اسيل سليمان الظفيري / إنارة / انتبه... لما لم تقله

تصغير
تكبير
| أسيل الظفيري |

الكلمات التي ننطقها هي ثمرات أفكارنا التي نؤمن بها، يستطيع أن يستدل بها الآخر على طريقة تفكيرنا ومفاهيمنا تجاه أي مسألة، كما أن الكلمات تكشف عن المشاعر والتوجهات تجاه أي قضية، إذا أمعنا النظر بالكلمات التي ننطق بها ونحن في حال النصيحة للآخر نجد أن حديثنا يكون بمنتهى التعقل والحكمة، والسبب في هذا أننا هنا نتكلم بصوت العقل فقط، دون إلحاح الشهوات والرغبات في نفوسنا، إذ يكون المرء متوازنا بكلماته ومشاعره، احيانا نتعرض لمواقف قد يظهر فيها التباين بين ما ننصح به الآخر وسلوكنا، لأننا نكون وقتها قد وقعنا تحت تأثير شعور معين أو تملكتنا رغبة في تحقيق مصلحة ما.

يقع بعض المربين بتناقض مثل هذا، فعندما يصر الابن مثلا على شراء قطعة ملابس بدافع إنها «ماركة» نتذمر نحن المربين ونتهم طريقة تفكيرهم بالسطحية والتقليد الأعمى لأقرانهم، ومن جانب آخر إذا أردنا أن نمدح سلعة معينة نصفها بنبرة حماسية بأنها «ماركة!!!»، وكذلك عندما نسرد المحاضرات على أبنائنا على ضرورة أن يملك قيمة الجد والمثابرة للحصول على أعلى المراتب، ثم ننسف هذه القيمة عندما يتحدث المربي بمكالمة هاتفية مع صديقه على مسمع من ابنه بأن فلاناً محظوظاً لأن عنده واسطة، وفي حال إذا تجاوز احد الأبناء على الآخر نوجهه بـ «احترم نفسك عشان الناس تحترمك»، وإذا ذهبنا برفقته إلى الطبيب يرى تفنن والده أو والدته بتجاوز طابور الانتظار دون أي اعتبار لحقوق الآخرين، مثل تلك الأفعال التي يقوم بها المربي والتي يظهر فيها تناقض قوله وفعله، تكسر عند عتبتها للأسف مجموع النصائح والمواعظ التي يلقيها على أبنائه.

يستقي الأبناء القيم والمفاهيم من الأسرة بطريقتين، قول المربي وفعله، وإذا تعارض هذا وذاك كان الفعل أبلغ من القول في توصيل الرسالة، فأفعالنا هي الكلمات التي لم نقلها، ولكنها بلا شك الأكثر تأثيرا، مسؤولية نقل الافكار والمفاهيم لا تتم بكثرة المواعظ فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم تخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة أي لا يكثر عليهم المواعظ، فالمربي متى ما استطاع أن يكون أنموذجا متوازنا بين ما يؤمن به وما يسلكه، كانت أفعاله وكلمانه نبراسا يهدي بها غيره.



@AseelAL-zafiri

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي