القراء يكتبون / ما هكذا يكون الاحتراف!

تصغير
تكبير
لقد طالعتنا وسائل الاعلام المحلية بخبرٍ، وكأنها مبتهجة به وهو انتقال أحسن اللاعبين الكويتيين، (بدر المطوع) إلى النادي الاهلي، في السعودية الشقيقة، ولكن المرء وان احس بالسرور في بادئ الامر فسيكون مآل هذه الفرحة هو الحزن والاسى، وذلك بعد تقليب النظر في هذه القضية.

وتفصيل ذلك يتبين في أن الاحتراف ليس غاية هو بحد ذاته، وانما هو وسيلة لرفع مستوى اللاعب. وذلك يعوزه أمر آخر لتحقيق هذا الهدف، ألا وهو كون مالك النادي هو من يدير النادي ويتصرف بشؤونه. ولمن يطلب البرهان، فتقريبا، كل اندية العالم تكون على هذا النمط والصورة. ويكفي لتحقيق هذا القول النظر في مواقع شبكات المعلومات على الحاسوب (الكمبيوتر) لمعرفة ذلك، عدا، بالطبع، اندية العالم العربي والاسلامي إلا ما شذّ من تلك البلاد أو من بعض انديتها.

وأهمية كون من يملك النادي هو من يديره... تكمن في حرصه على ملكه واستثماره التجاري فيه، اللذين يدفعانه إلى التشدد في متابعة ومراقبة اللاعبين في مدى التزامهم بمتطلبات رفع مستوى الاداء... من تدريبات المهارة واللياقة وطرق اللعب وتنفيذ خطط المدرب في المباريات على الوجه الامثل. لان كل ذلك، بالنسبة إلى مالك النادي، هو تهيئة لنجاح استثماره التجاري في النادي. حيث الفوز في المباريات والتألق في البطولات إنما هما عاملان لزيادة الدخل، وبالتالي، على المدى، تتحقق الربحية التجارية. وذلك يتمثل من خلاله كونهما عوامل جذب للاعلانات، والدعايات، ورعاية الشركات التجارية الكبيرة، ومحطات النقل التلفزيوني المشهورة والتي تدفع أكثر!

ومحصلة كل ما تقدم أن اللاعب يرتفع مستواه ارتفاعا لافتاً للنظر، خاصة، ونحن نعلم، الآن، أن ادارة الاندية التجارية تفرض على لاعبيها نظام حياة، خارج الملعب، من عادات في الاكل والنوم والراحة... وحتى العلاقة الزوجية الحميمة، لا بل اصبحت مهنة لعب كرة القدم من اكثر المهن الاحترافية تدخلا في حياة اللاعب الشخصية... حتى قصة أو تسريحة شعره ممكن التدخل بها!!!

فكيف ينتقل لاعب من ناديه الحكومي إلى ناد آخر... حكومي يماثله في كل أو اغلب مكوناته، من صرف من الدولة لتسيير نشاط النادي، وامتلاكها لمنشآته، واناطة ادارته بمجلس ادارة منتخب من اعضاء الجمعية العمومية، وهم الافراد المنتسبون إلى النادي كأعضاء فيه لقاء رسوم يدفعونها سنويا، وهؤلاء من يديرون النادي مهما بلغ بهم الاخلاص والكفاءة الادارية في مجال المؤسسات الرياضية... لم ولن يستطيعوا مجاراة من يملك النادي ويستثمر فيه امواله في حرصه على عمل المستحيل، إذا جاز هذا، لكي يرتفع مستوى لاعبيه، لان زيادة ماله أو خسارته تكون على المحك، كما قد اسلفنا. اما في الاندية الحكومية فليست هناك من عوائد مالية أو خسائر مرتبطة بالفوز والخسارة بالمباريات يتأثر بها اعضاء مجالس الادارة أو الجمعية العمومية بصفة شخصية.

ولذلك لا نعلم وجه الكسب الفني، ارتفاع المستوى، الذي سيتحصل عليه اللاعب الكويتي أو الخليجي حين ينتقل من ناد في دولة إلى نادي (خليجية) اخرى إلا بعض الكسب المالي من خلال الراتب، وكم من المال يتقاسمه مع ناديه الاصلي لقاء البيع أو الاعارة... ولربما للنادي تكون حصة الاسد من ذلك.

لا بل والشواهد كثيرة... ما انتقل لاعب كويتي للعب في أحد الاندية الخليجية... إلا رجع، من الناحية الفنية، بخفي حنين، تراجع ظاهر في المستوى زائدا الاصابة التي تزيد الطين بلة في تقهقر ادائه... حتى بعد الشفاء منها حين يستقر عائدا في الكويت!!

ومن يرد التثبت من ذلك، فعليه البحث عن اسماء اللاعبين الذين احترفوا في الاندية الخليجية... ثم كان ماذا تغير في ادائهم نحو الاحسن!

ولديّ حاضر في ذهني اسماء معروفة ولكن لا اود احراج اصحابها بذكرها، فالغرض موضوعي لا شخصي!

لذلك، ولذلك كله، فرحنا وطبلنا حينما علمنا أن اللاعب (بدر المطوع) سيتعاقد مع نادي (ملقا الاسباني) قبل ثلاث سنوات، تقريبا، ولم تكتمل الفرحة، وتلك الحال، قبل سنة ونصف السنة، على وجه التقريب... حينما سمعنا بان (نونتغهام فورست) والذي يملكه من يعشق (نادي القادسية الكويتي)... الاستاذ فواز الحساوي.... سيتعاقد مع (بدر المطوع) و(حسين فاضل) و(خالد الرشيدي)... ولم يتحقق شيء.

فهل نحن نفضل (ملقا) الاسباني، و(نونتغهام فورست) الانكليزي على الاندية الكويتية والخليجية... افضلية محبة وتقدير واعتبار... لا، مطلقا... وان كانت تلك الاندية الاجنبية مملوكة لاشخاص كويتيين أو خليجيين، (ملقا) مملوك من قبل قطريين... ولكن القضية هي قضية فنية بحتة لا مجال للعواطف بها. فتلك جارية على النظام التجاري الصرف المجدي، كما بينّا سلفا، في رفع مستوى اللاعبين، اما الاندية الخليجية فسالكة مسلك الخدمة العامة المجانية التي توفرها الدولة كجزء من دعم نشاطات المجتمع الثقافية والفنية والرياضية... ليس إلا!

والنتيجة المحتومة المتمخضة عن انشطة وفعاليات الاندية الخليجية، والكويت الاسوأ فيها، هذه الهوة الكبيرة بين مستويات المنتخبات في دول الخليج وبين نظائرها في اليابان، وكوريا الجنوبية، وايران، واستراليا...

ويا ترى كم من الزمن ستبقى المقاعد المخصصة لدول قارة (آسيا) في نهائيات كأس العالم حكراً على تلك الدول...

هذا ما لا ندريه... ولكنه على أي حال ليس في المستقبل المنظور... وإذا بقينا على حالنا ولم نخصص الاندية كشركات تجارية، على الاقل، في كرة القدم كفاتحة لبقية الالعاب.

فأخشى ما نخشاه أن نفقد الامل في بلوغ تلك النهائيات حتى على منظور المستقبل البعيد... لا بل نيأس ونقطع الرجاء... لا بل وحتى الامل من ذلك... نهائيا!!

قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وصدق الله العظيم... فلم نغير من وضعنا وان كان في الرياضة، حتى تتغير نتائجنا فيها.

وقال تعالى (له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه)، وصدق الله العظيم... فنحن ننتظر معجزه أن نصبح يوما ما، فاذا بلاعبينا يضاهون بلعبهم لاعبي افضل الدول الآسيوية بكرة القدم، لا بل يكونون بمستوى لاعبي الدول المتقدمة في العالم!!!

ماذا عليها حكومات دول الخليج لو وهبت الاندية بمنشآتها، وعقود لاعبيها... إلى رجال الاعمال الخليجيين... وما على هؤلاء إلا معاشات اللاعبين بقدر مجزٍ عن مزاولة مهنة اخرى... ودعمت هذه الحكومات اولئك المستثمرين بقدر معقول من المساعدات المالية السنوية، واعفتهم من اي رسوم أو ضرائب... حتى يستثمروا في بلدانهم... في انديتها، ولو بكرة القدم، فقط، كبداية، لئلا يذهب اولئك التجار للاستثمار في الاندية الاوروبية. وبالتالي، اللاعب الخليجي يظل في مكانه يراوح... ومستواه من سيئ إلى اسوأ؟





أحمد محمد الفريح
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي