بعد ثماني سنوات في الغيبوبة الآن خرج شارون من غيبوته إلى العالم الآخر أما نحن العرب فمازلنا في غيبوبة أشبه بإجازة مفتوحة، هكذا اتجه المجتمع الدولي في مسار الأزمة السورية من المطالبة بإسقاط النظام إلى رحيل الرئيس الأسد إلى المطالبة بحكومة انتقالية إلى الخروج من ذلك كله باتجاه تغيير مسار النزاع الدولي بشأن الأزمة السورية وبدلاً من تجفيف منابع الأزمة ذهبنا إلى تمييع هذه الأزمة والدفع بحالتها عامة نحو المماطلة بذريعة مكافحة الإرهاب في العالم، خاصة أن تلك الموجة العنيفة التي ضربت سورية بدءاً بحركات الاحتجاج الداخلية إلى تشكيل الجيش الحر إلى دخول جبهة النصرة على خط القتال إلى امتداد القاعدة وفصائل أُخرى وجيوب قتالية أُخرى كثيرة، كل ذلك أعطى النظام في سورية مناعة قوية ناهيك عن الجيش السوري الذي أثبت لخصومه أنه قادر على تملك زمام الأمور على الأرض، فضلاً عن دخول حزب الله على خط القتال في سورية دفاعاً عن نفسه في خطوة وقائية خشية انتقال يد القتال إلى لبنان.
عرفنا جميعاً الآن لماذا دخل الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى لبنان بغطاء عربي وخرج من الدنيا كلها ولم يفكر بالخروج من لبنان لأن لبنان أرض خصبة في ظهر سورية؛ فمن أراد سورية فعليه بلبنان، لذلك كان لبنان في نظر السياسة السورية قبل الجولان، أيضاً لأن الأخوة العرب جزاهم الله خيراً لهم يد طُولى في لبنان ويستطيعون من خلاله الوصول إلى سورية! وإنه من المؤسف أن نتحدث عن الجولان أو تحرير الجولان.
يا سادتي الكرام أصبح من الممجوج أن نُعيدَ ما قلناه: إن «حزبَ الله» كسر أنفَ إسرائيل في عام 2006 في حربه معها بصواريخ سورية وباعتراف الحزب نفسه، يعني الحرب هي سورية - إسرائيلية خسرت فيها إسرائيل باعتراف إسرائيل، ولْننظر كيف كافأَ العربُ سوريةَ وحزبَ الله اليوم! فماذا سيفعل العرب مع سورية لو فُتحت جبهة الجولان؟ الله يستر علينا.
العرب اليوم منذ ثلاث سنوات يركضون من موقف إلى موقف وكل تلك المواقف ضد سورية حتى تلك المساعدات لمخيمات اللاجئين هي عبارة عن فقاعات هوائية لتمرير الوقت واسألوا أهل المخيمات وأولها مخيم الزعتري في الأردن الشقيق جداً الذي كان يعتقد أنه سيصبح دولة خليجية! نعم دارت الدائرة ودارت معها رحى الإرهاب لينفجر بالون الرئيس أوباما الذي وعد بإقفال معهد (غوانتانامو) عفواً أقصد معتقل غوانتانامو ولم يفعل حتى الآن، وأميركا قبل أيام (تدرس تزويد المعارضة المعتدلة بأسلحة غير فتاكة)! لا أدري ما نوع هذه الأسلحة غير الفتّاكة؟ لَمْ أفهم: ألعاب نارية مثلاً، ومن هذه المعارضة المعتدلة وما هي صفات الاعتدال في القاموس الأميركي؟ هل كان هذا الاعتدال متوافرا في نظام الرئيس حسني مبارك الذي دعمت الإخوان المسلمين ضده؟!
وبعد تسلُّم الإخوان حين انتصار الأسدُ في سورية كررت أميركا فِعلتَها مع إخوان مصر ومارست أميريكا براغماتيتها بأوسع صورها، نحن في مأزق فكري سببه قلة الاطلاع، ولو كنا نقرأ فقط ما يكتبه السياسيون الغرب وبعض العرب في مذكراتهم لعرفنا أين نحن من هذا العالم.
نحن في قنواتنا الرسمية أوقفنا في يوم مضى من الأيام بث مسلسل (أخوة التراب) مراعاة لمشاعر أحفاد العثمانيين! ولكن هل يجيبُني أحدٌ لماذا أوقفنا في زمن الفضائيات المفتوحة بث مسلسل: (الطريق إلى كابول)؟ ما يحدث اليوم في المنطقة من استغلال للدين وتشويه له باسم الجهاد وما آلت إليه الأمور منذ ذهبنا نقاتل في أفغانستان والشيشان بعيداً عن أوطاننا إلى يومنا هذا، كل ذلك فيه الجواب عن سؤال: لماذا أوقفنا في زمن الفضائيات المفتوحة بث مسلسل (الطريق إلى كابول)؟!!
[email protected]