براون ابتعد كثيراً عن بوش... فتراجع

تصغير
تكبير

| لندن - من إلياس نصرالله |


توقع مراقبون سياسيون بريطانيون أن تشهد أروقة الحكم في لندن، تغيرات جذرية في ما يتعلق بالسياسة الخارجية ومن ضمنها استقالة أو اقالة وزير الدولة للعلاقات الخارجية اللورد مالوخ براون، الذي ينادي بالابتعاد عن المخططات الأميركية.

ووفقاً للمراقبين، ادرك رئيس الوزراء غوردون براون أخيراً أن محاولته لإظهار نفسه أنه ليس «تابعاً» للرئيس جورج بوش كسلفه توني بلير، ذهبت الى أبعد مما اعتقد، فأقصى نفسه إلى حد بعيد عن بوش والولايات المتحدة لدرجة بدأت تلحق الضرر بالمصالح البريطانية والعلاقات التاريخية بين البلدين، فسارع إلى الإعلان في شكل مفاجئ أن «تقوية العلاقات مع الولايات المتحدة مهمة جداً على نحو لا يصدّق بالنسبة لمستقبل العالم بأسره».

ويبدو أن براون تأثر في الماضي بعض الشيء بالاتهامات التي كانت توجه إلى بلير على أنه انقاد وراء بوش من دون أي تفكير، خصوصا في الذهاب إلى الحرب على العراق، إلى حد أن بوش ذاته شعر انه محرجاً من الصورة التي رسمها الإعلام عن العلاقة بينه وبين رئيس الوزراء البريطاني في حينه، فدافع عنه في أحد مؤتمراته الصحافية وقال للصحافيين «بلير ليس كلباً مدللاً (بودل) لدي».

وشهدت العلاقة بين بوش وبلير لحظات حرجة، خصوصا عندما اذاعت وسائل الإعلام شريطاً مسجلاً لمحادثة شخصية بين بوش وبلير خلال مؤتمر الثمانية الكبار في منتجع غلين إيغل في اسكوتلندا عام 2005، حيث سمع بوش وهو يتحدث بنبرة غير لائقة مع بلير، ما أثار ضجة كبيرة ودفع بعض الصحف البريطانية إلى الدفاع عن بلير ومخاطبة الرئيس الأميركي بلهجة حادة قائلة: «أنت يا بوش احترم رئيس وزرائنا».

لذلك رغب براون منذ تسلمه رئاسة الوزراء الظهور أكثر تماسكاً من بلير وذا شخصية قوية ومستقلة. واهتم جداً بألا يجري تصويره بالصورة نفسها التي ظهر بها بلير أمام بوش، فسارع إلى اتخاذ سلسلة قرارات في ما يتعلق بالسياسة الخارجية البريطانية لتمييز نفسه عن بلير وإظهار نوع من الاستقلالية في اتخاذ القرارات. وأحاط نفسه بمجموعة من الوزراء والمساعدين الذين يؤيدون هذا الاتجاه.

وكان أول قرار لبراون هو تخفيض عدد القوات البريطانية في العراق وتسريع انسحابها من قلب البصرة في وقت أعلن بوش عن حملته الجديدة ضد معاقل الإرهاب والعصيان في العراق وفي بغداد في شكل خاص. كذلك أبدى براون منذ اللحظة الأولى له في مقر رئاسة الوزراء في شارع «داونينغ ستريت رقم عشرة» اهتماماً خاصاً بتقوية علاقات بريطانيا الأوروبية، خصوصا مع فرنسا وألمانيا ووضع حد للتردد الذي ابداه بلير تجاه الاتحاد الأوروبي ومستقبل الوحدة الأوروبية. فتقوية الاتحاد الأوروبي تعني في السياسة الدولية ظهور قوة جدية منافسة للولايات المتحدة، بل أن بوش راهن في الماضي كثيراً على دور بلير في إضعاف الاتحاد الأوروبي، فإذا بغوردون براون يقلب له المعادلة.

وقال مقربون من مكتب رئيس الوزراء، أن خطاب براون ليل الأثنين، خلال اللقاء السنوي مع اتحاد أصحاب الحرف الصناعية في غيلدهول في لندن، سيؤكد ما جاء في تصريحه ليل الأحد لفضائية «سكاي نيوز» عن اهتمامه بتقوية العلاقات مع الولايات المتحدة. ومع أن من غير المتوقع أن يتراجع عن القرارات السابقة التي اتخذها في شأن العراق أو الشأن الأوروبي، إلا أن براون سيعرب عن إيمانه بأن التقارب الواضح الذي يبديه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا مركيل تجاه الولايات المتحدة يسهِّل عليه في عملية إعادة الدفئ للعلاقات مع واشنطن.

وكانت تصريحات أطلقها مالوخ براون خلال زيارة براون الأولى كرئيس وزراء لواشنطن في الصيف الماضي، عن ان «بريطانيا لم تعد متصلة مع الولايات المتحدة كالتوأم السيامي» أثارت ردود فعل عالمية واسعة وأدت إلى «ركود» في العلاقات.

يشار إلى أن اللورد براون عمل في الماضي نائباً للأمين العام للأمم المتحدة وكان من المعارضين لقرار الذهاب الى الحرب من دون الحصول على ضوء أخضر من مجلس الأمن.

في المقابل (يو بي أي)، يعترف بلير في فيلم وثائقي تبثه «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) الأسبوع المقبل بأن علاقته مع وزير خزانته السابق براون شهدت مشكلات حقيقية. لكنه ينفى أن يكون أُجبر على التنحي عن منصبه، ويؤكد أنه خطط لتفكيك وزارة الخزانة في محاولة لإضعاف براون.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي