ندوة «الوطني» عن «توجهات الأسواق العالمية للعام 2014»

ريشاني: «الناشئة» تواجه الصعوبات ... والدولار يرتفع

تصغير
تكبير
• أوروبا مازالت في مرحلة الخطر إذا لم تتوصل إلى تحقيق الوحدة النقدية والاتحاد المصرفي

• توقعات جيدة للنمو الاقتصادي في أميركا للعام 2014

• «برنامج «التيسير الكمّي» الأميركي عاقب المدّخرين وكافأ المقترضين

• لا بديل عن إصلاحات هيكلية طويلة الأجل للتخفيف من التحديات المحيطة بالاقتصاد العالمي
أكد رئيس مجموعة الفروع الخارجية والشركات التابعة في بنك الكويت الوطني جورج ريشاني أنّ أزمة الأسواق الناشئة ستستمر خلال 2014، إذ إنها ستكافح لجذب رؤوس الأموال الجديدة والتعامل مع نمو ما دون المعدل، في حين سيشهد العالم استمراراً في الزخم الاقتصادي الذي بدأ في 2013.

وأشار إلى أنّ العام الحالي سيشكل بيئة صديقة للاقتصاد الكلي، وسيسجل النمو مستويات خجولة وتدريجية، على أن يبقى مستوى التضخم منخفضا في ظل السياسات النقدية المتكيفة. فضلاً عن أن التدابير التي اتخذتها المصارف المركزية قدمت المساعدة والدعم للاقتصاد العالمي وساهمت في انقاذ النظام المصرفي ككل، وحالت دون وقوع العالم في الكساد الاقتصادي وتمكنت من تحقيق بعض النمو الاقتصادي.


وأوضح أن توقعات النمو الاقتصادي في أميركا تعتبر جيدة للعام 2014 خصوصاً مع انخفاض تأثيرات برنامج التقشف بحلول العام الحالي مقارنة مع العام السابق، كما من المتوقع أن تنتقل اليابان من مرحلة الانكماش الاقتصادي إلى التضخم، في حين ستختبر الصين نمواً أقل من الأعوام السابقة». وحذّر ريشاني من أنّ أوروبا لاتزال ضمن مرحلة الخطر وان الاقتصاد العالمي مازال يرزح تحت عبء المزيد من الديون.

كلام ريشاني جاء في الندوة التي أقامها بنك الكويت الوطني في فندق الشيراتون تحت عنوان «توجهات الأسواق العالمية في العام 2014» بحضور العديد من ممثلي الشركات ووسائل الاعلام.

وأوضح ريشاني على هامش الندوة ان التوقعات تشير إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل غيره من العملات الرئيسية الأخرى، وخصوصاً مقابل عملات الاسواق الناشئة التي تعاني من العجز في الحساب الجاري، لافتاً إلى أنّ سعر صرف الدولار سيشهد ارتفاعاً مقابل اليورو والين الياباني على وجه التحديد. ولفت إلى أنّ الأوقات العصيبة التي يواجها العالم في 2014 تجعل التوقعات غير حتمية ومفتوحة على جميع الاحتمالات.

وأضاف أن الصعوبات التي تواجهها تركيا حالياً تعود بجزء كبير إلى العوامل السياسية، لذلك فإن رفع معدلات الفائدة بنسبة 4 إلى 5 في المئة، سيساعد بعض الشيء، ولكن الوقت سيكون العامل الأساسي المحدد في هذا الإطار.

وتناولت الندوة عرضا للتحديات التي تواجه مستقبل الأسواق العالمية في العام 2014 ومراجعة سريعة لأحداث العام 2013، وأهم الدروس المستقاة منه، ثم تطرق إلى العناوين الرئيسية التي طبعت أداء الأسواق في العام الماضي، على غرار التسيير النوعي والتضخم وتداول العملات، مبيناً أن القضايا السياسية تبقى عنواناً أساسياً في العام الحالي، فضلاً عن عرضه لتوقعات 2014.

ولفت ريشاني إلى أنّ العام الحالي سيشكل بيئة صديقة للاقتصاد الكلي، في حين سيسجل النمو مستويات خجولة وتدريجية، وسيبقى مستوى التضخم منخفضا في ظل السياسات النقدية المتكيفة، وذلك بفضل تسيير التكييف الذي يحصل في جميع أنحاء العالم. وبيّن أن هذه السياسات تحمل تأثيرات ضخمة ليس على الدول المتقدمة فحسب، بل على العالم ككل.

ولفت إلى استمرار الزخم الاقتصادي الذي بدأ في 2013، غير أن الأسواق الناشئة ستكافح لجذب رؤوس الأموال الجديدة والتعامل مع نمو ما دون المعدل. كما أن المصارف المركزية ستبقى ملتزمة بالدعم وإبقاء سياسات الفائدة منخفضة بمعدلات قياسية تحول دون وقوع العالم في الكساد الاقتصادي، وتحقيق بعض النمو، فضلاً عن تعزيز التوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة على سبيل المثال، مشيراً إلى أنه في العام الحالي ستخفض الولايات المتحدة من التسيير الكمي.

وقال «إن الأصول التي تتضمن نسبة مرتفعة من المخاطر في السوق قد حصلت على دعم لا بأس به من خلال تلك التدابير القاسية، كما نجح المستثمرون في أسواق الأسهم في تحقيق العديد من المكاسب بسبب ارتفاع قيمة الأصول في السوق».

أحداث ودروس 2013

وقام ريشاني خلال ندوته بمراجعة سريعة لأحداث العام 2013، إذ إنه تميز باستقرار في سوق الأسهم العالمية وعوائد مزدوجة في العديد من الأسواق وإصدار سندات الدين بسبب زيادة مستوى السيولة، وعودة الأسواق إلى وضعها الطبيعي في الدول المتقدمة بفضل دعم المصارف المركزية.

كما شهدت كافة البيانات والمعطيات الاقتصادية تحسناً في الفترة الأخيرة على الرغم من جميع المشاكل السياسية التي واجهها العالم، أمّا على مستوى النمو ففد كان ضعيفاً وصل إلى 2.9 وهو أدنى من معدل 3.4 الذي شهدناه على مدى السنوات الثلاثين الماضية.

ولفت ريشاني إلى أنّه يصعب التخلص من العادات القديمة، فالمستهلك الاميركي على سبيل المثال الذي استعاض عن الاقتراض مقابل الأصول السكنية بالاقتراض مقابل الثروات التي يمتلكها في أسواق الأسهم. وقال «شهدت كافة البيانات والمعطيات الاقتصادية في الفترة الأخيرة تحسناً ترافق مع أداء جيد لسوق الأسهم الأميركية، كما أن توقعات النمو الاقتصادي في أميركا تعتبر جيدة للعام 2014 خصوصاً مع انخفاض تأثيرات برنامج التقشف بحلول العام الحالي مقارنة مع العام السابق».

وأشار إلى أن توقعات النمو الاقتصادي في أميركا تعتبر جيدة للعام 2014 خصوصاً مع انخفاض تأثيرات برنامج التقشف بحلول العام الحالي مقارنة مع العام السابق. فخلال العام الماضي، كان الفيدرالي الأميركي يشتري سندات شهرياً بقيمة 85 مليار من الأسواق من أجل زيادة السيولة، إلّا أنّه ومع بدء برنامج خفض شراء السندات في ديسمبر بنحو 10 مليارات إلى 75 مليار ومن ثمّ إلى 65 مليار دولار، على أن ينتهي البرنامج بحلول العالم 2015، عندما سيبلغ حجم الميزانية 4 ونصف تريليون دولار، وهو ما يطلق عليه التيسير الكمي. وما أن يصل إلى مرحلة التوقف عن البيع والشراء فهذا ما نطلق عليه مرحلة التكيف الكمي. أمّا التشديد فسيحصل لدى بدء عملية البيع.

وتابع «لا تزال معدلات البطالة مرتفعة تفوق المستويات التي كانت عليه قبل الأزمة العالمية. وذلك بسبب تدني عدد الشركات الصغيرة على مستوى العالم، وهي التي تتولى خلق الوظائف الجديدة، باستثناء المملكة المتحدة التي أطلقت برنامجاً خاصاً بتقديم القروض للشركات الخاصة».

فضلاً عن ذلك فقد شهد العالم في 2013 إغلاق الحكومة الأميركية وإطلاق برنامج أوباما للرعاية الصحية الذي فشل وأبقى 40 مليون أميركي من دون تأمين صحي. ويجدر الإشارة هنا إلى أنّ كلفة التأمين الصحي في الولايات المتحدة هي الأعلى عالمياً، إذ إنها تشكل 17 إلى 18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

أمّا في اليابان التي عانت من الإنكماش والركود الاقتصادي على مدى عقدين من الزمن، فقد نجحت خطة رئيس الوزراء آبي بفضل التيسير الكمي بجعل حجم الانكماش (واحد ونصف) في المئة. وأضاف «تعاني اليابان من مشكلة أخرى تكمن في حجم الديون المرتفعة والتكلفة العالية لفوائد الديون التي يتكبدها الاقتصاد الياباني، ومن المتوقع أن تنتقل اليابان إلى مرحلة التضخم هذا العام. أمّا الصين فتعتمد عدداً من التدابير لتغيير نموذج النمو الاقتصادي فيها وتحويله من الاستثمارات الاجنبية والصادرات إلى الاستهلاك المحلي رغم أن الأمر محفوف بالمخاطر، خصوصاً أن النمو في الصين يعتبر أقل مما كان عليه خلال الأعوام السابقة».

وأشار ريشاني إلى أنّ المصارف في الغرب خضعت إلى العديد من الغرامات، وبالتالي ارتفع عدد الاحكام المتعلقة بالخسائر، ما يؤثر بعض الشيء في قدرتها الاقراضية. كما أنه تم اعتماد العديد من القوانين الجديدة المتعلقة باتفاقية بازل 3 والتي تفرض على البنوك تقليص مديونيتها وتعزيز رسملتها.

استعرض مجموعة من الدروس والعبر الهامة التي يفترض بالأسواق ان تستخلصها من الأزمة الاقتصادية، ولاسيما تلك التي تتعلق بالإقبال على المخاطر مع إعادة تعريف بالأصول الخالية من المخاطر، اضافة إلى الأحداث غير المتوقعة والترابط والعلاقات المتبادلة وتوظيف الأموال ومخاطر انتقال العدوى بين الدول والعقلية السائدة والتدابير المستحدثة.

أداء الولايات المتحدة

ولفت ريشاني إلى ان برنامج التيسير الكمي الذي اعتمدته الولايات المتحدة عاقب المدّخرين وكافأ المقترضين، وتمّ دفع المستثمرين نحو الأصول التي تتضمن نسبة مرتفعة من المخاطر. ومن هذا المنطلق، أشار ريشاني إلى أن التحديات التي يواجهها مجلس الاحتياط الفيديرالي حالياً تتمثل في القدرة على الموازنة ما بين السياسات الحالية والاستراتيجيات المستقبلية دون التأثير سلباً في النمو الاقتصادي حديث العهد الذي بدأت تشهده الولايات المتحدة أخيراً. وشرح طبيعة التحديات التي تواجه مجلس الاحتياط الفيديرالي بين ما هو عملي وما هو سياسي بطبيعته، لافتاً إلى أن أهم التحديات تتمثل في خطر فقدان مجلس الاحتياط الفيديرالي لاستقلاليته حين ترتفع أسعار الفوائد في السوق، وبالتالي فإن ايقاف العمل بالحوافز المالية والنقدية التي يتم ضخها في السوق يعتمد بقوة على تحديد الوقت المناسب، فضلاً عن القدرة على اجتياز تلك الفترة بنجاح، وهو ليس بالأمر اليسير.

وقال ريشاني إن مجلس الاحتياط الفيديرالي يحتاج الى ان يكون قادراً على الموازنة ما بين المخاطر المتعلقة بنسبة التضخم وبإمكانية الوقوع في الكساد الاقتصادي، خاصة وأن كمية الاموال التي اشتمل عليها برنامج التيسير الكمي كانت مهولة. وأكد أنه في حال قرر المجلس الفيديرالي ايقاف العمل ببرنامج التيسير الكمي قبل الوقت المناسب، فإن النتيجة ستكون سلبية، لوقت يترتب عليه الوقوع في كساد اقتصادي، أما في حال تم ايقاف العمل بالبرنامج بشكل متأخر بعد الوقت المناسب فسينتج عن ذلك ارتفاع قوي في نسبة التضخم.

وأضاف لا بدّ من الإشارة هنا إلى أهمية الوقت، إذ يحتاج مجلس الاحتياط الفيديرالي ان يكون قادراً على الموازنة ما بين المخاطر المتعلقة بنسبة التضخم وبإمكانية الوقوع في الكساد الاقتصادي. ففي حال قرر ايقاف العمل ببرنامج التيسير الكمي قبل الوقت المناسب فسينتج عن ذلك انكماش في الاقتصاد، أمّا في حال تم ايقاف العمل بالبرنامج بشكل متأخر بعد الوقت المناسب فسينتج عن ذلك ارتفاع قوي في نسبة التضخم.

وقال «أثبتت الدراسات الأكاديمية أنّه في حال ارتفاع مستوى الدين العام والخاص من الناتج المحلي الإجمالي إلى 260 إلى 275 في المئة عندها ستؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، وقد وصل مستوى الدين العام والخاص 344 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، يمثل الدين العام بمفرده نسبة 104 في المئة.

عناوين 2014

أوضح ريشاني أنّ العنوان الأبرز الذي ينتظر العالم في العام 2014 هو ما إذا كان سيواجه مستوى تضخم منخفضا أو انكماشا. أمّا بالنسبة للمشهد السياسي فسيستمر غير مستقر، وسيكون النمو إيجابياً على الرغم من ضرورة الحذر، في حين أن المصارف المركزية ستستمر في تولي مهمة إنقاذ الوضع. كما سيشهد العام الحالي زيادة في القوانين وركوداً اقتصادياً نتجية زيادة التشديد بالسياسات النقدية واستمرار برنامج خفض شراء السندات والتسيير النوعي في الولايات المتحدة، استمرار معدلات الفائدة الرسمية منخفضاً، ومتابعة تنفيذ خطة رئيس الوزراء الياباني.

وأشار إلى ان العالم عاد اليوم ليختبر ظروفاً طبيعية بعد مرور ست سنوات على تخفيض مديونية الشركات، وهناك دعم من المصارف المركزية، فضلاً عن استمرار التسيير الكمي من خلال برنامج تخفيض شراء السندات، في حين أنّ أسعار النفط ستعتمد على التطورات في آسيا والأسواق الناشئة. أمّا الصين فستشهد انخفاضاً في النمو، على أن تبقى الأوضاع السياسة عاملاً أساسياً على مستوى العالم.

70 في المئة من النمو مصدره الأسواق الناشئة

على الرغم من زيادة مساهمة الأسواق الناشئة في الاقتصاد العالمي التي وصلت إلى نحو 40 في المئة، لفت ريشاني إلى أنّ التوقعات لا تشير إلى نمو عال في هذه الأسواق، إذ إن 70 في المئة من النمو سيكون مصدره الاقتصادات المتقدمة وليس الناشئة.

أمّا على مستوى العالم، فلا يزال الاقتصاد العالمي يرزح تحت عبء المزيد من الديون، خاصة وأن مستوى الدين العام لدى العديد من الدول قد تجاوز حدود المعقول، وذلك على الرغم من تدابير تقليص المديونية التي شهدتها بعض الدول بعد الأزمة العالمية.

وتابع «أمّا في الأسواق الناشئة فالقصة مختلفة، فقد شهدنا على سياسات نقدية حرة ساعدت في تدفق أموال هائلة إلى الأسواق الناشئة، وصولاً إلى مايو 2013 عندما بدأ الحديث عن برنامج تخفيض شراء السندات. كما تعاني هذه الأسواق من غياب الإصلاحات الحقيقية منذ بدء الأزمة. أمّا الاستثمارات الأجنبية المباشرة فتبقى إيجابية في حين انّ الحسابات الجارية الخارجية بدأت بالتدهور في النصف الثاني من 2013.

أوروبا تفادت الأزمة ولم تخرج من الخطر

اعتبر ريشاني أن أوروبا شهدت خلال العام الماضي العديد من الخطوات المهمة التي مكنتها من تفادي الأزمة، غير أنّها لا تزال ضمن مرحلة الخطر في حال لم تتمكن من اقتلاع المشكلة الأساسية في التوصل إلى التدابير الصحيحة لتحقيق الوحدة النقدية والاتحاد المصرفي في المنطقة. وقال «إن تدابير التقشف لها حد معين من الفعالية خاصة وأن التمادي فيها سيكون عائقاً أمام عملية النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن أوروبا بحاجة ماسة الى تحقيق الاتحاد المصرفي. فضلاً عن ذلك، فإن انتخابات البرلمان الاوروبي والانتخابات في المانيا والمقررتين هذا العام تعتبران العاملاين الأبرزين في التعافي الاقتصادي الأوروبي».

كما لم يستبعد ريشاني امكانية ان تشهد اوروبا بعض الفترات المتعثرة في ظل المخاوف المتعلقة بالكساد الاقتصادي خصوصاً في الدول الضعيفة اقتصادياً على غرار فرنسا وغيرها.

ولايزال التسيير الكمي من المحرمات في منطقة اليورو ولا بدّ من انتظار موعد انعقاد الانتخابات الأوروبية في مايو المقبل لاختبار تقبل التسيير الكمي، كما يعتبر القيام بخطوات لتعزيز الانتعاش حاجة ضرورية.

أجندة سياسية تحدد وجهة الاقتصاد

سيشهد العالم خلال 2014 على أحداث سياسية أساسية ستساهم في رسم توجهات الاقتصاد العالمي ومن بينها إجراء انتخابات في مختلف أرجاء العالم بدءاً من البرازيل مروراً باسكتلاند وصولاً إلى الاتحاد الأوروبي، وستشهد أوروبا ارتفاعاً بعدد الأحزاب المعارضة للاتحاد الأوروبي، كما أنّ الثورة النفطية الأميركية ستغير من طبيعة العلاقات بين دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة. أمّا في ألمانيا وعلى الرغم من التمسك بالاتحاد الأوروبي، إلى أنّنا سنشهد على بروز حزب جديد سيخضع لامتحان بمستوي شعبيته خلال الانتخابات المقبلة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي