منى فهد الوهيب / رأي قلمي / الطفولة تنتهك...!

تصغير
تكبير
| منى فهد الوهيب |

الإنسان حين يولد يكون ناقص الإنسانية، وهو يستكملها على مراحل طويلة، ونحن نعرف أن المعرفة والدراية والخبرة والحكمة والتوازن الجيد أمور عظيمة، وقد لا يظفر بها الإنسان قبل سن الأربعين، ولهذا فإن ابن السابعة والثامنة يعاني من الكثير من النواقص، إنه لا يفرق بين الخيال والواقع، ولا يعرف أن كلام المرء ينبغي أن يطابق الواقع، لهذا فإنه لا يشعر بأي حرج حين يكذب.

والإسلام لا يفرق بين الذكور والإناث في التربية، والتعليم فلكل من الجنسين الحق في تربية حسنة، وتعليم نافع، ويدرس المعارف الصحيحة، ويأخذ بأسباب التأديب ووسائل التهذيب لتكتمل إنسانيته، ويستطيع النهوض بالأعباء الملقاة على عاتقه. ومن مازالت إنسانيته لم تكتمل، فضلاً عن أن حياته فيها الكثير من التناقضات ما بين شعوره وسلوكه، فهل له أن يكمل إنسانية غيره؟! هذا ما حصل بالضبط مع الطفلة اليمنية ذات الثمانية أعوام عندما زوجّت لرجل أربعيني من دون أي اعتبار لطبيعتها وعفويتها البشرية، فكان هناك اختراق وانتهاك صارخ لطفولتها.

إن الهدف من تربية الأبناء هو تنشئة جيل ملتزم بتعاليم دينه، قادر على التعامل مع معطيات زمانه، منضبط ذاتياً، ومقدر للمسؤوليات الملقاة على عاتقه، والطفل يحتاج إلى تربية جيدة، والتربية الجيدة تحتاج إلى اهتمام ورعاية ومتابعة، كما تحتاج إلى معرفة وممارسة، وقد أثبت عدد من الدراسات أن أسوأ ما تتركه البيئة المحطمة في أبنائها.. أنها تحطّم طموحاتهم وأمانيهم، وتجعل آفاقهم وتطلّعاتهم محدودة، ما يجعلهم يبحثون عن مجرد العيش، ويرضون بأي شيء يأتيهم. وها هي الطفلة اليمنية البريئة، حُددت آفاقها وتطلعاتها بقبر يواري طموحاتها وأمنياتها.

لقد اهتم المجتمع الدولي بحقوق الطفل قبل ظهور الأمم المتحدة وبعد ظهورها، ففي سنة 1924 أقرت عصبة الأمم (إعلان جنيف لحقوق الطفل) وحينما وضعت اللجنة الاجتماعية للأمم المتحدة برنامجها الأول للعمل عام (1948) أوصت الأمين العام أن يعطي اهتماماً بالغاً لإعلان جنيف، وخصوصا الملامح البارزة للمفهوم الجديد لرعاية الطفل، ويتألف إعلان حقوق الطفل من عشرة مبادئ، وهي عبارة عن مجموعة قواعد من أجل سلامة الطفل، كل طفل دون استثناء، من أي نوع كان ودون تمييز، ومن أهم المبادئ التي جاءت في إعلان حقوق الطفل... حماية الطفل من التقاليد والعادات التي قد تشجع على التمييز العنصري، أو الديني، أو أي شكل من أشكال التمييز، وتربية الطفل وتنشئته على روح من التفاهم والتسامح والصداقة بين الشعوب، والسلام والإخاء الإنساني وتربيته على وعي كامل وإدراك تام بأن طاقته ومواهبه يجب أن تكرس لخدمة أخيه الإنسان.

بالله عليكم هل حادثة الطفلة اليمنية تجّسد شيئا مما جاء في التعاليم الدينية أو التعاليم الدولية؟! لقد نسفوا وانتهكوا كل القوانين الربانية والعالمية، وانصاعوا لتقاليد وعادات جاهلية، تصادم وتعارض الأحكام الشرعية والدولية.

لذا وجب على المسؤولين والمختصين تحديد عمر الزواج، وذلك لأنه أمر اجتهادي شرعيا واجتماعيا يخضع لظروف كل بلد، لكننا تجنبا لحوادث أليمة كالذي حدث مع الطفلة اليمنية، فإننا نرى أن الزواج من أي فتاة الأفضل ألا يقل عمرها عن 16 سنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... «من كانت له أنثى فلم يؤذها ولم يهنها، ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة» أين نحن من هذا المفهوم المحمدي الذي يرسخ ويؤصل سلامة وكرامة الأنثى؟



[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي