«القيادة السعودية يد واحدة ونتفق معها على إزاحة الأسد»

مسؤول أوروبي لـ «الراي»: وضعنا خطة لمراقبة تنقّل الأموال من دول كالكويت لمنع تمويل «الجهاديين» في سورية

تصغير
تكبير
• أفراد من دول الخليج يدعمون الإرهاب دون أن تكون دولهم متورطة

• دول المنطقة مستعدة للتعاون المصرفي المرتبط بمكافحة الإرهاب ومنع وصول التحويلات للإرهابيين

• «الجبهة الإسلامية» تستطيع قيادة سورية... ولا مانع من توجهها الديني

• لسنا متفائلين لأننا لا نملك القدرة للقضاء على «التكفيريين» ولا إجبار «حزب الله» على الانسحاب
تحوّلت الاجتماعات الاوروبية المتعددة المستوى التي انعقدت في بروكسيل قبل أيام الى ما يشبه «خلايا أزمة»، ناقشت الملفات الأكثر حرارة، لا سيما تلك التي «تقضّ مضاجع» الشرق الأوسط وتتطاير شظاياها الى «قلب اوروبا».

وبدا خلال هذه الاجتماعات ان «غيوماً سوداء» تحوم فوق المداولات التي قاربت «الشرّ المستطير» الآتي مع الأفكار العابرة للحدود، وسط توجّس اوروبي من مظاهر التشدد الديني والفكري التي تهبّ من الشرق الأوسط وتقتحم المجتمعات الأوروبية.

ورغم هذا الاهتمام المتعاظم بتلك الظواهر، فان الملفات المفصلية في المنطقة كانت محور المحادثات، من الملف الايراني في طوره الجديد، الى الملف السوري «الغريب الأطوار»، مروراً بالملفات القديمة - الجديدة في الشرق المدجج بالصراعات.

الملف السوري بدا وكأنه نقطة التقاطع مع كل الملفات الاخرى... فيخطئ مَن يظن ان وضع الملف النووي الايراني على سكة الحل سيفضي الى «أنهار عسل» بين واشنطن وطهران، لكن الأكيد ان الاتفاق على هذا الملف من شأنه تعبيد الطريق امام إمكان مناقشة الملفات الاخرى التي لا تقلّ حساسية.

ومَن يدقق في مناقشات بروكسيل وكواليس الاجتماعات فيها يدرك ان الغرب لا يعلق آمالاً على تعاون طهران التي سبق ان رفضت وضع يدها بيد «العم سام» خلال وجوده في العراق بغية «تنظيم الخلاف»، ورغم إعطاء حلفاء ايران الحكم في بلاد الرافدين، فان طهران منعت واشنطن من إنشاء قاعدة عسكرية لها في العراق، وهي تفسد عليها اليوم الامر عينه في افغانستان لان ايران لا تريد ان تصبح محاصَرة بالقواعد الاميركية من الشرق والغرب والشمال والجنوب.

هذا الاقتناع الغربي يدفع المجموعة الدولية الى عدم التعويل على تعاون مع ايران في الملف السوري الأكثر حساسية والذي يشكل مصدر القلق من ارتداداته التي تقتحم الداخل الغربي.

هذا القلق نقله مسؤول أوروبي بارز شارك في اجتماع الزعماء الاوروبيين في بروكسيل حين تحدث الى «الراي» عن ان «الملف السوري شائك ومتشعب لكثرة اللاعبين وتداخُل المصالح وكثرة الأعداء وعمق الأحقاد الشخصية - المذهبية وصراع العقائد المختلفة وتصدير الإرهاب الذي تغلغل في الشرق الاوسط الى العالم الحر»، مشيراً الى انه «لهذا السبب تجد المجموعة الدولية نفسها في موقف شبه عاجز عن إتخاذ القرار المناسب ووضع خطة متكاملة لحل الصراع الدائر في سورية. فمن الناحية الاستراتيجية ليس هناك اي مانع من تدخل دول الشرق الاوسط في الصراع لإزاحة الرئيس بشار الاسد عن السلطة شرط ألا يترك بعده الفراغ او تُسلّم السلطة الى الجهاد العالمي. وهذه هي خطوطنا الحمر التي أفصحنا عنها بوضوح لحلفائنا في المنطقة وللعاملين في الشأن السوري».

ولفت المصدر المسؤول الاوروبي الى ان «المملكة العربية السعودية لديها خط واضح في التعامل مع سورية، وهي يد واحدة متكاملة في الداخل وتعمل من خلال ذلك لهدف أساسي هو إزاحة الاسد، ونحن نتفق معها في هذا الشأن. وكذلك الحال بالنسبة الى دول عربية اخرى، وخصوصاً تلك التي اتُهمت بين الاوساط الدولية بدعم الجهاد العالمي كالكويت والامارات، فنحن على علم تام ان هناك بعض الافراد في الشرق الاوسط ينشطون في جمع الدعم اللازم للمتطرفين في سورية دون ان يكون لدولهم اي قرار في هذا الشأن، كما نعلم علم اليقين ان هذه الدول الشرق اوسطية تجد صعوبة في ايجاد توازن معيّن بين المذاهب لديها وبين مصالحها مع الغرب والمتشددين على ارضها الذين يدعمون الجهاد العالمي، لذلك وُضعت خطة عمل للمراقبة على تنقّل الاموال وعلى المصارف في الشرق الاوسط، وتم تشديد الاجراءات لمنع تمويل الجهاد، وقد اعربت دول الشرق الاوسط عن استعدادها التام للتعاون المصرفي المرتبط بمكافحة الارهاب ومنع وصول التحويلات المصرفية للارهابيين».

وعن الوضع الميداني في سورية، قال المسؤول عيْنه لـ «الراي» ان «المعركة الأعنف تدور اليوم بين أصحاب العقائد المتضادة، أي بين حزب الله من جهة وداعش والنصرة من جهة اخرى، فقد رأينا في عامين ونصف عام من الأزمة كيف ان النظام فقد السيطرة كلياً على معظم المناطق بما فيها أجزاء من العاصمة، قبل ان يتدخل حزب الله لمساعدته. وهنا حصل تصادم العقائد ما يجعلنا بين صراع العقيدتين حيث الاطراف المتنازعون يتحاربون ومعهم ملك الموت بجانبهم غير آبهين به، وهذا النمط من الصراع لا يدخل ضمن فلسفتنا ولا نريد التدخل به، اذاً فلا مكان لنا في هذا الصراع، وما نريد فعله هو العمل على حماية المدنيين ومساعدة المهجرين ومحاولة توفير أجواء سياسية مؤاتية ربما تساعد في ولادة دولة جديدة لا يكون للأسد مكان فيها. الا اننا غير متفائلين لاننا لا نملك القدرة اليوم للقضاء على التكفيريين او لإجبار حزب الله على العودة الى لبنان، ولهذا فان الوضع مرشح لاستمرار المعارك العنيفة وحرب العصابات والقتل المذهبي بين الاطراف لمدة طويلة لن يُكتب فيها النصر لاي من العقيدتين بل ستُستنزفان، وهذا ما لا يقلقنا ابداً».

واعلن هذا المسؤول ان «الجهة الاسلامية يمكن ان تكون البديل الصالح عن هؤلاء جميعاً. ولدينا معلومات كافية عن الجبهة تُرشِّحها لقيادة سورية لما تتمتع به من قدرة عسكرية ولما تملكه من كوادر سياسية مؤهلة للبروز، إضافة الى ما يتمتعون به من دعم شرق اوسطي»، كاشفاً عن «لقاءات على مستوى غير ديبلوماسي تحصل مع قيادة الجبهة الاسلامية، ونحن على معرفة بتوجههم الديني ولا مانع لدينا في ذلك، اذ يسيطر الدين كمرجع للشرائع على كافة البلدان الخليجية، وقد تأكد لنا عدم وجود اطراف من الجهاد العالمي في صفوف الجبهة حتى ولو جمعهم اليوم الهدف المشترك بالقضاء على حكم الرئيس الأسد، الا ان المعضلة تبقى امتناع حزب الله عن الانسحاب من سورية، وهذا ما نبحثه مع شركائنا في المنطقة».

واشار المسؤول الاوروبي الى ان «اجتماع المجموعة الدولية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر المقبل سيبحث جملة ملفات على رأسها الملفان الايراني والسوري وتداعياتهما على الغرب وعلى روسيا ايضاً، ونحن نتطلع الى روسيا كشريك حقيقي لمكافحة الارهاب ووقف عبوره الى القارات واستخدام نفوذها على ايران لتطبيق قراراتها بما يتعلق بالملفات التي يتم تداولها اليوم، نظراً للتأثير الذي يتمتع به الرئيس بوتين على الرئيس الاسد لإقناعه بعدم الترشح كمخرج لإنهاء الحرب وانسحاب حزب الله من سورية، وتالياً صبّ الجهود وتَضافُرها من اجل ضرب الجهاد العالمي المتنامي في سورية قبل فقدان السيطرة عليه».

وختم هذا المسؤول كلامه قائلاً ان من «المبكر جداً التحدث عن شهر عسل بين الغرب وايران، فما زالت لدينا ملفات جمة نتداولها، وقد تسير في شكل سليم كما قد تتعثر، الا انه لا شك ان ايران لن تمدّ يد المساعدة لنا في ملفات حساسة كملف سورية وكذلك التأثير على حزب الله لإخراجه من سورية، وتالياً فان عصر الصولات والجولات لا يزال على حاله ولن نتوهّم ان حمامات السلام بدأت ترفرف فوقنا عند اول اتفاق (نووي)».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي