم المستقبلي، وكيف يُترك التعليم بأيدي هذه الزمرة من الأمهات اللائي يمارسن التدمير المُمنهج لثروات الوطن من الأبناء والبنات... فقط من أجل مطامع شخصية وأنانية. رحمك الله يا شاعر الأمة أحمد شوقي حين قُلتَ:
قف للمعلم وفّهِ التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
فأقول عن هذه الفئة:
لا تقف وتتعب حالك
فالُمدرّس ضاع وضيّع أولادك
ولا بد للوزارة من أن تمنع كل مُدرس أن يعمل في مدرسة يكون فيها ابنه طالبا سواء أعجبهم ذلك أم لم يعجبهم، والا فليتركوا هذه المهنة السامية لغيرهم. فالمفروض أن المُدرس مِعْوَل بناء وليس مِعْوَل هدم ودمار... هذا هو المفروض. أما أن تتحول المدارس لعزبتهم الخاصة يسرحون ويرتعون فيها كما يشاؤون فهذا غير مقبول، ولا يَرضَى به عاقلٌ حريصٌ على مُخرجات التعليم في مدارسنا. قد لا يمنع فعلا أن يكون ابن المُدرّس أو المدرّسة متفوقا بشرط أن يأخذ غيره الفرص والحظوظ نفسها التي يأخذها هذا الصبي الخارق والمدلل... وهذا ما لا يحدث معظم الأحيان.
والحق يقال أني قد حاولت أن أقنع نفسي بأن بعض الأمهات المعلمات قد لا يفعلن ذلك بسبب وازع ديني أو مانعٍ أخلاقي. ولكني أؤكد أن ذلك غير ممكن ولا أستثني من المعلمات الأمهات أحدا الا من رحم ربي، ذلك لأنهنّ ان لم يفعلن كُن على غير فِطرتهن التي فُطرن عليها، وهي حماية أولادهن من المخاطر الوهمية أيا كانت، وحرصهن الدائم على تميز أولادهن.
هذا هو واقع التعليم في العالم العربي قبلنا أم لم نقبل، وتفوُّق ابن المدرس دائما هو أول علامة على تردّي التعليم للدرك الأسفل. فأمست مُخرجات جامعاتنا كمُخرجات مدارسنا، مزيج من الببغاوات وأشباه المتعلمين والذين يشكلون عالة على المجتمع بدلا من أن يكونوا القوة الدافعة والطاقة الجبارة لدفع التنمية في مجتمعاتنا للحاق بركب الدول المتقدمة.أول المشوار يبدأ بخطوة، وأقول أن فصل الأبناء عن الأمهات في المدارس هي الخطوة الأولى نحو اصلاح التعليم لدينا، وتحتاج لقرار جريء لا مساومة فيه ولا جدال أو تسويف.
سؤال بريء: فقط... تخيّل، ماذا لو كان الطالب ابن مدير المدرسة أو حفيده ماذا سيكون ترتيبه على المدرسة كلها...؟ وأترك لكم الاجابة!
[email protected]
Twitter: @zoodiac100
ولكن لا بأس ان لم تعرفه، فأنا سأعطيك نبذة مختصرة عنه: انه الأول في المدرسة دائما والمتفوق بامتياز، صاحب الدرجات العُلا، سليل الأخلاق الحميدة، خطيب المدرسة المفوّه في الاذاعة، والعازف الموسِيقِيّ الأوّل فيها، هو الذي يقوم بتحيّة العلم دائما، ويعرفه المُدرس ويميزه من ذكائه المُتّقد، ويحفظ اسمه من أول حصة أو درس، الذي يفوز بمسابقة المدرسة للقرآن الكريم سنويا، ورسوماته في حصة الفن هي المتميزة دائما... انه اذا لم تعرفه... ابن المعلمة أو المعلم.
والسؤال الذي أطرحه عليك أخي القارئ... لماذا هُم الأوائل دائما وأبدا في كل حين ومكان وزمان... لماذا؟
سؤال بسيط جوابه أبسط: لأنهم عباقرة ورثوا ذلك من أبويهم، فتشرّبوا العبقرية تَشرُّبا، ورضعوها حليبا، وتناولوها طعاما، فتميزوا وتفوقوا وبزّوا أقرانهم وسبقوهم بمراحل.
ولكن ويا سبحان الله وبقدرة قادر بعد أن يغادر المدرسة التي يعمل فيها أحد والديه، تجده قد بدأ بالتراجع رويدا رويدا حتى تُمسي درجاته تقارب الـ 50 في المئة أو حتى أقل في الثانوية العامة. وليبدأ بعدها هذا المعلّم الوالد أو المعلّمة الأم بتوجيه سهام النقد اللاذع للمنظومة التربوية التي كانت سببا في تراجع مستوى ابنه/ ابنها في المراحل اللاحقة!.
والحق يقال ان هذه ظاهرة جلية في المدارس التي تُدرِّس فيها الاناث أكثر بكثير من مدارس المعلمين الذكور.
ولكني هنا أوجه لأولئك المدرسين سؤالا: ألم تسألوا أنفسكم يوما ما لماذا فشل أبناؤكم في الدراسة لاحقا بعد سنوات من التفوق «المزيف»؟. والاجابة واضحة لكل ذي لُبٍ؛ انها الحماية التي توفرها الأم (تحديدا وفي معظم الحالات) لابنها مطبّقة المثل القائل «القرد في عين أمه غزال». فان كان الصبي متوسط أو قليل الذكاء، دفعت الأم المعلمة نظيراتها المعلمات دفعا نحو اعطائه الدرجات الكاملة، وأيٌ منهن لا تنصاع لرغباتها، فالويل لها والثبور وعظائم الأمور لأنها سوف تنتقم منها بأية وسيلة كانت، حتى لو تناست أمانة التعليم، فتُهددها بترسيب ابنها أو ابن أختها أو أي من أبناء أقاربها، وبالتالي ترضخ الأخرى لتَكُرّ مسبحة المتفوقين المزيفين، وليضربوا بعرض الحائط كل قيم التربية والتعليم والعدل والمساواة والأخلاق الِمهنية، وليُحْبِطوا المتفوقين الفعليين، وليكونوا السبب في طمس ابداعهم وسَحْق طموحهم. انها مافيا المعلمات، بل وبكل جدارة انهن المجرمات الجدد اللائي لا بد لوزارة التربية أن تتخذ منهن موقفا حازما لا مترددا أو مجاملا أو حتى خجولا.
ما هذا العبث بمقدرات الشعوب ورصيدهم المستقبلي، وكيف يُترك التعليم بأيدي هذه الزمرة من الأمهات اللائي يمارسن التدمير المُمنهج لثروات الوطن من الأبناء والبنات... فقط من أجل مطامع شخصية وأنانية. رحمك الله يا شاعر الأمة أحمد شوقي حين قُلتَ:
قف للمعلم وفّهِ التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
فأقول عن هذه الفئة:
لا تقف وتتعب حالك
فالُمدرّس ضاع وضيّع أولادك
ولا بد للوزارة من أن تمنع كل مُدرس أن يعمل في مدرسة يكون فيها ابنه طالبا سواء أعجبهم ذلك أم لم يعجبهم، والا فليتركوا هذه المهنة السامية لغيرهم. فالمفروض أن المُدرس مِعْوَل بناء وليس مِعْوَل هدم ودمار... هذا هو المفروض. أما أن تتحول المدارس لعزبتهم الخاصة يسرحون ويرتعون فيها كما يشاؤون فهذا غير مقبول، ولا يَرضَى به عاقلٌ حريصٌ على مُخرجات التعليم في مدارسنا. قد لا يمنع فعلا أن يكون ابن المُدرّس أو المدرّسة متفوقا بشرط أن يأخذ غيره الفرص والحظوظ نفسها التي يأخذها هذا الصبي الخارق والمدلل... وهذا ما لا يحدث معظم الأحيان.
والحق يقال أني قد حاولت أن أقنع نفسي بأن بعض الأمهات المعلمات قد لا يفعلن ذلك بسبب وازع ديني أو مانعٍ أخلاقي. ولكني أؤكد أن ذلك غير ممكن ولا أستثني من المعلمات الأمهات أحدا الا من رحم ربي، ذلك لأنهنّ ان لم يفعلن كُن على غير فِطرتهن التي فُطرن عليها، وهي حماية أولادهن من المخاطر الوهمية أيا كانت، وحرصهن الدائم على تميز أولادهن.
هذا هو واقع التعليم في العالم العربي قبلنا أم لم نقبل، وتفوُّق ابن المدرس دائما هو أول علامة على تردّي التعليم للدرك الأسفل. فأمست مُخرجات جامعاتنا كمُخرجات مدارسنا، مزيج من الببغاوات وأشباه المتعلمين والذين يشكلون عالة على المجتمع بدلا من أن يكونوا القوة الدافعة والطاقة الجبارة لدفع التنمية في مجتمعاتنا للحاق بركب الدول المتقدمة.أول المشوار يبدأ بخطوة، وأقول أن فصل الأبناء عن الأمهات في المدارس هي الخطوة الأولى نحو اصلاح التعليم لدينا، وتحتاج لقرار جريء لا مساومة فيه ولا جدال أو تسويف.
سؤال بريء: فقط... تخيّل، ماذا لو كان الطالب ابن مدير المدرسة أو حفيده ماذا سيكون ترتيبه على المدرسة كلها...؟ وأترك لكم الاجابة!
[email protected]
Twitter: @zoodiac100