«حزب الله»: الأجهزة الأمنية قالت لنا إنها عاجزة عن حماية الضاحية ويجب أن نُشكر على إجراءاتنا

مخاوف من أن يصبح لبنان مسرحاً لتجاذبات استولدتها «التسوية الكيماوية» السورية

تصغير
تكبير
| بيروت - «الراي» |

بدا في حكم المستبعد تماماً ان يطرأ اي عامل سياسي ايجابي على الواقع اللبناني الحالي من شأنه ان يعيد إحياء الآمال في تحريك الملف الحكومي المأزوم أقلّه قبل مرور أسابيع عدة لتبيُّن نتائج الحسابات الجديدة التي ستحكم مواقف الافرقاء اللبنانيين عقب تطورات التسوية الاميركية الروسية حول الاسلحة الكيماوية في سورية، وكذلك بلورة انعكاسات سياسات المحاور الاقليمية حيال هذه التسوية.

ولا تنظر مصادر لبنانية معنية بمواكبة الجهود المبذولة للاقلاع بمرحلة جديدة من الجهود الداخلية بارتياح الى المناخ الطالع على لبنان في ظل هذه التسوية الثنائية استناداً لمجموعة وقائع من المتوقع ان تبدأ في الظهور تباعاً، ومن أبرزها النقاط الآتية: 

 اولاً: تكشف المصادر ان ثمة خشية من ان يصبح لبنان مسرحاً لتجاذبات حادة استولدتها التسوية الاميركية الروسية بين محور حلفاء النظام السوري ومحور معارضيه على المستوى الاقليمي والعربي اذ ان هناك مؤشرات الى ان حلفاء النظام سيستغلون نجاة النظام من ضربة عسكرية كانت تبدو حتمية للمضي في الإمساك أكثر فأكثر بما يملكون من أوراق ضاغطة. وتبعاً لذلك، تستبعد المصادر اي ملامح حلحلة في الأزمة الحكومية اللبنانية لان فريق 8 آذار لن يسمح بأي حكومة جديدة، وبات من المسلّم به انه يتمسك بحكومة تصريف الاعمال الراهنة حتى موعد الانتخابات الرئاسية في مايو المقبل وربما بعده ليفرض وقائع مختلفة على البلاد، ما لم يحصل ما يحول دون قدرته على المضي في هذا المنحى. 

 ثانياً: وسط الانسداد السياسي المرشح للاستمرار طويلاً، تُقبِل البلاد على استحقاقات أمنية واقتصادية واجتماعية من شأنها ان تعيد تصعيد الصراع السياسي بين فريقيْ 14 اذار و8 اذار بقوة ومن بينها ظاهرة الامن الذاتي التي يتولاها «حزب الله» خصوصاً في الضاحية الجنوبية. ذلك ان المرحلة الاخيرة عكست مزيداً من مضي الحزب في التشدد في تطبيق اجراءاته غير آبه بأي مواقف او اعتراضات على هذه الاجراءات بدليل حصول حادثين متعاقبين تعرّض فيهما عناصره بخشونة بالغة لصحافيين ولم تُلق ردود الفعل على الحادثين ايّ اثر على اجراءاته.

وتقول المصادر ان هذا المنحى بدأ يشكل علامة شديدة الاذى للقوى الامنية والعسكرية المتواجدة الى جانب حواجز الحزب في الضاحية كأنها شاهد زور على أمنه الذاتي، كما ان ملامح المضايقات التي يتسبب بها بدأت تنعكس على سكان الضاحية انفسهم.

والى هذا العامل فان المصادر تتوقع ان يثير الكلام عن نقل كميات من الاسلحة الكيماوية من سورية الى ترسانة «حزب الله» - ولو انه كلام غير مثبت ودونه صعوبات ومخاطر كبرى تتعلق بوسائل النقل والتخزين والخروج من «عين» الرصد الاسرائيلي - مزيداً من الاحتدام حول السلوكيات الامنية للحزب بما من شأنه قطع الطريق على اي تسوية سياسية داخلية في المرحلة الطالعة. 

ثالثاً: يبدو واضحاً في المقابل ان لا المراجع المعنية بتشكيل الحكومة ولا سيما الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام في صدد القبول بأي تراجع عن المعايير التي وضعاها للتشكيل ولا قوى 14 اذار في وارد التهاون مع «حزب الله» تحديداً بعد اجهاضه محاولة التوصل الى حكومة سياسيين قبلت بها على اساس قبوله بصيغة لا وجود فيها لاي ثلث معطل.

وتعتقد المصادر ان عملية عضّ الأصابع في لبنان ستكتسب في المرحلة الطالعة وجوهاً جديدة وصعبة لان الوضع الدولي في مجمله يدعم ما يمثله «اعلان بعبدا» الذي يرفع لواءه رئيس الجمهورية وتدعمه بقوة قوى 14 اذار والقوى الوسطية، وهو الامر الذي سيتجلى بوضوح في اجتماع مجموعة الدول الداعمة للبنان في نيويورك بدعوة من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بعد نحو عشرة ايام والذي سيسفر عن عراضة تأييد دولية للبنان على مختلف المستويات. وهذا التطور المرتقب سيجد أصداء قوية في المواقف المناهضة لـ «حزب الله» في لبنان واندفاعة في مواجهة تورطه في الصراع السوري وخطواته في الداخل اللبناني سواء بسواء.  

وترى المصادر نفسها ان الاسبوعين المقبلين قد يكونان كفيلين بتظهير المشهد الجديد الناشىء عن تموضعات القوى السياسية في ظل تطور دولي واقليمي كبير تمثل في التسوية الاميركية الروسية وغالباً ما كان الصراع اللبناني يشهد تحولات سلبية على نار تطورات كهذه، فكيف الان بعدما باتت أزماته مرتبطة ارتباطاً كاملاً بكل تحولات الأزمة السورية. 

وفي موازاة ذلك، برز كلام لنائب الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عكس استمرار تشدد الحزب حيال ملف تشكيل الحكومة سواء بالنسبة الى توازناتها او بيانها الوزاري كما حيال عنوان «الامن الذاتي».

فالشيخ قاسم اعتبر ان «المعادلة الذهبية الثلاثية: الجيش والشعب والمقاومة وُلدت من رحم الحاجة، وهي تعني السيادة والتحرير والردع، أما رفضها فيعني العدوان والاحتلال والاستسلام».

وفي موضوع الامن الذاتي اكد «أن الأمن هو مسؤولية الأجهزة الأمنية اللبنانية (...) ولكن حصلت متفجرتان في الضاحية الجنوبية، وقالت لنا القوى الأمنية ان هناك استعدادات لمحاولة تفجير إضافي في الضاحية وبعض المناطق، وتواصلنا مع الأجهزة الأمنية اللبنانية وكلفنا أحد المسؤولين من حزب الله ليجلس مع قادة هذه الأجهزة وطالبناهم بكل وضوح أن يقوموا بواجبهم وأن يأخذوا دورهم، فأعلنوا عجزهم وقالوا لا نستطيع أن نؤمن العديد ولا أن نقوم بحماية الضاحية وبعض المناطق الأخرى، وإلى أن يحصل الحل لهذا العجز ماذا نفعل؟ نترك مناطقنا سائبة؟ تطوعنا لسد ثغرة مرور السيارات المفخخة دون أن يكون لها علاقة بالمسائل الأخرى التي لها علاقة بأمن الناس، وهذه بكل وضوح تضحية كبيرة من حزب الله يدفعها من دمه ومن جهده ومن شبابه ومن راحته وليست مكسبا نبحث عنه، ويجب أن نشكر على هذه التضحية».

وفي الملف الحكومي اعتبر «ان جماعة 14 آذار لا يريدون حكومة وحدة وطنية، بل يريدون حكومة مزرعة تدار من دولة إقليمية وتواكب التطورات السورية وتعمل في آن معا لقمع المقاومة وخنقها وتعطيل البلد لمصلحة المشروع الإسرائيلي، وهذا ما لا يمكن أن يكون».

في المقابل، اكد النائب عمار حوري (من كتلة الرئيس سعد الحريري) انه «لا يمكننا اليوم ان نقبل بثلاثية شعب وجيش ومقاومة»، مشيراً الى ان «هذه الثلاثية بالحد الادنى لم تعد تحظى باجماع اللبنانيين»، موضحاً: «نحن لا نضع اي شرط لتشكيل الحكومة ولكن في المقابل نقول إننا نؤيد ما اعلن سابقا بمعنى ان موضوع الثلث المعطل هو خارج اي نقاش ولا نقبل به».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي