د. فهيد البصيري / حديث الأيام

العالم «العربدي»

تصغير
تكبير
كل عام وانتم بخير، فبعد أيام سيطل علينا باستغراب عام 2014، والتاريخ من فبركة الإنسان ولكن المستقبل من صنع يديه، والمشكلة ليست في أن نكتب تاريخا مزورا لا يعلى عليه، ولكن المشكلة في أن نجعل مستقبلنا مستحيلا أو جحيما لا يطاق.

وبمناسبة العام الجديد التقيت الدكتور فراس العيسى، والدكتور سهل العجمي وأعدنا اجترار سيرة التراث العربي المجيد التي درسناها في المدرسة، وقارناها بما يحدث لنا اليوم، وأجمعنا على أنه لا علاقة بين ما درسناه وما نراه اليوم مطلقا، فقد وصل الإنسان العربي إلى مستوى أخلاقي وضيع، وهذا ليس رأينا فقط بل رأي كثيرين من مفكري المجتمع ومثقفيه.


والغريب أننا لم نجد تفسيرا واحدا مقنعا لسبب ما نحن عليه اليوم، وليس هناك تبرير لما يجري، ولا حتى هدف سياسي يمكن أن نقول انه مقنع نوعا ما، فالعنف غير المعقول الذي يعيشه الإنسان العربي لا يحتمل، فمسلسل القتل اليومي للأطفال والنساء باسم الطائفية لم ولن يفضي إلى النصر المؤزر كما يعتقدون، ثم ما الهدف من قتل النفس التي حرم الله؟وهل هذا فعلا هو الإسلام؟ وهل الطريق إلى الجنة مملوء بالدماء والأشلاء؟

ومع أننا أمة اقرأ إلا أننا لا نقرأ ولا نريد أن نقرأ، لقد فقنا الغربان سوادا بأفعالنا ومع ذلك نعتقد أننا أجمل من الطواويس، فبتنا أكثر فسادا من الفساد، وأكثر إجراما من الصهيونية، وأكثر جهلا من الحمقى والمجانين، وأحكم كذبا من المنافقين.

يحل علينا يوم ميلاد السيد المسيح ودموعنا كدموع التماسيح. وتزين أشجار الميلاد بالأنوار ونحن نتشح بالسواد، وتقرع أجراس الكنائس بالبهجة والأمل، ونحن نقرع كفا بكف حسرة على ما نحن فيه، ويبقى وحدهم العرب دون بقية خلق الله غارقين في دمائهم، يمتهنون الذبح وكأنهم يمارسون طقسا دينيا مقدسا، ينادون بالاتحاد ثم يتقاتلون من أجل التقسيم، يغنون للمحبة ثم يتنادون السلاح، ينادون بالحوار ثم يعلنون الحرب على أنفسهم.

فأين نحن وأين الأخلاق من المجازر التي تحدث في سورية (والعالم العربدي )؟ أين الجدال من القتال الذي نشاهده كل يوم في مصر والعراق؟ لقد وصل الأمر بأن نغني للقتل والذبح حتى بتنا نغني: وبالذبح جيناكم! فهل الدفاع عن دين الله أن نقتل خلق الله؟! وهل فعلا نحن مؤمنون بأنه لا فرق بين عربي واعجمي إلا بالتقوى؟! إننا نعبد الله بما يخالف قول الله؟ وندعو الناس بالتي هي اقبح. ونفرق بين المرء واخيه! ونقتل النفس التي حرّم الله! بل ونقتل أنفسنا!فهل بقي شيء لم نقتله باسم الدين؟!

خلاصة الحديث، أن الإنسان العربي يعاني من مشاكل نفسية خلقتها التيارات الإسلامية المتطرفة والأنظمة السياسية الديكتاتورية، حتى كفر بكل الأفكار الإنسانية السامية وعاد القهقرى إلى عصر الجاهلية الأولى، بل وألعن. والله المستعان.

ولكني لا أستطيع إلا أن أقول : كل عام وأنتم بخير، وسلام عليكم بإذن الله، وسلام ورحمة للعالم أجمعين.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي