ضاد / التجديد في ثقافتنا



لا مفهوم للتجديد في ثقافتنا وعلومنا الآن سوى احتذاء منجزات الأمم الغالبة، واقتفاء آثارها في مناهجها وأفكارها، بل وفي عاداتها وسلوكها، ولا يخفى على ذي نظر أن الثقافة والفكر لا ينفكان عن المنطلقات العقائدية سواء أكانت دينية أم إلحادية، والمنطلقات التي رسخها تاريخ تلك الأمم، والمكتسبات والميول التي صبغتها بهم الجينات التي ورثوها عن أسلافهم وبيئاتهم؛ فكيف يروم دعاة التجديد مع كل هذا التباين أن ينسلخوا من جلدتهم، لكي يلبسوا لباسا ليس فيه خيط واحد من نسج أيديهم، وقد نتج عن هذا أن سدنة الثقافة الغربية قد تجلببوا في كثير من المناسبات مسوح الغرب البالي ظنا منهم أنه آخر منجزات (الموضة) ولم يعلموا أنه لباس قد أبلاه أساتذتهم وعلقوه في متاحفهم!
إن تراثنا فيه من المناجم المهجورة ما من شأنه أن يسد عجز واقعنا الفكري المفلس، ولكننا آثرنا الفاقة مع الغرب والتبعية له، على الحرية والغنى من كسب أيدينا.
كيف ونحن تجري الأنهار من تحتنا، والتي أجرى مياهها أجيال من عقول علمائنا، أولئك الذين أنارت عقولهم دياجير الظلام الغربي الدامس، تلك العقول التي أنشأت المعارف والعلوم من ذاتها، واستطاعت أن تصهر ثقافات الأمم في بوتقة الحضارة الإسلامية العربية، كيف لنا بالرغم من هذا كله أن نرضى باستيراد محطات التحلية الفكرية من الغرب لنزعم أننا نعيش حياة علمية معاصرة!
إن جذور التراث التي غرسها الأجداد الأوائل أنبتت نباتا طيب الثمار وارف الظلال، غذا المعمورة كلها قرونا مديدة، وتفيأت ظلاله أمم من فيح الجهل حتى الأمس القريب...، وما زالت تلك الأشجار السامقة تندى كل صباح بقطرات لو التقطتها العقول اليقظة والقلوب المرهفة والضمائر الحية؛ لفجرت منها ينابيع من شأنها أن تسقي واقعنا المقفر عذبا زلالا، يحيي هذه الأمة ؛ ولكن الأمم الغالبة لا ترضى بهذا، فمازالت تضع السدود واحدا تلو الآخر لكيلا تنفذ إلى أجيالنا من ذلك قطرة واحدة إلا من محطات التحلية التي جعلونا نعب منها بالترغيب والترهيب.
وقد راعني أن قلة من الجيل الجديد من تعرف شيئا عن المعلقات، والمقامات، وروميات أبي فراس، ولزوميات أبي العلاء، بل إن كثيرا من هم لا يعرف معاني قصار سور القرآن الكريم، ولا يعرف شيئا عن أشهر أحداث السيرة النبوية الشريفة، ويعجز أن يعد عشرة من أعلام الآل الأطهار و الصحابة الكرام؛ فضلا أن يعرف ارتباط الحضارة الإسلامية العربية بالعلوم كالطب والفلك والرياضيات...، والمناهج العلمية الدقيقة التي استنبطوها في ليالي السهر، ومن رشح جبينهم، وبعدما شابت نواصيهم، وليس من الجماجم اليونانية كما يردده عبيد الحضارة الغربية المعاصرين.
إن التجديد لن يتحقق بالتقليد، ولكن بالاجتهاد الذي يجب أن نربي الجيل عليه، ولن تكون الانطلاقة نحو الأمام إلا بالبدء من تراثنا نحن، ثم النظر في منجزات الأمم بوعي وعزة وثقة وإنصاف، لا لنكون خدما لها، ولكن لنكون فاعلين منافسين في هذه الحياة، والتي أمسينا فيها عالة على كل الأمم، والعجب كل العجب أن نسمي ما نحن فيه تطويرا ومعاصرة!!
* كاتب وأكاديمي كويتي
إن تراثنا فيه من المناجم المهجورة ما من شأنه أن يسد عجز واقعنا الفكري المفلس، ولكننا آثرنا الفاقة مع الغرب والتبعية له، على الحرية والغنى من كسب أيدينا.
كيف ونحن تجري الأنهار من تحتنا، والتي أجرى مياهها أجيال من عقول علمائنا، أولئك الذين أنارت عقولهم دياجير الظلام الغربي الدامس، تلك العقول التي أنشأت المعارف والعلوم من ذاتها، واستطاعت أن تصهر ثقافات الأمم في بوتقة الحضارة الإسلامية العربية، كيف لنا بالرغم من هذا كله أن نرضى باستيراد محطات التحلية الفكرية من الغرب لنزعم أننا نعيش حياة علمية معاصرة!
إن جذور التراث التي غرسها الأجداد الأوائل أنبتت نباتا طيب الثمار وارف الظلال، غذا المعمورة كلها قرونا مديدة، وتفيأت ظلاله أمم من فيح الجهل حتى الأمس القريب...، وما زالت تلك الأشجار السامقة تندى كل صباح بقطرات لو التقطتها العقول اليقظة والقلوب المرهفة والضمائر الحية؛ لفجرت منها ينابيع من شأنها أن تسقي واقعنا المقفر عذبا زلالا، يحيي هذه الأمة ؛ ولكن الأمم الغالبة لا ترضى بهذا، فمازالت تضع السدود واحدا تلو الآخر لكيلا تنفذ إلى أجيالنا من ذلك قطرة واحدة إلا من محطات التحلية التي جعلونا نعب منها بالترغيب والترهيب.
وقد راعني أن قلة من الجيل الجديد من تعرف شيئا عن المعلقات، والمقامات، وروميات أبي فراس، ولزوميات أبي العلاء، بل إن كثيرا من هم لا يعرف معاني قصار سور القرآن الكريم، ولا يعرف شيئا عن أشهر أحداث السيرة النبوية الشريفة، ويعجز أن يعد عشرة من أعلام الآل الأطهار و الصحابة الكرام؛ فضلا أن يعرف ارتباط الحضارة الإسلامية العربية بالعلوم كالطب والفلك والرياضيات...، والمناهج العلمية الدقيقة التي استنبطوها في ليالي السهر، ومن رشح جبينهم، وبعدما شابت نواصيهم، وليس من الجماجم اليونانية كما يردده عبيد الحضارة الغربية المعاصرين.
إن التجديد لن يتحقق بالتقليد، ولكن بالاجتهاد الذي يجب أن نربي الجيل عليه، ولن تكون الانطلاقة نحو الأمام إلا بالبدء من تراثنا نحن، ثم النظر في منجزات الأمم بوعي وعزة وثقة وإنصاف، لا لنكون خدما لها، ولكن لنكون فاعلين منافسين في هذه الحياة، والتي أمسينا فيها عالة على كل الأمم، والعجب كل العجب أن نسمي ما نحن فيه تطويرا ومعاصرة!!
* كاتب وأكاديمي كويتي