المحللة السياسية الروسية أكدت أن بلادها أحد الأقطاب وتشكل محاولة توازن مهمة جداً في العالم

إلينا سوبونينا لـ«الراي»: العالم ليس قطباً واحداً اسمه أميركا

تصغير
تكبير
| حوار بشاير العجمي |

قالت المحللة السياسية الروسية إلينا سوبونينا إن على العرب أن يغيروا مفاهيمهم بأن العالم الآن ليس قطباً واحداً، وأن يتعاملوا مع هذا الواقع عمليا مشيرة إلى أن بلادها تشكل احد الأقطاب المهمة، وتمثل محاولة توازن مهمة جداً في العالم، يستطيع العرب الاستفادة من دورها، نافية في الوقت نفسه أن تكون روسيا اليوم بديلا للولايات المتحدة.

وقالت سوبونينا في لقاء مع «الراي» ان التغييرات الراهنة في الدور الروسي على مستوى الاحداث العالمية تأتي في سياق خلق حال من التوازن في الأدوار الدولية بعد انقضاء زمن «القطب الواحد» الأميركي، متنبئة بمستقبل واعد للتقارب بين روسيا والدول العربية، والخليجية خاصة.

واعتبرت ان التقارب المصري الروسي أعمق من عقد صفقات للسلاح واتفاقات عسكرية، مؤكدة إنه نابع من اتصال ثقافي بين الشعبين، وتواصل اقتصادي «فالقمح المصري مصنوع من القمح الروسي». ورأت ان فرص عقد مؤتمر «جنيف-2» قريباً رهن بمجريات مرحلة التحضير الحالية، وان اهم تحديات إيجاد الحل السياسي للازمة السورية يتركز في انقسام المعارضة السورية حيال مساعي الحل. وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:





• موسكو قصّرت في تقدير احتياجات الشعب السوري في بداية أزمته لكنها الآن تستدرك ذلك وتنفتح على المعارضة

• إشكالية مؤتمر «جنيف - 2» أنه لا توجد ضمانات في حال حدوثه لحل الأزمة السورية وإنهاء الحرب

• روسيا مستعدة لتطوير علاقاتها مع الخليج الذي توجه إليها حالياً ... وعلاقاتنا مع الكويت الأكثر متانة

• العلاقات بين القاهرة وموسكو أعمق من صفقة سلاح ... فالخبز المصري مصنوع من قمح روسي





• ما اهم التحديات التي تواجه عقد مؤتمر «جنيف2» برأيك؟

- يزور موسكو حالياً وفد سوري رسمي رفيع المستوى مؤلف من السيدة بثينة شعبان وفيصل المقداد، بغرض مناقشة التحضير للمؤتمر. وأهم التحديات التي تواجه هذا المؤتمر برأيي موقف المعارضة السورية التي وافقت أخيراً على حضور المؤتمر، وهذه الموافقة، اضافة الى انها جاءت متأخرة، فإنها أيضاً شهدت انقساماً في الرأي بين أفراد المعارضة أنفسهم. واعتقد ان الانشقاقات في صفوف المعارضة تؤثر سلباً بصورة واضحة على مساعي التوصل الى حل سياسي لحل الإشكالية السورية التي تقوم بها روسيا.

• في أي سياق تقرأين دعوة روسيا للمعارضة السورية للحضور الى روسيا ومناقشة ملف الحل السياسي للازمة؟

- وجهت روسيا دعوة مفتوحة للمعارضة السورية للحديث في إمكانيات معالجة الحالة السورية، وعلى المعارضة الان اختيار الوقت المناسب لها والذهاب ومناقشة القضية. وارى ان روسيا أثبتت ان لديها الاستعداد للجلوس مع أطراف غير السلطة السورية، وهذا يثبت جديتها في البحث عن حل سياسي للمعضلة السورية.

• هناك رأي يقول ان روسيا في الحقيقة تسعى لإفشال مؤتمر «جنيف-2» من خلال العمل على شروط غير واقعية لعقد المؤتمر؟

- لا اعتقد ذلك أبداً. ربما في بداية الأزمة السورية حدث تقصير من الجانب الروسي في تقدير متطلبات الشعب السوري، وفي تقدير موقف المعارضة وكنت شخصياً من القلة الروسية التي وجهت انتقادات للمسؤولين الروس بهذا الخصوص. ولكن الان هناك استدراك واضح من الجانب الروسي ومحاولات لفتح أفق مع المعارضة السورية وهناك اتصالات بكل من الطرفين، ومحاولات للعمل بشكل متوازن مع الجانبين الرسمي والمعارض.

• ما هي بنظرك أسباب السعي الروسي للانفتاح على المعارضة؟

- في بداية الأزمة كان هناك اعتقاد روسي بإمكانية الدولة السورية احتواء الأزمة، ولكن مع استمرار الصراع تبين للجانب الروسي عمق الإشكالية، والصعوبات على مستوى الحالة الشعبية السورية، فقرر الروس تعديل توجهاتهم بما يتناسب مع واقع المشكلة. وهنا اذكر بالمبادرة الروسية بشأن الأسلحة الكيميائية، وهي مبادرة مهمة سعت لمعالجة الوضع بشكل فعلي، ويجب ألا نغفل ان معظم الدول حتى العربية لا تؤيد توجيه ضربة او عدوان عسكري على سورية، ومن هنا تتضح أهمية التحرك الروسي وقيمته في الحالة الراهنة.

• هل لا يزال هناك أمل بعقد مؤتمر جنيف-2 في شهر ديسمبر؟

- الى الان يوجد امل، ولكن الإشكالية ان تأخير عقد المؤتمر يطيل امد الحرب الاهلية في الارض السورية وهذا هو المضر. واما في ما يتعلق بعقد المؤتمر في ديسمبر فالامور ستتضح اكثر بعد انتهاء اللقاء التحضيري بين الوسطاء الدوليين الذي سيعقد في 25 او26 الجاري بين الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة، ومشاركة من الاتحاد الاوروبي، فمن الممكن ان تجري الأمور بطريقة جيدة مع التأكيد على الصعوبات الكبيرة التي تواجه عملية التحضير لهذا المؤتمر، إضافة الى اشكالية أخرى، وهي انه لا يوجد ضمانات حتى في حال عقد المؤتمر ان يسفر عن حل للمشكلة السورية. فالنزاع مستمر كما تشير محاولات رصد الحالة الراهنة. والحقيقة ان جنيف 2 ليس مؤتمر واحداً وإنما سلسلة خطوات تهدف الى التوصل الى حل سياسي للقضية السورية بالتالي هناك خطوات مستمرة.

• ماذا عن العلاقات الخليجية الروسية؟ هل هناك أفق لتطويرها في إطار الأدوار الجديدة للقوى الدولية الدائرة حالياً؟

- هذه العلاقات بحاجة الى التطوير اكثر، وروسيا تبدو مستعدة لهذا الامر. وبعد طرح المبادرة الروسية بشأن الأسلحة الكيماوية نشعر الان ان هناك توجها خليجيا للتقارب مع روسيا ولتقوية العلاقات بكل دول منظومة مجلس التعاون الخليجي. وروسيا بالفعل سعت للتقارب مع الدول الخليجية وكان هناك منذ زمن مقترحات روسية للاجتماع مع مسؤولين خليجيين لتطوير العلاقات.

وبالنسبة للعلاقة الثنائية بين الكويت وروسيا فهي تاريخياً متميزة، فالكويت من اكثر دول الخليج متانة مع روسيا وهناك تبادل ثقافي متميز بين البلدين.

• هناك محاولات للتقارب حاليا بين روسيا ومصر تم التعبير عنها باجتماعات جرت أخيراً، ما رأيك بهذا التقارب؟ وهل يأتي على حساب العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر؟

- العالم الان ليس قطباً واحداً. والعالم العربي بحاجة الى ان يفهم ذلك، ويتعامل مع هذا الواقع بعملية. فروسيا تشكل احد الأقطاب المهمة وهي تمثل محاولة توازن مهمة جداً في العالم. ويستطيع العرب الاستفادة من الدور الروسي باعتقادي ولكن الاعتقاد بان روسيا اليوم هي بديل للولايات المتحدة فهذا أمر غير واقعي برايي،واستبعد ان تكون مصر باحثة عن بديل للعلاقات بالولايات المتحدة.

• والتعاون العسكري بين الجانبين المصري والروسي كيف تنظرين اليه؟

- هناك تضخيم في ما يجري تداوله اليوم في الإعلام، فالحديث عن مليارين الى اربعة مليارات في ما يتعلق بأثمان الصفقات العسكرية بين الجانبين حديث خيالي الى حد كبير. والصفقات العسكرية ستتم ولكن بأقل مما تمت اشاعته، ويجب ألا ننسى ان هناك صفقات كانت موجودة منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وتوقف العمل بها بسبب الأحداث المصرية في يناير 2011. ومن وجهة نظري اعتقد انه لا ينبغي التركيز فقط على الجانب العسكري، فالسياحة الروسية لمصر سجلت العام الماضي 2.5 مليون زائر في ذات الوقت الذي انخفض فيه عدد السياح من أميركا وألمانيا بسبب الخوف من الظروف الأمنية وعدم الاستقرار. فالعلاقات التاريخية والثقافية بين الشعبين المصري والروسي اهم بكثير من صفقات الأسلحة، فالخبز المصري مصنوع من قمح روسي فهي المصدر الأساسي للقمح الى مصر.

اضافة الى انه وحتى في الجانب العسكري، قد يكون فيما يجري حالياً فرصة لإعادة تشكيل العلاقات المصرية الأميركية، فلماذا مثلاً تتركز الاستثمارات الأميركية في الجانب العسكري وعقد صفقات الأسلحة؟ فيما يمكن ان تستثمر الولايات المتحدة في مشروعات تختص بالتكنولوجيا وتنمية البحث العلمي وتطوير العلم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي