د. وائل الحساوي / نسمات / فقاعتان انفجرتا !

تصغير
تكبير
طفرتان سريعتان (فقاعتان) خلال 5 سنوات اصابت بلداننا بالجنون وانطبق علينا المثل (عمره ما تبخر تبخر واحترق)، الطفرة الاولى هي الولع الذي اصابنا بالتويتر والفيسبوك حتى لم يبق صغير او كبير لم يجرب حظه في دخول عالم التويتر والتغريد فيه.

بل أصبح البعض يتفاخر بعدد الاتباع (Followers) ويسعى لاختيار العبارات الغريبة التي تقفز به الى قمة عالم الشهرة سريعاً، الى درجة ان قد رأينا شباباً مغمورين ليس لهم حظ في الثقافة او العلم يتكلمون بعبارات جريئة لكنها بذيئة، وشتائم لا يقبلها عقل او منطق ثم يجدون من ينشرها ويطيرها في الافاق، وفجأة يصبح صاحبها من المشهورين والمعروفين، ويتخطى في تغريداته جميع القوانين ويتم تحويله الى النيابة العامة التي تحكم عليه بالسجن، بعدها نجد الاغبياء من معارضتنا التي تبحث عن مادة دسمة لشتم الحكومة، نجدهم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها في الدفاع عن اولئك المغردين وطلب الحرية لهم، ومتى ما صدر العفو الاميري عن اولئك المغردين فإنهم يدخلون في سجل ابطال الكويت الشجعان الذين يدافعون عن الحق ويطالبون بالحرية.

اسميت تلك الظاهرة بالطفرة او الفقاعة ليس بسبب انتهائها او ضمورها، ولكن لان حماس الناس لها قد قلّ كثيراً ولم تعد تجذب الناس اليها، كما ان تكلفتها كبيرة وقد لا تتناسب مع الشهرة التي يكسبها المغامرون بها.

اما الطفرة الثانية التي وصلت ذروتها ثم انقلبت على المتحمسين لها، فهي تقليد ظاهرة الربيع العربي واعتباره طوفاناً لا مجال لايقافه او تفاديه، فقد كانت تجربة سبع دول عربية في مجال الربيع العربي كافية لاثبات فشل ذلك الربيع وتحوله الى صيف حارق او شتاء زمهرير!!

لقد اغتر الشباب المتحمس عندما شاهدوا النظام التونسي ينهار كخشب الدومينو بمجرد نزول الناس الى الشوارع للمطالبة بخلع الرئيس زين العابدين، ثم تكرر السيناريو في مصر بجهد بسيط بذله الشعب المصري.

ثم تحول مشهد الربيع العربي الى علقم مُر بعد فشل الوصول الى حلول مريحة في المشهد اليمني ثم المشهد الليبي ومقاومة عنيفة من الانظمة الحاكمة المهيمنة على تلك البلدان.

بعدها تحول المشهد الى كرة نارية حارقة عندما بدأت الثورة في سورية وشاهد الناس حجم المقاومة المرعبة التي ابداها النظام القمعي وبطشه بشعبه دون رحمة الى درجة استخدام كل ما بيده لقتل المدنيين حتى الذين لا دخل لهم بالثورة او الوقوف ضد النظام اما الجزء الاصعب في ثورات الربيع العربي فقد كانت بسبب الانتكاسات التي منيت بها الدول التي فرحت بهذا الربيع، فمصر قد واجهت وضعاً غريباً لم يمر عليها طوال عقود كبيرة من انقسام في صفوف الشعب ومجازر مروعة ارتكبها الجيش بحق المدنيين، والعراق يواجه اليوم حرباً أهلية طائفية تحرق الأخضر واليابس وتفكيكا بين كياناتها المختلفة، والبحرين التي اعتقدت بأنها قد احتوت الاضطرابات الطائفية فيها فوجئت بازديادها وترسخها ومطالباتها بتقويض الحكم.

اما ليبيا فقد وصلت تجربتها الى ما يشبه الطريق المسدود بسبب محاولة بعض الجماعات العرقية والقبلية القفز على السلطة، وفي تونس يبدو ان المعارضة قد شعرت بالنشوة لنجاح الانقلاب في مصر، فقامت بالمطالبة باسقاط حكومة الغنوشي وحزب النهضة واسقاط المجلس التأسيسي الذي اتفق عليه الشعب التونسي هذه الطفرة الثانية التي تحولت الى كابوس مخيف يجب ان نستلهم منها الدروس والعبر وأهمها بأن نحافظ على انظمتنا في الخليج وندعمها ضد المغامرين الذين يريدون تكرار مآسي الربيع العربي، وذلك بالطبع لا يعني السكوت على الاخطاء او مداهنة الانظمة بالباطل، ولكن هنالك طرق واساليب كثيرة لاسيما لدينا في الكويت لتصحيح الاخطاء، واهمها من خلال المشاركة في المجلس التشريعي والحكومة ونصح الحكام.



د. وائل الحساوي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي