هناك فرصة لإعادة هيكلة الدين بصورة واقعية

شركات الاستثمار الأزمة المالية... لم تنته بعد!

تصغير
تكبير
• الشركات أمّنت اتفاقات دين منعت الإفلاس دون إيجاد حلول لمشكلة الدين

• يتعين على الكويت اعتماد مقاربة جديدة تحدد شركات الاستثمار السليمة وتقفل الشركات المتعثرة
لم تنته الأزمة المالية العالمــــية لعـــام 2008 بعد بالنسبة الى العديد من شركات الاستثمار في الكويت أو الاقتصاد الكويتي، فمن خلال الاعتماد على الدين القصير الأمد لتمويل الأصول غير السائلة، واجهت شركات الاستثمار مشاكل ما ان توقف القطاع المصرفي الذي ضربته الأزمة عن الاقراض.

وبدلاً من معالجة الثغرة بين الموجودات والمطلوبات، ونموذج عملها المتصدع، أمّنت الشركات اتفاقات دين منعت الافلاس دون ايجاد حلول مناسبة لمشكلة الدين. يشكل الآن انتهاء هذه الاتفاقات فرصة، على الكويت استغلالها لاعادة هيكلة شركات الاستثمار وتحرير الاستثمارات للاقتصاد الأوسع.


ويتعين على الكويت اعتماد مقاربة جديدة ستحدد شركات الاستثمار السليمة وتقفل الشركات المتعثرة، وهذا يتناقض مع اتفاقات الدين التي تقوم على تمديد فترة تسديد القروض المتعثرة حتى يتمكن المقترضون من الدفع، والتي تبقي خطوط الائتمان مفتوحة، فتسمح لشركات الاستثمار بعدم الاقرار بخسائر الأصول.

كما يتعين عليها دعم الاطار القانوني والتنظيمي الذي يراعي مصالح المدينين، وشركات الاستثمار ووضعها في موقع قوي مع دائنيها من المصارف. ولجأت بعض الشركات الى الاتفاقات المذكورة للاستمرار في دفع النفقات التشغيلية.

ويتعين على الأطراف المعنية اعتماد عملية من ثلاث خطوات لفصل الشركات السليمة عن تلك غير القادرة على متابعة العمل، واعادة هيكلة الدين بصورة مستدامة، وتصفية الشركات المتعثرة بشكل منظم. وستساهم هذه العملية أيضاً في اعادة هيكلة شركات الاستثمار في وقت تعتبر فيه المصارف أقوى وأفضل رسملة، وتالياً أكثر قدرة على استيعاب الخسائر الممكنة.

وتقضي الخطوة الأولى بانشاء السلطات فريقاً مستقلاً سيفصل بين شركات الاستثمار السليمة وتلك التي يجب أن تقفل. ويتعين على بنك الكويت المركزي وهيئة أسواق المال الكويتية تحديد مهمة الفريق. وتعتبر الاستقلالية أساسية ليكون تقييم الأصول دقيقاً وصادقاً. وفي الماضي، لم تقدم الادارات في بعض شركات الاستثمار تقييمات صريحة لأصولها.

وسوف تسهل عملية مستقلة لتقييم الأصول المقارنة بين احتمالات تسييل الأصول واستحقاق الدين والمطلوبات. وسوف يكون الفريق قادراً على أن يسأل الشركات ان كانت تمتلك مستويات ملاءة مالية يمكن أن تحافظ عليها أو ان كان لحقوق الملكية الخاصة بها أي قيمة. ويمكنها أن تقدر ان كان هناك دخل متكرر كاف من عمليات تصفية الموجودات وأرباح الأسهم والرسوم، لخدمة الدين وتغطية التكاليف العامة، وان كان هناك أموال للأعمال لمتابعة التشغيل والاستثمار.

وتأخذ الخطوة الثانية الشركات القادرة على متابعة العمل وتعيد هيكلة ديونها حتى تتمكن من الاستمرار في العمل. وتقوم الخطوة على الاستحصال على معلومات سليمة كقاعدة للعمل ومواءمة الدائنين والحلول المبتكرة الطويلة الأمد.

وهناك خياران متوافران وهما الحلول من دون اجراءات قانونية أو الحلول من خلال قانون الاستقرار المالي لسنة 2009. وتتطلب الحلول من دون اجراءات قانونية سعي الشركات الى اتفاقات ترتكز على توافق جميع الدائنين. ويمكن أن تساعد الجهات الناظمة في وضع الاتفاقات من خلال تأدية دور وسيط مستقل ويجب ألا تتردد في الاضطلاع بدور فاعل. ويمكن أن يكون لبنك المركزي الكويتي على وجه الخصوص دور في هذا الاطار.

وفي حال عدم التوصل الى اتفاق بين الشركة ودائنيها في غضون ثلاثة الى ستة أشهر، تبرز الحاجة للحلول من خلال قانون الاستقرار المالي. وتسهل اجراءات قانون الاستقرار المالي المطبقة على نطاق ضيق، اعادة الهيكلة القانونية وتحمي شركات الاستثمار التي يدفعها الدائنون مباشرة نحو الافلاس.

وتقضي الخطوة الثالثة باخراج الشركات المتعثرة من السوق، وهذا يعني أنه على المساهمين مواجهة تراجع قيمة أسهمهم، وعلى الدائنين قبول التخفيضات (التي يجري بموجبها تخفيض قيمة الموجودات لتقديم الضمانات).

وتؤدي الجهات الناظمة دوراً مهماً، اذ يجب أن تباشر بعمليات تصفية الزامية في حال كانت ضرورية. كما يجب أن تكون قادرة على استبدال المديرين بمصفين خارجيين للاشراف على اقفال شركات الاستثمار المتعثرة وتوزيع الموجودات المتبقية على أصحاب العلاقة. ويتعين على الجهات الناظمة أيضاً تقديم قواعد وتوجيهات خاصة تمكن أصحاب العلاقة من اطلاق اجراءات افلاس بملء ارادتها.

لقد أرخت الخسائر في شركات الاستثمار الكويتية بظلالها على القطاع المــالي لمدة طويلة. ويتعين على الدائنين والمساهمين والجهات الناظمة والمديرين الاقرار بأن التعاون في ما بينهم كفيل بانهاء هذه الوضعية المضطربة، وبذلك يمكنهم تحرير ما يقارب 40 مليار دولار من الرساميل التي يمكن استخدامها بشكل منتج في مجالات اقتصادية أخرى.

(فادي مجدلاني - شريك، مارك ألبرت هاماليان - مدير أول، رونالد معلوف - مستشار أول، جورج الفغالي - مستشار أول - بوز أند كومباني)
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي