الباحثون عن فرصة الابتعاد عن ضوضاء المدينة نصبوا الخيام وجهّزوها لاستقبال الحدث

مخيمات البر على موعد مع... احتفالات رأس السنة

تصغير
تكبير
• الشباب الباحث عن السعادة باستقبال عام جديد يحتفلون بليلة رأس السنة كل على طريقته... ولكن «ضمن القانون»

• أضواء المخيمات ليلا تأسر العيون وتقود المشاعر إلى الاستمتاع بجو سقفه النجوم

• هنا بر الكويت... السعادة مطلوبة والإزعاج ممنوع
سيناريو يتكرر سنويا، في إعادة للعبة الكر والفر بين الباحثين عن الاستمتاع برأس السنة الميلادية الجديدة في أجواء البر الممتعة، وملاحقتهم أو بوجه ادق، متابعتهم من قبل القبضة الأمنية، الباحثة عن منع الظواهر الدخيلة والمخلة بقيم وعادات مجتمعنا.

في وسط الصحراء، حيث يحلو السهر والسمر، ينصب الباحثون عن متعة البر خيامهم، ويقوم البعض بالدعاية والإعلان عنها في أوساطهم المعروفة في انتظار ليلة السهر الكبيرة.


«الراي» انطلقت في العاشرة مساء الجمعة الماضية باتجاه بر جنوب الكويت وسط أجواء باردة، لرصد تجهيزات المخيمات للاحتفال برأس السنة الميلادية، وكانت المفاجأة تلك الاضواء المتناثرة على خيام مصممة على طراز «اوروبي» من حيث التجهيزات المفتوحة على الهواء الطلق، بينما لا يفصل تلك المخيمات عن بعضها سوى امتار معدودة، بالمقابل في الجهة الاخرى خيام متلاصقة مزينة بالألوان المتنوعة وبعضها وضعت لافتات بمسميات مغرية من مثل «نايت.... كلاسيك».

ولما أشارت عقارب الساعة الى الواحدة فجرا، تقدمت نحونا مركبة بينما كنا متوقفين عند احدى البقالات المحاذية لتلك المخيمات، وترجل منها شابان في مقتبل العمر، سألنا أحدهما عما اذ اضعنا الطريق، فكان جوابنا اننا نستطلع المكان بهدف تغيير الجو والبحث عن مخيمات لقضاء اوقات شبابية خلال رأس السنة. فرد الشابان بابتسامة ذات دلالات كثيرة، معلقين بان هناك عددا كبيرا من الخيام هي للاستمتاع باجواء البر اضافة الى الحفلات «الشبابية». وبعد عدة مناورات قال المتحدث: اتبعوني سأدلكم اين تجدون مبتغاكم!

وبينما تتبعنا مركبة الشاب على «دبايات» البر المتعرجة، تارة شمالا وتارة اخرى جنوبا، مرورا بمخيمات تزينت بأجمل حلة توقفنا امام احد المخيمات، وكان في استقبالنا وافد آسيوي، فقال الشابان هنا تجدون ما تريدون، وانصرفا بهدوء. فقال الآسيوي المتمرس جدا بفن التعامل، اذ يجيد اللهجة المحلية باتقان: هل تريدون ان تحجزوا مقاعد لحفلات رأس السنة؟! ثم اكمل شرح العرض: ما عليكم الا دفع مبلغ خمسين دينارا لتجدوا مكانا لقضاء ليلة ممتعة. ومع اصرارنا على رؤية المكان من الداخل قال اطلعوا على ما تريدون. ولما تقدمنا نحو الخيام كانت المفاجأة بصالات مصممة باحدث التقنيات واضاءة خافتة بألوان متنوعة وسماعات ضخمة، اضافة الى غرف النوم الكلاسيكية، وبعدها طلب منا الانصراف بعد ان فهم بطريقة او بأخرى باننا لا نريد فعليا حجز مقعد لليلة راس السنة.

ولأنها ثقافة «الصحراء» التي لا تعترف بـ«القيود» باعتبارها ملاذا امنا للحرية والانطلاق، يجد «الشباب» ضالتهم في تلك «الخيام» المصممة بمواصفات خاصة لتنظيم حفلات شهدتها مخيمات أخرى تعالت فيها اصوات الاغاني على ايقاعات «الدي جي» التي راجت صداها محولة سكون الليل ضجيجا لا يهدأ، إذ بدأت الاحتفالات من اسبوع ولا ينتهي الا بدخول العام الميلادي الجديد.

وفي طريق عودتنا التقينا مع مجموعة من الشباب الذين رفضوا ذكر اسمائهم ولا حتى التقاط صور، فأكدوا أنهم كل عام يحتفلون برأس السنة دون وقوع اي مشاكل، لافتين الى ان الاحتفال في الخيام بإقامة حفلات رائعة بعيدا كل البعد عن اي ممارسات غير اخلاقية، وانما للتسلية فلكل شخص طريقته الخاصة بالاحتفال، منهم من يشغل الالعاب النارية، ومنهم من يقوم بالتشفيط والتقحيص والبعض الاخر يستمتع بالرقص بالحفلات التي تقام هنا بعيدا عن المشاكل فالبر متنفسنا الوحيد.

واوضحوا ان لا مشاكل تحدث هنا وكل عام تشهد الصحراء «فناتك» جديدة سواء بتطريز الخيام او حتى بتجهيزها على النمط الذي يرغبون به، لذلك نحن لا نريد اي رقابة أمنية مشددة تعكر صفوة فرحة الاحتفال.

لكنهم شرحوا بعض ما يجري في خيام أخرى حيث قالوا إن بعض الخيام تحولت الى «بست» للرقص مجهز بالكامل، وأن تكلفة بعض المخيمات تجاوزت الـ 30 ألف دينار!

أبو خالد، مواطن التقيناه في طريق بحثنا فعبر عن استغرابه واستنكاره للاوضاع والتصرفات الشبابية التي شهدها خلال هذا الموسم، وقال «مع بداية الموسم نصبت خيامي وجهزت المكان بالكامل لترفيه العائلة، لكن الغريب في الامور هو تحول المخيمات المحاذية لي الى سهرات ليلية تصدح منها اصوات الاغاني عبر مكبرات الصوت غير مهتمين بالاخرين، وهم اغلبية كبيرة هنا، وإزاء ذلك قررت نقل مخيمي، لان الوضع لا يصلح للعائلات، والمدهش ايضا هو عدم وجود اي رقابة امنية تجول داخل المخيمات ليلا لترصد تلك الحفلات المقامة بشكل علني وللجميع، لانه خلال الليل يختلط الحابل بالنابل، خصوصا وان بعض الخيام متلاصقة جدا ولا يفصلها عن الاخرى سوى سياج بسيط، مؤكدا ان الوضع لا يصلح للترفيه.

ويؤكد ابو خالد انه مر بالكثير من المواقف خلال اقامته في البر من قبل بعض الشباب الذين يخرجون في ساعات الفجر الاولى ومنهم من يقوم بالتفحيط واخر يقوم بحركات بهلوانية خطرة جدا بالمركبة الامر الذي يعرض حياته وحياة الاخرين للخطر.

وطالب ابو خالد الذي اكد انه لن يمكث في المكان وانه يقوم حاليا بعملية النقل بعد ان زادت الامور سوءاً باقتراب احتفالية رأس السنة، بتكثيف الرقابة الامنية ورصد التصرفات التي تبدر من قبل بعض الشباب اضافة الى وضع دوريات تتنقل في ساعات الفجر لان الوضع اذا استمر على هذا الحال فالقادم لا يبشر بالخير.

وقبل مغادرتنا للمكان الذي يصعب به التصوير ليلا كونه محفوفا بالخصوصية، رصدنا مجاميع شبابية تمارس هواية التفحيط بالبر، اضافة الى قيادة احدى المركبات على عجلتين فقط، بتصرف غير مسؤول ومتهور معرضا حياته وحياة الاخرين للخطر، في حين لم نشاهد اي رقابة امنية بين تلك الخيام.

«مانبي مشاكل» ... للعائلات فقط

بعض أصحاب المخيمات للايجار، حريصون على تأجير مخيماتهم للعائلات فقط، خاصة لإجازة رأس السنة، قائلين مانبي مشاكل بالاجازة... مخيمنا للعائلات فقط.

ضيوف... تائهون

شباب «الانس» وعلى غير المتوقع، يضعون مخيماتهم بمحاذاة «الدبايات» أملاً ان يأتي ضيوف تائهون، ويشاركونهم الاحتفالات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي