بالتأكيد يمكنُ لكلٍّ منا أن يقيس قدرتَه على تحصيل المعرفة عن طريق قياس مهارته في القراءة من حيث الأداء الفني من جانب، ومن حيث التحصيل المعرفي من القراءة بشكل موضوعيٍّ من جانب آخر، ربما لديَّ كثير من الأحداث الدامية من مشاهدات وتجارب أعمل الآن على تدوينها قمتُ
برصدها في فترة الغزو العراقي لدولة الكويت.
ومن هذه المشاهد المرتبطة بيوميات الغزو يوم فقدتُ أخي الأكبر الذي نحتسبه شهيداً عند الله تعالى؛ وكنتُ وعائلتي في الفترة ذاتها نملك سيارة تحمل لوحات كويتية عام 1990 ورفضنا طيلة مدة الغزو إبدال لوحة السيارة (كويت) بلوحة عراقية (العراق / كويت)، وبقينا على هذه الحال حتى صادرتْها السلطات العراقية في بداية فبراير عام 1991 بذريعة عدم إبدال لوحة السيارة، ولم نرفض إبدال اللوحة الكويتية بلوحة عراقية لأننا نكره نظامه ونعشق الكويت، ولكن لأننا كنا نؤمن حق الإيمان أن غزو العراق للكويت جريمة تجاه الكويت وتجاه العرب جميعاً وأن الطريق إلى القدس لن تكون من خلال غزو الكويت!
تماماً كما نؤمن اليوم أن ما يحدث في سورية هي ليست ثورة ستأخذ بيدنا إلى الجولان أو لتحرير فلسطين! لذا لَمْ أكن لأنسى تلك الفرحة التي ملأت قلوب الكويتيين وملأت كل قلب يعيش على أرض الكويت، ثم سكنت تلك الفرحةُ كل عين وظهرت على كل كفٍّ ورُسمتْ في كل جدار؛ إنها فرحة تحرير الكويت، ومع أن الكويت عادت حرة والحمد لله لكن تلك الجريمة التي اقتُرفت بحق الكويت عام 1990 كانت موجهة للعرب جميعاً وللعروبة التي تربط بينهم، ويظهر ذلك جلياً اليوم حين نرى قتلى عَرَباً على أرض سورية وليس في فلسطين!! إننا نقف إجلالاً وغبطةً لكل عَلَمٍ عربي يرفرف فرحاً بيوم استقلال الوطن، وقلوبنا تتحسر على أُناس رحلوا عنا وأصيبوا بيننا تحت شعارات أشعلتِ الفتنَ داخل الوطن الواحد، من تونس إلى مصر إلى ليبيا إلى اليمن ثم في سورية.
كان الخطاب الأخير للرئيس سعد الدين الحريري خطاباً مميزاً، وبالتأكيد كان مميزا لأنه يخلو تقريبا من الأخطاء اللغوية, لكنني فقط أستغرب من قوله فيما معناه (إن الدولة اللبنانية لا تستطيع الوصول إلى شهود؛ مجرد شهود لتستجوبهم، والدولة اللبنانية لم تستطع محاكمة أشخاص معروفين بالأسماء!) ثم عاد ليقول معترضاً على حزب الله بشأن قتاله في سورية (إنَّ مسؤولية ضبط الحدود مع سورية مسؤولية الدولة!!) أي دولة؟! دولة لا تستطيع إحضار شاهد لتستجوبه هل تستطيع ضبط حدودها مع سورية؟! لم أفهم شيئاً!! ومع ان الرئيس سعد الدين في خطابه كان يقرأ من شريط الكتروني يمر أمامه، لكن قراءته هذه المرة صراحة ... عشرة على عشرة.
[email protected]