عزف الحواس / بين طيات ألبوم... وأحلام أرملة


كسواد الليل المعتم ارتدت فستانها لاول مرة بعد مرور شهور قليلة من زواجها، شيّدت مع ذلك الحبيب أحلاما كبيرة ارتفعت عظمتها... إلى تخيل الاحلام واقعا ،عاشت معه الحلم ليلة بليلة، وعندما يحين الظلام تبدا خيالاتهما في الإرتفاع وتشييد من اللاشي واقعا، تخيلا المنزل الذي سيمتلئ بالابناء والبنات، تخيلا سارة تشد شعر أخيها سعد وحورية تضرب انفال بالمضرب الاسفنجي، ولمياء الصغيرة تحاول السير والوقوف، وتضحك باستمرار على سقوطها. رحبت بالمعزين وتقبلت منهم أحزن الكلمات... «جعلها الله خاتمة الاحزان،تقبل الله عزاكم»، كلمات سقطت على قلبها كالسكين تدفع نظرات الحزن منها والشفقة بها الى الداخل، اسندت خالتها المنهارة على الكرسي وحملت من يد خادمتها كوب الماء البارد، وهي تسمع: «حرام كان ولدها الصغير الله يرحمة توه متزوج اعوذ بالله»... تكاد من غيظها وحزنها كسر ما بيدها وتحطيمه، يمنعها ذكرى شبح حبيبها وزوجها الذي هبط من السماء مبتسما يدعوها للهدوء.
تبتسم وتطبطب على ظهر خالتها الحبيبه: «صحة ياخالة خليك قاعده أنا بوجبهم ارتاحي»... لاتعرف تلك العجوز هل تبتسم شكرا لارملة جديدة، ام تبكي حزنا على ما أصابها من فراق ابنها وحبيبها الصغير.
اكتفت القلوب الحزينة بابتسامة صغيرة تبشر بالرضا القليل. نظرات نساء شامات من حولها واخريات تلومنها على موت الحبيب، وكأن قرار الحياة والموت بايدينا،عجوز خبيثة ألقت بكلمة شلت الارملة وهي خارجه: «احسن الله عزاكم وجعلها... آخر نحسكم واحزانكم»، ألجمت كلماتها الالسن بماذا تجيبها؟، فضلت السكوت والابتسامة فمازال طيف ذلك الحبيب يصبرها.
تأملت ألبوم المدرسة ثم التخرج ثم العرس ثم صور ابنها الصغير، الى ان وصلت لالبوم فارغ ستضع فيه اليوم صور تخرجه، ضمت الاوارق الى صدرها وبللتها بدموع ساخنة وتراقصت حولها احلام لم تكتمل مع الحبيب ابا سعد.
سعد خالد... امتياز مع مرتبة الشرف هكذا بدى الاسم واضحا للحضور، وقف رافعا يديه مشجعا اصدقاءه الذين وقفوا صفا الى جانب الارملة يغنون له، تسلم الشهادة وسار بخطاه مسرعا اليها كي يقبل راسها ووجنتيها: «هذي ك يا يمه والبوي الله يرحمه»... خالطتها المشاعر فتارة تبكي وتارة تبتسم وتضحك بصوت عالي.
حملت الشهادة وعلقتها على الجدار الى جانب شهادات ابنها القديمة، وفتحت الالبوم الكبير ووضعت فيه الصور وكتبت اهداء صغيرا اليه: «اليك أهديك أحلام فتية، أحلام امراة، أحلام زوجة،أحلام أرملة... تحقق الحلم يا خالد
حققت حلمنا وآن الأوان لأحقق حلمي كارملة سابني حياي من جديد بعيدا عن حلم قديم قد انتهى المشوار فيه»
وأغلقت الالبوم على كلماتها، وحملت البوم فارغ كتبت عليه للمستقبل واقع لا يدركه التعساء، وكلي أمل أن أحقق حلما جديدا.