تتباين طرق التدريس في المدارس حسب المرحلة والمستويات التعليمية والعمرية للدارس، وكذلك حسب طبيعة المادة العلمية، بل حتى اختلاف الموضوعات التي تدرس في المادة الدراسية الواحدة. لذلك يتفق التربويون والمختصون في علوم النفس والاجتماع أنه ليس هناك طريقة تدريس واحدة نقول عنها انها مثالية أو نموذجية، وإنما هناك معايير للعمل وخطط عامة لكيفية إعداد الحصة الدراسية، وأهمية التقيد للعمل بها تجنباً للفوضى، وتسهيلاً على جهاز التعليم في أن يتمكن من تقويم أداء المعلم، وما إذا كان قد حقق أهداف التدريس.
هذه المقدمة تقودنا إلى الحديث عن أداء المعلم وجودة التعليم في نظامنا التربوي الذي يعاني التراجع في أدائه، والخلل في جودته بشهادة المنظمات التربوية العالمية، والتقارير المحلية والخارجية التي تجعل التعليم في أدنى مراتب التنافسية العالمية... أين الخلل إذاً؟ ولماذا لا نعالج السلبيات ما دامت معروفة، خصوصاً أننا نكثر من الحديث عن أهمية المناهج وأداء المعلم، وأنه بحاجة إلى رخصة للعمل أسوة برخصة العمل لدى الطبيب؟
لقد مضت سنوات طويلة ونحن نتحدث عن رخصة المعلم، وكأن هذه الرخصة هي الدواء لشفاء النظام التعليمي المثقل بالعلل والمشكلات الإدارية والفنية، وبظواهر الهدر المالي والرسوب والتسرب، ويتواضع أداء المعلم أمام المناهج التقليدية التي تهدف الحفظ والتلقين وغيرها. وإذا كان المعلم حجر الزاوية في تقدم التعليم فإن المعلم بحاجة إلى معطيات ضرورية لتعزيز دوره وتفعيل أدائه وتميزه، خاصة وأن المعرفة متفجرة، وتكنولوجيات التعليم تزداد اتساعاً وتنوعاً، والانفتاح العالمي على مصادر المعرفة والمعلوماتية أصبح معقداً يصعب ملاحقة كل جديد. إن هذه وغيرها من عوامل أصبحت تشكل ضغطاً هائلاً على المؤسسة التربوية، وخاصة المعلم المطالب بالابداع ورقي الأداء ومتابعة المستجدات.
لذلك تهتم الدول بمراقبة أداء المعلم وتدريسه للناشئة، وما إذا كان سلوك التدريس، أي طريقة تحقيق أهداف التعليم متفقاً مع تطلعات المجتمع، لقد وجد أن هناك صعوبات تجاه الوصول إلى أهداف التعليم أبرزها الاختلال في سلوك التدريس الذي يقوم به المدرس في مدارسنا. ومن هذه الصعوبات أن نسبة كبيرة من المعلمين من الوافدين الذين أعدوا كمعلمين في ظروف وبيئات مختلفة، ولديهم مشاكلهم الخاصة ما يجعل سلوك التدريس أكثر عرضة للمشاكل والخلل الذي لا ينسجم مع البيئة المحلية، وبالتالي يحتاج إلى عمليات وإصلاح تلقي أعباء ثقيلة على كاهل النظام التعليمي، خصوصاً أن إعداد المعلمين المواطنين خلال العقود الماضية لم يتحقق بالشكل الذي أكدت عليه السياسة التعليمية من أجل الاكتفاء بذلك. فما نعايشه اليوم يعكس فشلنا في الاعتماد على أنفسنا في تدريس أبنائنا، وخاصة في مجالات تدريس العلوم والرياضيات. ولا أظن أننا سنتخطى حاجز العقبات التي تحول دون إعداد المعلم كماً وكيفاً وعلى نحو ينسجم مع مستقبل التعليم ما دمنا نسير وفق النهج التقليدي الذي يتكرر سنة بعد أخرى...
[email protected]