| د. حمد العصيدان |
منهج جديد أوجده رئيس مجلس الأمة الجديد مرزوق الغانم في التعامل مع الشأن المحلي، اتسم بالروح الشابة التي برزت منذ افتتاح دور الانعقاد الماضي للمجلس الجديد.
فبدءا من الاستفتاء الشعبي «غير المسبوق» محليا، وصولا إلى الجولات النيابية على المشاريع الحيوية التي تنفذها الجهات الرسمية في الكويت، وما بينهما من عمل نيابي عكس الروح الحديثة التي سادت في العمل البرلماني والتي واكبها تناغم حكومي، عندما وجد الوزراء أنفسهم مرغمين على السير في الطريق نفسه فكانت الهمة العالية للعمل الوزاري، والمتابعة الحثيثة لبرنامج العمل الحكومي الذي استأنس بنتائج الاستفتاء النيابي الشعبي، ليكون عمل السلطتين متناغما ويحقق النتائج المرجوة.
وبعيدا عما يظن البعض أنه مدح لهذا الطرف أو ذاك، فإننا سنتطرق إلى قضية مهمة تتعلق بهدر المال العام التي تكشفت عبر الجولات النيابية على المشاريع، وإن كانت من قبل متكشفة، ولكن الرئيس الغانم وضع اليد على الجرح وكشف ما كان يتستر بورقة التوت، فقد قال أبو علي بعد الجولة النيابية الثانية يوم الخميس الماضي على المشاريع الحكومية والتي شملت كلا من مستشفى جابر وشارعي جمال عبدالناصر والجهراء، إن هناك تأخيرا واضحا في إنجاز المشاريع عن وقتها المحدد، وزاد في نقد هذا الوضع بأن المبررات التي قدمها المسؤولون في زيارة الخميس تتشابه مع ما قدموه في الزيارة التي سبقتها إلى جامعة الشدادية، وأن تلك المبررات غير مقنعة ويمكن تلافي بسهولة. تصريح الغانم يفتح ملفا مهما يتعلق بالهدر الكبير في المال العام الذي يتمثل فيما يرافق تأخر إنجاز المشاريع مما يعرف باسم «الأوامر التغييرية» التي تعني مزيدا من المال مع كل تغيير يحدث نتيجة التأخير من ارتفاع أسعار مواد الإنشاء وغيرها أو ما يعني من تغييرات. فالمعروف أن أي مشروع عندما يقر وتوضع ميزانيته تكون قد سبقته دراسات حددت مدة التنفيذ وتكاليفه الدقيقة التي تشمل ما قد يعترض التنفيذ من معوقات، وبالتالي فلا يوجد أي شيء للصدفة في خطة سير التنفيذ، ولكن بقدرة قادر تعترض المشروعات مطبات ومعضلات تتطلب إيجاد مخارج قانونية لذلك فيتم اللجوء إلى ما يعرف بالأوامر التغييرية، التي أراها تلاعبا وهدرا للمال العام أكثر من كونها حاجات ضرورية أوجدها مستجد الإنشاء.
هذا الأمر رآه الغانم مكررا بين مستشفى جابر وجامعة الشدادية، بينما كان العمل يجري في مشروع شارع جمال عبدالناصر بسلاسة وضمن الإطارين الزمني والإنشائي دون معوقات، وبالتالي هذا الأمر يطرح تساؤلات مهمة وجوهرية عن سبب تعثر المشروعين الأولين بينما المشروع الثالث يسير في طريقه السهل وبلا عوائق، مع أن الظروف المحيطة بالمشاريع الثلاثة واحدة زمانا ومكانا وإمكانيات، ولكن هناك فرق واحد هو الذي يحدث الفرق في تأخير المستشفى والجامعة ومواصلة الشارع طريق الإنجاز، هذا الفرق يتعلق بالجهة المنفذة.
لو رجعنا بالذاكرة قليلا الى الوراء نجد الظاهرة تتكرر، وهنا أعني المشاريع السكنية، فهل تذكرون مشروع سكن جنوب السرة، وكيف عجزت وزارات الدولة عن مواكبة إنجاز السكن، فالسكن تولته جهات خاصة بعد استلام المواطنين الأرض وسكنوا قبل أن تنفذ وزارة الأشغال مشاريع البنية التحتية من شوارع وصرف صحي وخطوط هاتفية وغيرها، وظل الأهالي يعانون الأمرين في الخروج من مساكنهم لنحو ثلاث سنوات ولا سيما في الشتاء حيث تتحول المنطقة إلى بحور ومستنقعات.
في النتيجة مما نخرج به من التجارب السابقة ومما شخصه رئيس مجلس الأمة أن إيكال المشاريع لشركات القطاع الخاص من الألف إلى الياء أفضل للدولة في أكثر من مجال، أولها الإنجاز في الوقت المحدد وثانيها وهو الأهم التخلص مما يعرف بالأوامر التغييرية التي تكبد الدولة أموالا طائلة يذهب أغلبها إلى جيوب من يسعون لتمرير تلك الأوامر.
[email protected]@Dr_alasidan