مسيحيو «14 آذار» يعزّزون القوة التفاوضية لـ «المستقبل»

الصراع حول دور «حزب الله» يؤخّر ولادة الحكومة في لبنان

تصغير
تكبير
في وقت تتصاعد موجة التفاؤل بتشكيل الحكومة الجديدة ضمن المهلة التي سبق لرئيس الجمهورية ميشال سليمان ان حددها للقوى السياسية للتفاهم على هذه الحكومة والتي تنتهي في 20 يناير الجاري، رسمت أوساط مشاركة في المشاورات الجارية بعض الشكوك حول إمكان ولادة حكومية عاجلة على النحو الذي يسود معظم المناخ الراهن الداخلي.

وقالت هذه الاوساط لـ «الراي» ان آخر ما بلغته المشاورات يتمثل واقعياً في حصيلة تُعتبر ايجابية للقاء الذي عُقد بين الرئيسيْن نبيه بري وفؤاد السنيورة وجرى التكتم على تفاصيل ما دار خلاله، ولكن عُلم ان السنيورة خرج منه بضوء اخضر من بري، المفوّض من الثنائي الشيعي، حول ثلاثة من الاسئلة الخمسة التي كان طرحها «تيار المستقبل» للتفاوض وهي تتعلق بالتخلي تماماً عن الثلث المعطل في توزيع الحكومة وإجراء المداورة الشاملة في الحقائب الوزارية وحق رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة في قبول او رفض اي اسم من الاسماء التي يطرحها الافرقاء السياسيون للتوزير. وبقيت تالياً نقطتان جوهريتان تتعلقان بالبيان الوزاري وخطوطه العريضة الاساسية ولا سيما موضوع ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة ومسألة التزام «اعلان بعبدا» وهما النقطتان اللتان تمسان مباشرة موضوع انسحاب «حزب الله» من سورية.


وتقول الاوساط ان هذه الحصيلة تستلزم عودة كل من بري الى فريقه والسنيورة الى فريقه، مع الاشارة الى ان لكل منهما تعقيدات لا يمكن التقليل منها. وقد فُهم ان الرجلين اتفقا على مهلة 48 ساعة لمعاودة الاجتماع، ذلك ان بري سيواجه عقدة معالجة رفض «حزب الله» اي التزام مباشر او غير مباشر بالانسحاب من سورية ويتمسك بإدراج موضوع المقاومة ولو بصيغة مختلفة عن السابق ضمن البيان الوزاري. كما يواجه عقدة لا تقل اهمية وهي رفض التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون المرجح التخلي عن حقائب معينة ومنها الطاقة تحديداً، علماً ان اي موقف لم يصدر بعد علناً عن عون الذي يقوم بزيارة للفاتيكان حول المشاورات الجارية وسط توقعات انه سيعلي سقف شروطه لدى مفاتحته من حلفائه بموضوع انضمامه الى الحكومة.

وفي المقابل، يواجه السنيورة كمفاوض عن تيار «المستقبل» تصاعُد موجة الرفض الظاهر من قوى 14 آذار المسيحية لحكومة جامعة، وإصرارها على حكومة حيادية او مستقلة على غرار ما اعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ولقاء النواب والشخصيات المستقلين ضمن فريق 14 اذار اول من امس. كما ان لتيار «المستقبل» نفسه شروطه المتشددة بلحظ الالتزام بإعلان بعبدا خصوصاً في البيان الوزاري كحجر زاوية الحد الادنى الذي لا يمكنه التخلي عنه تحت اي وطأة للمشاركة في الحكومة.

وفي ظل هذه المعطيات، تشير الاوساط الى ان التساؤلات التي أثيرت حول الانكفاء اللافت للرئيس المكلف تمام سلام تاركاً للوسطاء ان يمهدوا الطريق لمرحلة التشكيل النهائية وجدت تفسيرها في انه لم يتخل بعد عن ورقة تشكيل حكومة حيادية في اللحظة الحاسمة الاخيرة اذا فشلت المحاولة الجارية بين فريقيْ 8 اذار و14 آذار والتي يتولى كل من الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط خصوصاً تدوير الزوايا فيها.

وتقول الاوساط نفسها لـ «الراي» انه يتعين مراقبة الحركة في منزل سلام اعتباراً من غد او بعده باعتبار ان مقياس النجاح او التراجع سيتبيّن في ما اذا كان سلام سيتولى دفة التأليف التفصيلي والخوض في الأسماء وتوزيع الحقائب لدى التوصل الى بت معظم النقاط العالقة. ولذا يبدو صعباً توقُّع تشكيل الحكومة قبل الاثنين المقبل وربما بعده بساعات او ايام قليلة، ولكن ذلك لن يمثل مشكلة اذا انطلق قطار التأليف فعلاً.

يضاف الى ذلك ان انطلاق المحاكمات في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لاهاي غدا والتي سيحضرها الرئيس سعد الحريري مع وفد يجعل من الصعوبة بمكان توقع ولادة الحكومة وسط تقدم هذا الحدَث الى الواجهة الاعلامية وستتركز الانظار بعد ذلك على المواقف التي سيطلقها الحريري في مقابلة تلفزيونية مساء الاثنين المقبل ويبدو انه جرت برمجتها بدقة ويتوقع ان تحمل دلالات حاسمة لجهة الحديث عن المحاكمة والحكومة معاً.

وكان لافتاً امس الكشف عن ان الرئيس الحريري أجرى اتصالاً مطولاً جديداً مع جعجع تناول الملف الحكومي، وسط معلومات عن ان الرجلين أكدا وحدة الموقف في «14 آذار» ولا سيما في ظل التقارير عن اكثر من احتمال لهذه القوى حيال الملف الحكومي وهي: إما الدخول معاً او البقاء معاً خارج الحكومة، او يدخل «المستقبل» وتبقى «القوات» وربما أطراف مسيحية أخرى خارجاً ولكن ليس على قاعدة خلاف مع الحريري بل على قاعدة تنظيم التباينات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي