من فم الحصان... الرواية السورية

تصغير
تكبير
عاموس جلبوع

في 14 يوليو 2007، عندما أدى اليمين القانونية لولايته الثانية كرئيس، قال الأسد للبرلمان السوري الأمور التالية: لن تكون أي مفاوضات مع إسرائيل قبل أن تعلن بشكل رسمي، علناً، بما لا لبس فيه، عن رغبتها في السلام مع سورية، وقبل أن تتعهد مسبقاً، خطياً أو بكل وسيلة ملزمة أخرى، بأنها ستنسحب من كل هضبة الجولان حتى خطوط الرابع من يونيو 1967. وعليه، فلا يوجد أي جدال ولا توجد أي مفاوضات، وسورية هي التي ستقرر أين يمر هذا الخط. فقط بعد ذلك سيكون ممكناً الشروع في مفاوضات مباشرة علنية، من خلال وسيط نزيه، في أمور مثل الترتيبات الأمنية والعلاقات السورية مع إسرائيل مثلما كانت في مداولات التسعينيات.

كمرحلة أولية، سورية مستعدة لأن يكون هناك قبل أن تتعهد إسرائيل، أفق إعلامي بين سورية وإسرائيل من خلال وسيط أمين – وكان قصده تركيا – إذ يكون المبعوثون السوريون والإسرائيليون في فندق واحد، ويعرضون بشكل منفرد على الوسيط الصورة العامة لمواقفهم»، حتى هنا أقوال الأسد، التي كررها في مناسبات مختلفة، وجوهرها: «مفاوضات مباشرة مع إسرائيل فقط بعد التخلي عن كل ذرة من تراب هضبة الجولان». وماذا قال ويقول الأسد في موضوع السلام مع إسرائيل؟ قبل نحو شهر قال: «يوجد من يحاول أن يفرض علينا التطبيع كشرط للسلام. كررنا وقلنا لهم بأن يحتمل أن تؤدي إعادة الأراضي معها إلى علاقات عادية، ولكن ليس بالضرورة تطبيعاً. ما حصل في الأردن وفي مصر هو دليل بالنسبة إلينا بأن الجمهور لا يريد التطبيع. ولهذا فلا يمكن لأحد أن يفرضه على الآخر. أنا أعرف أن الشعب السوري يرفض التطبيع، ولن نفرض عليه ذلك».

وماذا يقول عن المصلحة الإسرائيلية في أن تقطع سورية علاقاتها مع إيران و«حزب الله» مقابل هضبة الجولان؟ قبل أسبوع فقط قال: «نحن لن نوافق على أن ندرج في أي اتفاق الطلب المرفوض بقطع العلاقات مع إيران، (حماس) و(حزب الله)». أحد مبعوثيه إلى أعمال جس النبض في أنقرة قال: «سيكون من الغريب التفكير بأن سورية ستلقي بأحلافها الاستراتيجية غير المرتبطة فقط باحتياجاتها في إطار النزاع الإسرائيلي – العربي، إذ إن هذه احتياجات موضعية، جغرافية وسياسية، وهذه الأحلاف غير استراتيجية وبعيدة المدى». بالطبع يمكن للمواقف أن تتغير، ولكن حالياً هذه المواقف تمثل الواقع.

لماذا يوجد للسوريين مصلحة في علنية الاتصالات مع إسرائيل وفي مجرد إدارتها؟ أولاً وقبل كل شيء للاظهار على الملأ بأن سورية لا تتنازل، بل إسرائيل فقط هي التي تعود لتتحدث عن تنازلات أليمة؛ وأن سورية تواصل الانتماء إلى محور المقاومة، تواصل دعم الإرهاب الفلسطيني، تواصل دعم «حماس»، ورغم ذلك فإن إسرائيل مستعدة للحديث معها.

عندما يكرر رئيس وزرائنا أن سورية تعرف جيداً ما نريد منها، ونحن نعرف ماذا يريدون منا، فإنه محق تماماً. المشكلة هي أخرى، هل مستعد أولمرت أن يقف أمام الأمة ويقول: «أنظروا في عيني. لم أتعهد حتى الآن، ولن أتعهد، بانسحاب إسرائيلي من الجولان حتى خطوط الرابع من يونيو 1967، مثلما يطالب الأسد».


عاموس جلبوع


كاتب دائم في الصحيفة

«معاريف»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي