الهاشل لا يرى الوقت ملائماً ويتمسّك بالإبقاء على القانون
وزير المالية يخاطب المحافظ: هل آن الأوان لإلغاء ضمان الودائع؟

محمد الهاشل

سالم عبدالعزيز الصباح








| كتب رضا السناري |
رأس السلطة المالية (وزير المالية) يخاطب رأس السلطة النقدية (محافظ البنك المركزي) مستمزجاً رأيه في سحب ضمان الودائع. خبر مهم بحد ذاته من دون حيثيات، فكيف إذا كان الأول هو من صنع قانون ضمان الودائع؟ وكيف إذا كان الثاني ليس إلا خليفة الأول في منصبه ونائبه السابق؟
في يوم مشهود من العام 2008، قلب اتصال واحد جدول أعمال رئيس الوزراء والوزراء والنواب خلال ساعات قليلة اجتمع مجلس الوزراء ومجلس الأمة، ليُنجزا أسرع عملية تشريعية لقانون عرف به الناس قبل أن تبدأ.
كانت كلمة الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح (محافظ البنك المركزي حينها، ونائب رئيس الوزراء وزير المالية حالياً) كافية لتوقيع الجميع على قانون ضمان الودائع المصرفية، فعندما يقول الرجل إن البلاد بحاجة إلى ذلك القانون فإن أحداً لا يجادل.
ماذا لو قال الرجل نفسه اليوم إن البلاد لم تعد في حاجة إليه؟
لم يَقلها، ولا ينتظر منه أن ينفرد بقولها لما عُهد عنه من احترام للفصل بين السلطتين المالية والنقدية وهو الذي انتقل من رئاسة إحداهما إلى الأخرى، لكنه خاطب محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل بلغة السؤال: ما مدى ملاءمة الأوضاع لرفع ضمان الدولة للودائع لدى الجهاز المصرفي؟
يمكن لكثيرين أن يفهموا من سؤال المحافظ السابق والوزير الحالي أنه يلمّح إلى قناعته بانتفاء الدواعي التي أملت إقرار قانون ضمان في الودائع في العام 2008، وهي دواعٍ كان فيها سببٌ واحد خاص ومباشر هو خسائر المشتقات في بنك الخليج، وأسباب كثيرة عامة في السياق الأوسع للأزمة الطاحنة في ذلك الوقت. السبب المباشر صار من التاريخ، لكن الأسباب العامة هي التي تبقى محل أخذٍ ورد.
يتردد أن رد الهاشل على سؤال سلفه جاء بالنفي الصريح: «الوقت الحالي ليس مناسبا لاتخاذ هذه الخطوة».
قد يكون جواب كهذا مريحاً للبنوك، لكن مسؤولاً مصرفياً رفيعاً في السؤال والجواب عنه إشارة إلى أن «إلغاء ضمان الودائع بات مطروحاً، وعندما يصبح كذلك فعلينا أن نتوقعه ونستعد له، لأنه آتٍ لا محالة، ولو تأخر لبضعة أشهر أو أكثر».
وفي الطريق إلى تلك اللحظة، استعرض مصرفيّون تحدثت إليهم «الراي» جملة اعتبارات يُتوقّع ان يأخذها صانع القرار النقدي في اعتباره قبل أن يقرّر أن وقت إلغاء ضمان الودائع قد حان. وهنا أهمها:
1 - السحب بالتدريج
خطوة كهذه لابد لها من تهيئة فنية وإعلامية. وربما يتذكر الدكتور محمد الهاشل جيدا الكلمات التي ألقاها الشيخ سالم الصباح اثناء حفل تكريمه قبل سنة واربعة اشهر تقريبا، وقتها قال الشيخ بحضور سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك «إن من ابرز التحديات التي سيواجهها البنك المركزي على المدى القصير والمتوسط والطويل الغاء ضمان الدولة للودائع لدى الجهاز المصرفي، حيث يتوجب ان يتم ذلك بتأن وبحكمة وفق برنامج زمني محكم ومعلن وعلى المركزي الاستفادة من خبراته وتجاربه السابقة التي مر بها في ذات الموضوع».
لكن يبدو أن شيئا ما تغير في حسابات الشيخ سالم بعد ان انتقل من رأس السلطة النقدية التي تولاها لنحو 25 عاما، إلى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية. أو لعلّه على الأقل يلفت إلى ضرورة البدء بالتمهيد للخطوة.
2 - التكلفة
قد يكون الشيخ سالم بدأ يحسب كلفة هذه الضمان على الدولة من وجهة نظره كوزير للمالية وليس بحسابات محافظ «المركزي»، خصوصا اذا علم ان حجم الودائع الموجودة في البنوك المحلية قبل اندلاع الأزمة المالية كان في حدود 22 مليار دينار، مقابل 35.4 مليار بنهاية يونيو الماضي، ما يعني ان الودائع نمت بنحو 60 في المئة منذ ذلك الحين.
قد يبدو ثقيلاً على المال العام أن يضمن 35 مليار دينار، لكن لا بد من الإشارة إلى أن الودائع الحكومية تقارب الخمسة مليارات دينار، وإذا ما جمعت إليها ودائع الجهات الحكومية المستقلة فإنها تشكل نحو 25 في المئة من اجمالي الودائع المصرفية وفق تقديرات «موديز».
وفي واقع الحال، لم يكلّف ضمان الودائع الخزينة العامة فلساً واحداً، حتى في أسوأ ظروف الأزمة، لكنه وفّر مظلة معنوية، إذ إن الدولة وقفت بعضلاتها المالية القوية لتحمي القطاع.
3 - التصنيفات
لا يخفى أن ضمان الدولة للودائع عنصر مأخوذ في الحسبان في تصنيف البنوك المحلية من قبل الوكالات العالمية، التي شهدت تحسناً ملحوظاً منذ العام 2010. وليس خافياً أيضاً أن توقع الدعم من الدولة في أي طارئ (بالنظر إلى إمكاناته وتاريخها في التدخل) يعطي جميع البنوك درجات إضافية في التصنيف يتراوح بين ثلاث وست درجات، بحسب حجم البنك وأهميته في النظام المصرفي المحلي ومقدار مساهمة الدولة فيه.
ولذلك لابد من الأخذ في الاعتبار ما ستكون انعكاسات إلغاء الضمان على التصنيفات.
جدير بالذكر هنا أن بعض المصرفيين يتوقعون تأثيرات محدودة على التصنيفات، إذ إن ضمان الودائع لم يكن إلا تعبيراً من التعبيرات الكثيرة عن الالتزام الحكومي بضمان سلامة القطاع المصرفي. وفي ظل التحسن الملموس لجودة الأصول وعدم وجود أمثلة تاريخية على حالات سحوبات مفاجئة ستبقى العوامل الحاكمة للتصنيفات على حالها تقريباً.
4 - السمعة
من نافل القول ان أهم الاعتبارات التي قادت الدولة إلى اقرار قانون ضمان الودائع في العام 2008 الحيلولة دون القلق من أوضاع أي المصارف في ظل ما فرضته تداعيات الأزمة المالية العالمية. ومع أن الدول القادرة على تطبيق إجراء كهذا تُعد على أصابع اليد الواحدة فإن لذلك ثمناً، وهو أنه يشي بأن الوضع غير عادي. فضمان الودائع يبقى تدبيراً استثنائياً لمرحلة استثنائية ولا يمكن يصبح هو القاعدة، تماماً مثل التدابير الأمنية الاستثنائية التي تطمئن وتُقلق في آن معاً.
والعكس بالعكس، حين ترفع الدولة الإجراءات الاستثنائية تكون كمن يقول إن الوضع عاد إلى طبيعته تماماً، وهذا بحد ذاته مفيد لسمعة البلاد وقطاعها المصرفي.
5 - الحاجة للودائع
من الاعتبارات أيضاً مدى تأثير الخطوة على مستويات الودائع، خصوصاً أن جميع التوقعات تشير إلى بقاء النظام المصرفي ممولا بالدرجة الأولى من الودائع.
إلا أن مصرفيين يشيرون إلى أن النمو الكبير للودائع في السنوات الماضية لا يعود إلى الضمان الحكومي، بل إلى جملة المعطيات الاقتصادية، ومنها نمو الكتلة النقدية وزيادة المدخرات، وهي معطيات مستمرة. وبالتالي، ليس متوقعاً أن يكون لإلغاء الضمان ذلك الأثر على نمو الودائع.
جدير بالإشارة أن البنوك كانت لها اليد العليا في السنوات الماضية في تحديد نسبة الفائدة على الإيداع، لاسيما مع تحول السيولة من تراجع الطلب على سوق الاسهم إلى وعاء الايداع، بتكلفة يراها الكثير بانها متدنية جدا، في وقت كانت البنوك تجد صعوبة في إيجاد قنوات لتوظيف تلك الأموال في الإقراض.
6 - الوضع الاقتصادي
ربما يدفع مؤيدو الإبقاء على ضمان الودائع بأن المشكلات الهيكلية الاقتصادية لا تزال دون حل والظروف المواتية سواء المحلية او الخارجية لحدوث أزمة ما زالت موجودة، خصوصاً في ظل السخونة الحالية في أوضاع المنطقة وما يرافقها من اضطرابات في أسواق المال.
وهذا لا يعاكس القول ان البنوك الكويتية نجحت خلال السنوات الخمس الماضية في تعزيز استقرارها المالي، الا ان اجادة إدارة الاستقرار المالي والمصرفي يتعين ان يكون متناغما مع طبيعة معطيات الأسواق والتحديات التي تواجه مكوناتها، ومن هذا الاعتبار فان استمرار تعقيدات الاسواق العالمية وسخونة المنطقة من الناحية السياسية تجعل من الملائم اكثر استمرار الدولة في ضمان الودائع لدى المصارف.
لكن نتائج سيناريوات الضغط التي يجريها «المركزي» تثبت ان البنوك الكويتية اصبحت تملك رأسمالاً كافيا يمكنها من امتصاص الخسائر، خصوصا انها استطاعت خلال الفترة الماضية بحسب وكالة موديز في شطب 60 في المئة من القروض المتعثرة التي وصلت إلى الذروة في 2009، بعد تجنيب مخصصات كافية.
مع السلف:
• قانون الضمان تدبير استثنائي لأزمة محددة ولا يتعين أن يتحول إلى قاعدة
• إلغاؤه رسالة إيجابية إلى الأسواق بأن الوضع عاد إلى طبيعته
• اختبارات الضغط تثبت أن البنوك تملك رسملة كافية لامتصاص الخسائر في أسوأ السيناريوات
• لا تأثيرات متوقعة على التصنيفات أو مستويات الإيداع في حال رفعه
مع الخلف:
• وجوده لا يكلّف الدولة فلساً واحداً لكنه يوفّر مظلة حماية معنوية
• الإلغاء لابد أن يتم بالتدريج مع تهيئة الأسواق له مسبقاً
• جميع التوقعات تشير إلى بقاء النظام المصرفي ممولا بالدرجة الأولى من الودائع
• تعقيدات الأسواق العالمية وسخونة المنطقة تجعل التوقيت غير ملائم لإلغائه الآن
رأس السلطة المالية (وزير المالية) يخاطب رأس السلطة النقدية (محافظ البنك المركزي) مستمزجاً رأيه في سحب ضمان الودائع. خبر مهم بحد ذاته من دون حيثيات، فكيف إذا كان الأول هو من صنع قانون ضمان الودائع؟ وكيف إذا كان الثاني ليس إلا خليفة الأول في منصبه ونائبه السابق؟
في يوم مشهود من العام 2008، قلب اتصال واحد جدول أعمال رئيس الوزراء والوزراء والنواب خلال ساعات قليلة اجتمع مجلس الوزراء ومجلس الأمة، ليُنجزا أسرع عملية تشريعية لقانون عرف به الناس قبل أن تبدأ.
كانت كلمة الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح (محافظ البنك المركزي حينها، ونائب رئيس الوزراء وزير المالية حالياً) كافية لتوقيع الجميع على قانون ضمان الودائع المصرفية، فعندما يقول الرجل إن البلاد بحاجة إلى ذلك القانون فإن أحداً لا يجادل.
ماذا لو قال الرجل نفسه اليوم إن البلاد لم تعد في حاجة إليه؟
لم يَقلها، ولا ينتظر منه أن ينفرد بقولها لما عُهد عنه من احترام للفصل بين السلطتين المالية والنقدية وهو الذي انتقل من رئاسة إحداهما إلى الأخرى، لكنه خاطب محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل بلغة السؤال: ما مدى ملاءمة الأوضاع لرفع ضمان الدولة للودائع لدى الجهاز المصرفي؟
يمكن لكثيرين أن يفهموا من سؤال المحافظ السابق والوزير الحالي أنه يلمّح إلى قناعته بانتفاء الدواعي التي أملت إقرار قانون ضمان في الودائع في العام 2008، وهي دواعٍ كان فيها سببٌ واحد خاص ومباشر هو خسائر المشتقات في بنك الخليج، وأسباب كثيرة عامة في السياق الأوسع للأزمة الطاحنة في ذلك الوقت. السبب المباشر صار من التاريخ، لكن الأسباب العامة هي التي تبقى محل أخذٍ ورد.
يتردد أن رد الهاشل على سؤال سلفه جاء بالنفي الصريح: «الوقت الحالي ليس مناسبا لاتخاذ هذه الخطوة».
قد يكون جواب كهذا مريحاً للبنوك، لكن مسؤولاً مصرفياً رفيعاً في السؤال والجواب عنه إشارة إلى أن «إلغاء ضمان الودائع بات مطروحاً، وعندما يصبح كذلك فعلينا أن نتوقعه ونستعد له، لأنه آتٍ لا محالة، ولو تأخر لبضعة أشهر أو أكثر».
وفي الطريق إلى تلك اللحظة، استعرض مصرفيّون تحدثت إليهم «الراي» جملة اعتبارات يُتوقّع ان يأخذها صانع القرار النقدي في اعتباره قبل أن يقرّر أن وقت إلغاء ضمان الودائع قد حان. وهنا أهمها:
1 - السحب بالتدريج
خطوة كهذه لابد لها من تهيئة فنية وإعلامية. وربما يتذكر الدكتور محمد الهاشل جيدا الكلمات التي ألقاها الشيخ سالم الصباح اثناء حفل تكريمه قبل سنة واربعة اشهر تقريبا، وقتها قال الشيخ بحضور سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك «إن من ابرز التحديات التي سيواجهها البنك المركزي على المدى القصير والمتوسط والطويل الغاء ضمان الدولة للودائع لدى الجهاز المصرفي، حيث يتوجب ان يتم ذلك بتأن وبحكمة وفق برنامج زمني محكم ومعلن وعلى المركزي الاستفادة من خبراته وتجاربه السابقة التي مر بها في ذات الموضوع».
لكن يبدو أن شيئا ما تغير في حسابات الشيخ سالم بعد ان انتقل من رأس السلطة النقدية التي تولاها لنحو 25 عاما، إلى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية. أو لعلّه على الأقل يلفت إلى ضرورة البدء بالتمهيد للخطوة.
2 - التكلفة
قد يكون الشيخ سالم بدأ يحسب كلفة هذه الضمان على الدولة من وجهة نظره كوزير للمالية وليس بحسابات محافظ «المركزي»، خصوصا اذا علم ان حجم الودائع الموجودة في البنوك المحلية قبل اندلاع الأزمة المالية كان في حدود 22 مليار دينار، مقابل 35.4 مليار بنهاية يونيو الماضي، ما يعني ان الودائع نمت بنحو 60 في المئة منذ ذلك الحين.
قد يبدو ثقيلاً على المال العام أن يضمن 35 مليار دينار، لكن لا بد من الإشارة إلى أن الودائع الحكومية تقارب الخمسة مليارات دينار، وإذا ما جمعت إليها ودائع الجهات الحكومية المستقلة فإنها تشكل نحو 25 في المئة من اجمالي الودائع المصرفية وفق تقديرات «موديز».
وفي واقع الحال، لم يكلّف ضمان الودائع الخزينة العامة فلساً واحداً، حتى في أسوأ ظروف الأزمة، لكنه وفّر مظلة معنوية، إذ إن الدولة وقفت بعضلاتها المالية القوية لتحمي القطاع.
3 - التصنيفات
لا يخفى أن ضمان الدولة للودائع عنصر مأخوذ في الحسبان في تصنيف البنوك المحلية من قبل الوكالات العالمية، التي شهدت تحسناً ملحوظاً منذ العام 2010. وليس خافياً أيضاً أن توقع الدعم من الدولة في أي طارئ (بالنظر إلى إمكاناته وتاريخها في التدخل) يعطي جميع البنوك درجات إضافية في التصنيف يتراوح بين ثلاث وست درجات، بحسب حجم البنك وأهميته في النظام المصرفي المحلي ومقدار مساهمة الدولة فيه.
ولذلك لابد من الأخذ في الاعتبار ما ستكون انعكاسات إلغاء الضمان على التصنيفات.
جدير بالذكر هنا أن بعض المصرفيين يتوقعون تأثيرات محدودة على التصنيفات، إذ إن ضمان الودائع لم يكن إلا تعبيراً من التعبيرات الكثيرة عن الالتزام الحكومي بضمان سلامة القطاع المصرفي. وفي ظل التحسن الملموس لجودة الأصول وعدم وجود أمثلة تاريخية على حالات سحوبات مفاجئة ستبقى العوامل الحاكمة للتصنيفات على حالها تقريباً.
4 - السمعة
من نافل القول ان أهم الاعتبارات التي قادت الدولة إلى اقرار قانون ضمان الودائع في العام 2008 الحيلولة دون القلق من أوضاع أي المصارف في ظل ما فرضته تداعيات الأزمة المالية العالمية. ومع أن الدول القادرة على تطبيق إجراء كهذا تُعد على أصابع اليد الواحدة فإن لذلك ثمناً، وهو أنه يشي بأن الوضع غير عادي. فضمان الودائع يبقى تدبيراً استثنائياً لمرحلة استثنائية ولا يمكن يصبح هو القاعدة، تماماً مثل التدابير الأمنية الاستثنائية التي تطمئن وتُقلق في آن معاً.
والعكس بالعكس، حين ترفع الدولة الإجراءات الاستثنائية تكون كمن يقول إن الوضع عاد إلى طبيعته تماماً، وهذا بحد ذاته مفيد لسمعة البلاد وقطاعها المصرفي.
5 - الحاجة للودائع
من الاعتبارات أيضاً مدى تأثير الخطوة على مستويات الودائع، خصوصاً أن جميع التوقعات تشير إلى بقاء النظام المصرفي ممولا بالدرجة الأولى من الودائع.
إلا أن مصرفيين يشيرون إلى أن النمو الكبير للودائع في السنوات الماضية لا يعود إلى الضمان الحكومي، بل إلى جملة المعطيات الاقتصادية، ومنها نمو الكتلة النقدية وزيادة المدخرات، وهي معطيات مستمرة. وبالتالي، ليس متوقعاً أن يكون لإلغاء الضمان ذلك الأثر على نمو الودائع.
جدير بالإشارة أن البنوك كانت لها اليد العليا في السنوات الماضية في تحديد نسبة الفائدة على الإيداع، لاسيما مع تحول السيولة من تراجع الطلب على سوق الاسهم إلى وعاء الايداع، بتكلفة يراها الكثير بانها متدنية جدا، في وقت كانت البنوك تجد صعوبة في إيجاد قنوات لتوظيف تلك الأموال في الإقراض.
6 - الوضع الاقتصادي
ربما يدفع مؤيدو الإبقاء على ضمان الودائع بأن المشكلات الهيكلية الاقتصادية لا تزال دون حل والظروف المواتية سواء المحلية او الخارجية لحدوث أزمة ما زالت موجودة، خصوصاً في ظل السخونة الحالية في أوضاع المنطقة وما يرافقها من اضطرابات في أسواق المال.
وهذا لا يعاكس القول ان البنوك الكويتية نجحت خلال السنوات الخمس الماضية في تعزيز استقرارها المالي، الا ان اجادة إدارة الاستقرار المالي والمصرفي يتعين ان يكون متناغما مع طبيعة معطيات الأسواق والتحديات التي تواجه مكوناتها، ومن هذا الاعتبار فان استمرار تعقيدات الاسواق العالمية وسخونة المنطقة من الناحية السياسية تجعل من الملائم اكثر استمرار الدولة في ضمان الودائع لدى المصارف.
لكن نتائج سيناريوات الضغط التي يجريها «المركزي» تثبت ان البنوك الكويتية اصبحت تملك رأسمالاً كافيا يمكنها من امتصاص الخسائر، خصوصا انها استطاعت خلال الفترة الماضية بحسب وكالة موديز في شطب 60 في المئة من القروض المتعثرة التي وصلت إلى الذروة في 2009، بعد تجنيب مخصصات كافية.
مع السلف:
• قانون الضمان تدبير استثنائي لأزمة محددة ولا يتعين أن يتحول إلى قاعدة
• إلغاؤه رسالة إيجابية إلى الأسواق بأن الوضع عاد إلى طبيعته
• اختبارات الضغط تثبت أن البنوك تملك رسملة كافية لامتصاص الخسائر في أسوأ السيناريوات
• لا تأثيرات متوقعة على التصنيفات أو مستويات الإيداع في حال رفعه
مع الخلف:
• وجوده لا يكلّف الدولة فلساً واحداً لكنه يوفّر مظلة حماية معنوية
• الإلغاء لابد أن يتم بالتدريج مع تهيئة الأسواق له مسبقاً
• جميع التوقعات تشير إلى بقاء النظام المصرفي ممولا بالدرجة الأولى من الودائع
• تعقيدات الأسواق العالمية وسخونة المنطقة تجعل التوقيت غير ملائم لإلغائه الآن