د. عالية شعيب / بوح صريح

ماما... عادي

تصغير
تكبير
الحق لا بد أن يقال، لأن الشمس لا يخفيها المنخل كما يقولون. حفنة من الاعلاميين والصحافيين ساهموا وتسببوا بالفساد والحضيض الذي تعانيه الدولة. وهذا واضح لكل مخلص متابع ومتأمل لما تكتبه أقلام هؤلاء من قذارات وتفاهات باتت تهدد بنية البلد الأخلاقية وهيكلها المجتمعي الانساني.

فأغلفة بعض المجلات ومتصدري العناوين ومانشيتات بعض الفضائيات لفارغي العقول، أو المتسلقين أو المتبرجين المتعرين أو التائهين فنيا أو ثقافيا أو فكريا. والبعض عليه علامات قانونية أو أخلاقية، وساهم بفضائح وتسبب بها، والبعض له تاريخ مشين، والبعض الآخر له تسجيلات فاضحة. كل هذا لا يهم. طالما أنه يدفع، ويضمن اتمام الصفقات أو المعاملات تحت مسمى (شيلني وأشيلك). أي اكتب وانشر أخبارك وصورك واصنع منك نجما غصب عن عين من يعترض. وأنت تفيدني بوظيفتي وعيالي وراتبي وخدماتي. هذا منطق بعض الاعلاميين والصحافيين. وهكذا ضاعت قيم وفضائل البلد، وأسس تقاليدها وأبسط أخلاقياتها. فالحرامي صار محبوبا والمعتوهة الضائعة صارت نجمة يتابعها الملايين. والسفيه صعد المنصات وحصد الجوائز. وقليلة الأدب والذوق أصبحت ضيفة لأهم البرامج. السبب، الاعلام وحملة بعض الاعلاميين لتدمير أخلاقيات البلد، والكل يتفرج. كانت ابنتي تتابع مسلسل لفنانة بتاريخ وحاضر منحط، قلت لها: لكنها كذا وكذا لمَ تتابعينها وتحبينها، أجابت: ماما عادي أحبها. وهكذا تحولت كلمة عادي لفلسفة مجتمع وجيل بأكمله، يبوق، يشتم عادي. تتعرى تشارك بفضائح مخلة.. عادي.


والأسخف ما يسمى بنكتة قائمة شخصيات العام التي يسطرها بعض الصحافيين ممن يقبلون الأيادي ويمسحون الأحذية ليصعدوا ويتسلقوا وسط صمت المتفرجين والمسؤولين. بناء على صفقات شخصية وفواتير مدفوعة مكشوفة. فالكل يعلم أن نفس الأسماء والشخصيات يتم تدويرها لنبتلع فشلها وحضورها المقزز وعجزها. وتدفع الدولة تنميتها فواتير لها. والملتقيات الثقافية تعكس تجمعات مافيا لتقوية حضور أعضائها على الساحة وفرضهم بالقوة على الصحف والشاشات والجوائز. والأمين العام جلب معه أتعس مرحلة ثقافية مر بها مجلس التعاسة، وهو آخر من يستحق تبجيله. أما الديناصورات الذين عفى على ابداعهم وانجازهم الزمن، فحفظنا أسماءهم وصورهم. أما من نشر باسمه كتبا منسوخة من غوغل، فلا يستحق أن يكون بالقائمة، وأما من تعلوه الشبهات هو وأمواله من رأسه لقدميه فلا يستحق حتى ذكره، وأما من يقبل الأيادي والأحذية ليصل فسفيه ولا نعتبره انسانا أصلا. ومن فتح بيته وكرس قلمه ليحصل على الولاء والرضا، فلا يستحق.

كفاية كذب ونفاق ومجاملات. فهذه البلد ما عادت تتحمل. والقلم جف حبره والورقة انطوت.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي