يوم تلتقي فيه قوة الغني وضعف الفقير على المحبة والرحمة وهو شكر لله على تمام العبادة
العيد... قلوب موحَّدة وعادات مختلفة

فرحة الاطفال بالعيد

صلاة العيد




|إعداد عبدالله متولي|
لكل أمّةٍ مِن الأمَم عيد يأنسون فيه ويفرحون،وهذا العيد يتضمَّن عقيدة هذه الأمة وأخلاقَها وفلسفةَ حياتِها، وعيد الفطر وعيد الأضحى فقد شرعهما الله تعالى لأمّة الإسلام، قال الله تعالى: «لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا» [الحج:34]، روى ابن جرير في تفسيره عن ابن عبّاس قال: «منسكًا أي: عيدًا».
وعيد الفطر وعيد الأضحى يكونان بعدَ ركنٍ مِن أركان الإسلام، فعيدُ الفِطر يكون بعدَ عبادةِ الصّوم وعيد الأضحى بعد عبادة الحجّ وبهذا تواترت النصوص الشرعية، وقال ابن الأعرابي: «سمّي عيدًا لأنّه يعود كلّ سنة بفرح متجد»..
وهذا المعنى في العيد هو الوارد في السنة النبوية الصحيحة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل أبو بكر، وعندي جاريتان من الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث، قالت: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر، إنّ لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا».أخرجه البخاري ومسلم.
فالعيد في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة، والعيد في معناه الإنساني يومٌ تلتقي فيه قوة الغني، وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالةٍ من وحي السماء، عُنوانُها الزكاةُ، والإحسانُ، والتوسعة.
والعيد في معناه النفسي حدٌّ فاصلٌ بين تقييدٍ تخضع له النفسُ، وتَسكُنُ إليه الجوارح، وبين انطلاق تنفتح له اللهواتُ، وتتنبّه له الشهوات.
والأعياد في الإسلام لها أخلاق وآداب منها :
أولاً ـ الفرح والسرور بقدوم العيد :
فالعيد جعل للفرح والسرور لا لتجديد الهموم والأحزان،قالت عائشة رضي الله عنها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني، وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمرُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعهم، أمنًا بني أرفدة». أخرجه البخاري.
قال ابن عابدين: «سمّي العيد بهذا الاسم لأنّ لله تعالى فيه عوائد الإحسان، أي: أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل عام، منها: الفطر بعد المنع عن الطعام، وصدقة الفطر، وإتمام الحج بطواف الزيارة، ولحوم الأضاحي وغير ذلك، ولأنّ العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور غالبًا بسبب ذلك». حاشية ابن عابدين (2/165).
ففي العيد يستروح الأشقياء ريح السعادة، ويتنفس المختنقون في جو من السعة، وفيه يذوق المُعدمون طيبات الرزق، ويتنعم الواجدون بأطايبه.
ففي العيد تسلس النفوس الجامحة قيادها إلى الخير، وتهش النفوس الكزة إلى الإحسان.
وفي العيد تنطلق السجايا على فطرتها، وتبرز العواطف والميول على حقيقتها.
ثانياً - الاغتسال والتطيب والتزين :
من إظهار الفرح والسرور في العيد الحرص على الاغتسال والتطيب والتزين ولبس الجديد،عن نافع أنّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهم كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى. أخرجه مالك في الموطأ.
وثبت أنّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل في هذين اليومين. أخرجه مالك في الموطأ بسند صحيح (1/146).
وقد نقل اتِّفاق الفقهاء على استحباب الاغتسال للعيدين غيرُ واحدٍ من أهل العلم.
قال ابن عبد البر: «واتفق الفقهاء على أنّه حسنٌ لمن فعله».
وقال ابن رشد: «أجمع العلماء على استحسان الغسل لصلاة العيدين«. بداية المجتهد (1/216).
ويستحب التزين في العيدين في اللباس والطيب عند عامة الفقهاء ,فعن عبد الله بن عمر قال: أخذ عمر جبةً من استبرق تباع في السوق، فأخذها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ! ابتع هذه، تجمل بها للعيد والوفود. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إنّما هذه لباس من لا خلاق له». البخاري (948).
قال ابن قدامة: «وهذا يدل على أنّ التجمل عندهم في هذه المواضع يعني: الجمعة، والعيد، واستقبال الوفود كان مشهورا». المغني (5/257).
قال مالك: «سمعتُ أهل العلم يستحبّون الطيب والزينة في كلّ عيد، والإمام بذلك أحقّ؛ لأنّه المنظور إليه من بينهم«. انظر: المغني (5/258).
ثالثاً ـ لكل عيد سنة :
فيستحب الأكل قبل الخروج إلى الفطر، وأن تكون على تمرات، كما هو هديُ النبي صلى الله عليه وسلم، وصحابته من بعده. انظر: الأوسط لابن المنذر (4/254).
فعن أنس رضي الله عنه:أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترًا. أخرجه البخاري في العيدين، باب: الأكل يوم الفطر قبل الخروج (953)، عن أنس رضي الله عنه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «إن استطعتم ألا يغدو أحدكم يوم الفطر حتى يطعم فليفعل».
ويستحب تأخير الأكل بعد الصلاة في عيد الأضحى لقوله تعالى : « إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) سورة الكوثر.
كما يستحب الخروج لصلاة العيد من طريق والرجوع من طريق أخرى : فعن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي عليه السلام إذا كان يوم عيد خالف الطريق..أخرجه البخاري في العيدين، باب: من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد (986).
كما يستحب إظهار التكبير،عن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين، قالا : نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام.
وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : « كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى ) قال وكيع يعني التكبير. انظر ( إرواء 3/122).
ثبت عن ابن مسعود عن ابن أبي شيبة أنه كان يقول: «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، بتشفيع التكبير، وفي رواية أخرى له أيضاً بتثليث التكبير وهي صحيحه.تمام المنة (ص356).
الله أكبر قولوها بلا وجل * * * وزينوا القلب من مغزى معانيها
بها ستعلو على أفق الزمان لنا * * * رايات عز نسينا كيف نفديها
الله أكبر ما أحلى النداء بها * * * كأنه الري في الأرواح يحيها
كما يحرم صوم يومي العيدين لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر. متفق عليه، أخرجه البخاري في: كتاب الصوم، باب: صوم يوم الفطر، وفي كتاب الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي (الفتح 3/280، 10/26)، وأخرجه مسلم في: كتاب الصيام، باب: النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى (2/799).
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: «وقد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال؛ سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك، ولو نذر صومهما متعمداً لعينهما، قال الشافعي والجمهور: لا ينعقد نذره ولا يلزمه قضاؤهما..انظر صحيح مسلم بشرح النووي (8/15).
وقيل: إن الحكمة في النهي عن صوم العيدين أن فيه إعراضاً عن ضيافة الله تعالى لعباده. انظر: نيل الأوطار (4/262).
رابعاً ـ التهنئة بالعيد :
فعن جبير بن نفير قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك. قال الإمام أحمد: إسناده جيد،وحسن الحافظ إسناده في الفتح (2/517)،وانظر أيضاً تمام المنة للألباني (ص354-356).
فالتهنئة بالعيد مما يزرع الود في قلوب الناس،لذا استحب الذهاب لصلاة العيد من طريق والرجوع من طريق حتى يستطيع المسلم تهنئة أكبر عدد من المسلمين.
خامساً ـ زيارة الأهل والأقارب وصلة الرحم :
هذا مستحب مندوب إليه في كل وقت لكنه يتأكد في هذه الأيام، خصوصا الوالدين لأن فيه إدخال أعظم السرور عليهما وهو من تمام الإحسان إليهما الذي أمر الله به في كتابه،قال تعالى :« وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) سورة الرعد.
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. أخرجه أحمد و«البُخَارِي».
ومن الصلة الرحمة باليتيم والعطف عليه،قال تعالى : «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) سورة الضحى.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ،قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله،صلى الله عليه وسلم: أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِى الْجَنَّةِ،وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى،وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلاً. أخرجه اْحمد 5/ 333(23208) «البخاري) 7/68 «5304).
دخل أحد الصحابة مسجداً فاستوقف نظره طفل لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره قائم يصلي بخشوع فلما فرغ من صلاته سأله الصحابي: ابن مَنْ أنت؟ قال الصبي: إني يتيم، فقال الصحابي: أَترضى.أن تكون لي ولداً؟ فقال الصبي: هل تطعمني إذا جعت؟ قال الصحابي: نعم قال: هل تسقيني إذا عطشت؟ قال الصحابي: نعم قال: هل تكسوني إذا عريت؟ قال الصحابي: نعم قال: وهل تحييني إذا مت؟ فدهش الصحابي. وقال: هذا ما ليس إليه سبيل. فقال الصبي: فاتركني إذاً للذي خلقني ثم رزقني ثم يميتني ثم يحييني. فانصرف الصحابي وهو يقول: لعمري مَنْ توكل على الله كفاه.
سادساً ـ التوسعة على العيال في الأكل والشرب:
لا حرج في التوسعة في الأكل والشرب والنفقة في هذه الأيام من غير سرف، لقوله صلى الله عليه وسلم في عيد الأضحى عند مسلم وغيره: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل».
دخل رجل على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في يوم عيد الفطر فوجده يأكل طعاما خشنا فقال له: يا أمير المؤمنين... تأكل طعاما خشنا في يوم العيد... فقال له الإمام علي كرم الله وجهه: اعلم يا أخي أن العيد لمن قبل الله صومه وغفر ذنبه... ثم قال له: اليوم لنا عيد وغدا لنا عيد وكل يوم لا نعصي الله فيه فهو عندنا عيد.
كما يباح اللهو المباح: لحديث أنس عند أبي داود، والنسائي بسند صحيح، قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال عليه الصلاة والسلام: «كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله خيراً منها: يوم الفطر ويوم الأضحى».
وأخرج الشيخان وأحمد عن عائشة قالت: «إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت».
وأما الغناء المباح فلما أخرجه الشيخان وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث وفي رواية -: وليستا بمغنيتين، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه. ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما وفي رواية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا».
سابعاً ـ البعد عن اللهو المحرم والمنكرات والبدع :
فالعيد في الإسلام سكينةٌ ووقارٌ، وتعظيمٌ للواحد القهار، وبعدٌ عن أسباب الهلكة ودخول النار. والعيد مع ذلك كله ميدان استباق إلى الخيرات، ومجال منافسة في المكرمات.
ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعته تزيد.
ليس العيد لمن تجمّل باللباس والمركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب.
ليس العيد لمن حاز الدرهم والدينار إنما العيد لمن أطاع العزيز الغفار.
ليس العيد لمن لبس الجديد... إنما العيد لمن أطاع رب العبيد وخاف وعيد وعمل ليوم الوعيد.
ليس العيد لمن لبس الثياب الفاخرة... إنما العيد لمن عمل وخاف الآخرة.
وورد أن الملائكة تنزل في صبيحة يوم عيد الفطر تقف في أبواب الطرق وتنادي يا أمة محمد: اغدوا إلى رب كريم يمن بالخير ثم يعطي عليه الجزيل.. لقد أمرتم بصيام النهار فصمتم وأمرتم بقيام الليل فقمتم وأطعتم ربكم فارجعوا مغفوراً لكم... ويسمى هذا اليوم في السماء بيوم الجائزة.
العيد في الإسلام سكينةٌ ووقارٌ، وتعظيمٌ للواحد القهار، وبعدٌ عن أسباب الهلكة ودخول النار.
قال الإمام انس بن مالك رحمه الله: للمؤمن خمسة أعياد: كل يوم يمر على المؤمن ولا يكتب عليه ذنب فهو يوم عيد،اليوم الذي يخرج فيه من الدنيا بالإيمان فهو يوم عيد،واليوم الذي يجاوز فيه الصراط ويأمن أهوال يوم القيامة فهو يوم عيد،واليوم الذي يدخل فيه الجنة فهو يوم عيد،واليوم الذي ينظر فيه إلى ربه فهو يوم عيد.
فها هو الخليفة العادل الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله ورضي عنه... رأى ابنه عبد الملك في ثياب رثة في يوم العيد... فبكى عمر رضي الله عنه... فلاحظ ابنه البار ذلك... فقال له: ما يبكيك يا أبتاه ؟ فقال له أبوه الرحيم: أخاف أن تخرج يا بني في هذه الثياب الرثة إلى الصبيان لتلعب معهم فينكسر قلبك... فقال الابن البار لأبيه الرحيم: إنما ينكسر قلب من عصى مولاه وعق أمه وأباه... وأرجو أن يكون الله راضيا عني برضاك عني يا أبي... فضمه عمر إلى صدره وقبله بين عينيه ودعا له... فكان ازهد أولاده.
عادات الشعوب في عيد الفطر
بالرغم من تشابه عادات المسلمين في البلدان العربية والإسلامية خلال عيد الفطر المبارك، إلا أن لدى بعض الشعوب والدول عادات تختص بها دون غيرها.
وإن كانت صلاة العيد وزيارات الأقارب وصلة الرحم واحدة في الدول الإسلامية، لأنها صادرة من التشريعات الدينية، إلا أن لكل دولة طريقة مختلفة -بعض الشيء في ممارسة هذه العادات والتقاليد.
العراق
مظاهر عيد الفطر في العراق عن طريق نصب المراجيح ودواليب الهواء والفرارات وتهيئتها للأطفال. أما النساء فيشرعن بتهيئة وتحضير الكليجة المعمول بأنواع حشوها المتعددة، إما بالجوز المبروش أو بالتمر أو بالسمسم والسكر والهيل، مع إضافة الحوايج وهي نوع من البهارات لتعطيها نكهة معروفة، حيث تقدم الكليجة للضيوف مع استكان شاي وبعض قطع الحلويات والحلقوم أو من السما المن والسلوى أو المسقول.
وتعمل النساء نوعاً من الكليجة من دون حشو يطلق عليه الخفيفي حيث يضاف إليه قليل من السكر ويدهن بصفار البيض ويخبز إما بالفرن أو بالتنور.
وتبدأ الزيارات العائلية عقب تناول فطور الصباح بالذهاب إلى بيت الوالدين والبقاء هناك لتناول طعام الغداء، ثم معايدة الأقارب والأرحام ومن ثم الأصدقاء.
ويأخذ الأطفال العيدية من الوالدين أولاً ثم يذهبون معهما إلى الجد والجدة والأقارب الآخرين، بعدها ينطلقون إلى ساحات الألعاب حيث يركبون دواليب الهواء والمراجيح.
السعودية
ففي السعودية مثلاً تبدأ مظاهر العيد قبل العيد نفسه، حيث تبدأ الأسرة بشراء حاجياتها من ألبسة وأطعمة وغيرها، ويتم الإعداد للحلويات الخاصة بالعيد في بعض المناطق، كمثل الكليجية والمعمول.
عند أول ساعة من صباح العيد، يتجمع الناس لصلاة العيد التي تجمع الناس في أحيائهم الخاصة، حيث يقوم الناس بعد أداء الصلاة بتهنئة بعضهم البعض في المسجد، وتقديم التهاني الخاصة مثل (كل عام وأنتم بخير) و(عساكم من عواده) و(تقبل الله طاعتكم) وغيرها. ثم يذهب الناس إلى منازلهم استعداداً للزيارات العائلية واستقبال الضيوف من الأهل والأقارب.
وتنتشر عادة في الكثير من الأسر السعودية بالاجتماعات الخاصة في الاستراحات التي تقع في المدينة أو في أطرافها، حيث يتم استئجار استراحة يتجمع فيها أعضاء الأسرة الواحدة الكبيرة، والتي تضم الجد والأولاد والأحفاد. حيث تقام الذبائح والولائم، يتبعها اللعب من قبل الصغار والكبار، وتعقد الجلسات العائلية الموسعة.
الإمارات
في الإمارات فإن ربة البيت في القرى تبدأ بإعداد المنزل وتنظيفه وترتيبه رغم انه في الغالب يكون مرتباً.. لكن من ضروريات العيد أن تتم إعادة ترتيب البيت، وتوضع الحناء على أيدي البنات والسيدات أيضاً، ويتم تجهيز الملابس الجديدة للأطفال أيضاً خاصة والجميع بشكل عام، ويتم تجهيز طعام العيد خاصة اللقيمات والبلاليط وغيرها.. ثم بعض الحلويات.. ما توضع كميات من الفواكه في المجالس لاستقبال الضيوف، وطبعاً في مقدمة ذلك كله التمر والقهوة والشاي. وفي القرى أيضاً.. يبدأ العيد بالصلاة في الأماكن المفتوحة، وغالباً ما يكون الرجال في كامل زينتهم من ملابس جديدة، وقد يكون هنالك إطلاق نار في الرزقة .. وهي رقصة شعبية أيضاً تعبيراً عن الفرح.
أما في المدن، فالاستعدادات متشابهة..لكن الصلاة تكون في مصلى العيد، وهو مفتوح أيضاً، لكن لا يشاركون في الرزقة، وإنما ينطلقون بعد الصلاة لتهنئة الأهل والأقارب بالعيد، وعقب صلاة الظهر ينطلق الأطفال والأسر بشكل عام نحو الحدائق والمنتزهات للابتهاج بهذا اليوم..وتكون عبارة التهنئة المعتادة..مبروك عليكم العيد..عساكم من عواده..
مصر
وفي مصر تتزين الأحياء الشعبية بمظاهر العيد، ويعود الأطفال مع والديهم محملين بالملابس الجديدة التي سيرتدونها صباح عيد الفطـر.
وتجد الازدحام على اشده قبل العيد في جميع المخابز لأنها تستعد لعمل كعك العيد وهو سمة من سمات العيد في مصر، وتتفنن النساء في عمله مع الفطائر الأخرى والمعجنات والحلويات التي تقدم للضيوف.أما بيوت الله فتنطلق منها التكبيرات والتواشيح الدينية، حيث يؤدي الناس صلاة العيد في الساحات الكبرى والمساجد العريقة في القاهرة، وعقب صلاة العيد يتم تبادل التهاني بقدوم العيد المبارك، وتبدأ الزيارات ما بين الأهل والأقارب وتكون فرحة الأطفال كبيرة وهم يتسلمون العيدية من الكبار، فينطلقون بملابسهم الجميلة فرحين لركوب المراجيح ودواليب الهواء، والعربات التي تسير في شوارع المدن وهم يطلقون زغاريدهم وأغانيهم.
السودان
أما في السودان، ففي منتصف شهر رمضان المبارك، يقوم البيت على قدم وساق للاستعداد للمناسبة العظيمة، حيث تعد أصناف الحلوى وألوان الكعك والخبز، مثل الغريبة والبيتي فور والسابليه والسويسرول بكميات وافرة تكفي لإكرام الزائرين الذين يتوافدون بعيد صلاة العيد، والتي تؤدى في الساحات قرب المساجد، يشهدها الجميع، ويتبادلون التهاني، ويحلل بعضهم بعضاً، ويتجاوزن عمّا سلف وكان في السابق، ثم يتوافد رجال الحي في كثير من القرى إلى منزل أحد الكبار، أو أي مكان متفق عليه، كلا يحمل إفطاره، ثم يخرجون جماعات لزيارة المرضى وكبار السن، وكذلك تفعل النساء والأطفال، حيث يقضون نهار اليوم الأول في الزيارات والتهاني للجيران، قبل أن ينطلق الجميع بعد الغداء وصلاة العصر لزيارة الأثل والأقارب والأصحاب في الأحياء الأخرى. وتستمر الزيارات طوال الأيام الأولى من شوال، حيث تنظم الرحلات العائلية والشبابية، ويقضي الجميع أوقات جميلة مع بعضهم البعض على ضفاف نهر النيل.
ويحرص كثير من السودانيين المقيمين في المدن، على قضاء عطلة العيد في قراهم ومراتع صباهم بين أهلهم وأحبابهم. كذلك مما يميز العيد في السودان، ما يعرف باسم العيدية وهي قطع من النقود التي يمنحها الأب أو الأعمام أو الأخوال والكبار، للصغار، الذين يشترون بها ما يشاءون من ألعاب وحلويات.
النيجر
تقوم كل الأسر بطبخ طعام عبارة عن دجاج، أو لحم، ومكرونة، ليأكلوا صباح يوم العيد قبل الذهاب إلى صلاة العيد وتتبادل الأسر والأقارب هذا الطعام كهدايا.
سنغافورة
بعد صلاة العشاء ليلة العيد هناك طعام خاص تعده الأسر في سنغافورة ويسمى كتوبات وهو عبارة عن أرز يلف بعروق شجرة النارجيل على شكل مربع ويوضع على شبكة تعلو إناء كبيراً [حلة] بها ثقوب كثيرة ويملأ هذا الإناء بالماء ويوضع على النار ويتم نضج الـ [كتوبات] على البخار المنبعث من الماء المغلي داخل الإناء حتى ينضج تماماً ويؤكل يوم العيد مع اللحم المطبوخ والدجاج المقلي. تقام صلاة العيد في سنغافورة في الميادين العامة وتذهب إلى الصلاة كل الأسر صغيرها وكبيرها ثم تتم زيارة الأهل وخاصة كبار السن، ويتم أيضاً تبادل التهاني ونعطي الأولاد الصغار نقوداً عبارة عن دولارين سنغافوريين.. أما الرجال الكبار فيعطون الأولاد عشرة دولارات كهدية.
الجزائر
مع اقتراب يوم عيد الفطر، تشهد المحلات التجارية اكتظاظا بالعائلات خاصة تلك التي تعرض ملابس الأطفال الذين بدورهم يقضون هذه الأيام في التجول بين هذه المحلات رفقة أوليائهم من أجل اختيار واقتناء ما يروق لهم من ألبسة قصد ارتدائها والتباهي بها يوم العيد.
اريتريا
تقوم كل أسرة توفي فيها الجد أو الاب بدعوة الناس لتناول طعام الفطور ثم يدعون الحاضرين الى مائدة الطعام الى الميت ولكن لاحزن في هذه الطقوس لان ذلك يوم العيد.
الصومال
تستعد الاسر الصومالية بشراء ملابس جديدة للاطفال وفي صباح يوم العيد وبعد الانتهاء من الصلاة تبدأ الزيارات وتقديم التهاني للاسر وغالباً ما يتم الذبيح ايام العيد وتوزيع اللحوم وكما يستقبل رمضان باطلاق النار كذلك يتم اطلاق النار يوم العيد.
جيبوتي
معظم الناس في جيبوتي يذبحون في العيد من التوسعة على الأطفال وكذلك تتم دعوات للزوار لكي يتناولوا الطعام وهذا الذبح يكون من اجل الفرح أما ذبح الاضحية فهو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فرحة المؤمن في يوم استثنائي..!
فرحة المؤمن في يوم استثنائي...!
العيد هو يوم فرحة المؤمن بطاعة الله تعالى ويومٌ شرع الله فيه إظهار البهجة والسرور، إنّه يوم عيد الفطر المبارك والنّاس بالتقاليد لهم الكثير في العيد ويختلف بين مجتمع وآخر وبينَ زمن وآخر، لذلك من المهم أن نتمسك بجذورنا وتقاليدنا وسنة نبينا في العيد، مهم أنّ تَضج بيوتاتنا ومساجدنا بالتكبير والتهليل، مهم أن نتصافح الرجال مع الرجال والنساء مع النساء والأرحام ونقبلُ بعضنا البعض ونذهب الغلّ من الصدور، مهم أن يرى أبناؤنا البسمة مع شروق الشمس والفرحة بطاعة الله تعالى، مهمٌ أن يشعُرَ أولادنا أنه يوم استثنائي باللباس والفرحة والنشاطات، مهمٌ أنّ نتصل بالأهل واحدا واحدا نعيَدهم ونتواصل مع أقربائنا كل هذا وغيره له في نفوس أبنائنا الشيء الكثير ولذا هناك عادات يعملها الناس بالعيد ومنها ما هو سنة نبينا عليه الصلاة والسلام منها:
صلاة العيد
هي سنة مؤكدة، وهي ركعتان، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال أي ما قبل الظهر، ولكنّ الأحسن تصلي بعد أن ترتفع الشمس قدر رمح، أي بحسب رأي العين، وتسنُ الجماعة فيها، وتصحُ لو صلاها الشخص منفردًا ركعتين كركعتي سنة الصبح، ويسنُ في أول الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبعَ تكبيرات، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام، ويقول بين كل تكبيرتين: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر». ويسن خطبتان بعد الصلاة يكبر الخطيب في الأولى منهما تسع تكبيرات، وفي الثانية سبع تكبيرات. ويسنُ التبكير بالخروج لصلاة العيد من بعد صلاة الصبح، إلا الخطيب فيتأخر إلى وقت الصلاة، ويسن الغسل ويدخل وقته بمنتصف الليل، والتزيّن بلبس الثياب وغيره، والتطيب، فمن أمكنهُ الصلاة مع الناس فعل ومن لا يمكنه صلاها هو وأهل بيته وإنّ كانَ الخروج أولى لكن لو بعدت المسافة أو لحاجة لاينبغي تركها بل تصلى فرادا وجماعة.
عادات طيبة
ومن العادات الطيبة التصافح والتقبيل وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة فتستحب لقادم من سفر وفي يوم عيد مع السلام فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُم». ويستحبُ التجمل بالثوب والتطيب ليوم العيد وذلك إظهار للفرحة ومما يستحب ويتأكد في العيد صلة الأرحام وهي وصل الأقارب بزيارة أو رسالة أومكالمة هاتفية لأن قطيعة الرحم من الذنوب التي نهى الله عباده عنها ففي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أمرٌ بصلة الرحم، وترغيب في ذلك، قال الله تبارك وتعالى: «وَ?تَّقُواْ ?للَّهَ ?لَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَ?لأَرْحَامَ»، وصلة الرحم والمعنيُّ بالرحم أقاربَك من جهة أبيك وأمك، إخوانَك وأخواتِك، أعمامَك وعماتِك، أبناءَ أخيك وأبناءَ أخواتك، أبناءَ عمك، وأقاربَك من حيث الأب، أخوالَك وخالاتِك، أقرباءَ أمك، كلُّ أولئك رحم، أنتَ مدعوٌّ لصلة تلك الرحم . وهذه الزيارة أو الرسالة تجعل صلتَك بأقاربك قويةً متينة، يشعرون منك بالوصل و بالرحمة والشفقة والعطف عليهم، بسؤالك عنهم، و بإحسانك إليهم إن كانوا بحاجة لذلك، ومن ذلك دعوتُهم إلى الخير والنصح لهم، وإرشادهم إلى الهدى، وهذه الصلة للرحم من الواجبات على المسلم تجاه أقربائه المسلمين، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانَ يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليصل رحمه» ففي الحديث إشارة إلى جعل صلةَ الرحم من علامات كمال الإيمان بالله واليوم الآخر، فأكملُ الناس إيماناً من كان واصلاً لرحمه. وقد يحول بينك وبين وصل رحمك أمور منها اختلاف في وجهات النظر أحياناً، فتحمِل بعضَ الناس إلى الحقد على رحمه، وكراهية ومعادات رحمه، وقد يكون السبب أحيانا تعصب لزوجة أو العكس أو لأخ ونحو ذلك، فتحمل زوجَها على البعد عن أرحامه وقطيعة رحمه، وتزين له السوءَ، وتنقل كلَّ خطأ قاله الرحم أو فعله، لتبعد زوجَها عن رحمه واقاربه، وتحولُ بينه وبين رحمه وأقربائه، فتقول: رحمُك وأقاربك قالوا: كذا، قالوا: كذا، فعلوا كذا، قالوا: كذا، لماذا !!؟ تريد أن تجعلها وسيلةً للحيلولة بين الإنسان وبين رحمه وأقربائه، أو قد يكون العكس من الزوج تجاه زوجته وأهلها فكم من زوجٍ حرَضَ زوجته على قطيعة أقربائها بل مع التهديد بالطلاق ونحوه وما أبعدَ هذا الفعل عن الصواب وعن ما جاء في الشريعة، ولكنَّ المؤمن الذي يخاف الله ويتقيه لا يُصغي لمثل هذه الكلمات ولا يقيم لها وزناً، لأن صلته لرحمه لا يريدُ بها جَزاءً من الخلق ولا ثناءً منهم، ولا كونَه فوقهم مرتبةً، ولا أنَّ يتسلَّط عليهم بنفوذ الأمر والكلمة، كلُّ تلك التُرهات لا تخطر بباله، إنمّا يُريدُ من صلة رحمه قربةً يتقرَّب بها إلى الله و طاعةً يطيع الله بها، وعملاً صالحاً يرجو من الله الأجر والثواب في الآخرة، ولذا يقولُ سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام:(( ليسَ الواصلُ بالمُكافئ، إنمّا الواصلُ الذي إذا قطعت رحمهُ وصلها ))، ليس الواصلُ الذي يقول: رحمي زارني سأزوره، رحمي دَعاني سأدعوه، رحمي أهدى إلي سأهدي إليه، رحمي... لا، ولكن الواصلَ الذي يصل ولو أدبروا ولو قطعوا فإذا قطعت الرحم وأبعدت الرحم لا تعاملهم بالمثل بل كُنّ عاملاً بمّا علمنا رسول الله أنك تصل وليس تكافئ وتجزي فقط من يعاملك بخير!. وصلة الرحم فيها منافع في الدنيا والآخرة فهي تسلُ الحقد من القلوب وتقوى الروابط الأسرية التي أمرَ الشرع بها وليس من عادات المسلمين ما يفعله البعض من أنه يقول من لا يزورني لا أزوره ومن لا يرد لي المكالمة لا أبادر بالاتصال به بل في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم «صل أرحامَكَ ولو همّ أدبَروا»، أي ولو لم يبادروا هم بالسؤال عنك بادر أنتَ واغتنم الأجرَ من الله تعالى، واحذر أن تكونَ قاطعا لرحمك بسبب شهوة النفس والانتصار لها قال الله تعالى:«فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ في ?لأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ / أَوْلَـئِكَ ?لَّذِينَ لَعَنَهُمُ ?للَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَـارَهُمْ». والنبيّ صلى الله عليه وسلم حثَّ حثاً شديداً على صلة الرحم بقوله عليه الصلاة والسلام: «من أحبَ أن يُبسَط له في رزقه ويدفعُ عنه ميتةَ السوء فليصل رحمه»، فصلةُ الرَحِمْ سببٌ لبَركةِ الرزق، وسببٌ لبركة العمر، أو بركة في لياليه وأيامه وتوفيقاً لعمل صالح وسبب لمدح الإنسان حياً وميتاً، والعيدُ مناسبة ليصل الإنسان رحمه ولو باتصال أو زيارة أو رسالة يرضى بها رحمه ويطلب الثواب من ربه، وأما زيارة القبور فهي مستحبة في أي وقت ولا تخصص لها بالعيد لكن لابأس من زيارة القبور للاعتبار والتفكر بحال الدنيا والقراءة والنفع للأموات المسلمين ومن قال إنه يوم عيد لا ينبغي ذكر الموت فيه فقد أخطأ لأنَّ نبينا عليه الصلاة والسلام كان في صبيحة العيد يقرأ سورة «ق» وهي من السور التي فيها الكثير من الآيات عن ذكر الموت والآخرة، وامّا زيارة النساء للقبور فيجوز إنّ كان ضمنَ حدود السَتر والحشمة للاعتبار لأنَّ النّبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بالحكمة من زيارة القبور فقال: «كنتُ قد نَهيتكم عن زيارةِ القبور ألا فَزوروها فإنّها تذكرنا الآخرة»، قال الإمام النووي رحمه الله في هذا الحديث جاءَ الإذنُ من النّبي بزيارة القبور بلفظ عام ولم يُخصص فيه الرجال دونَ النساء ومما يدلُ على جواز زيارة القبور للنساء قولُ النّبي صلى الله عليه وسلم لعائشة حين سئلت ما أقول إذا مررتُ بالقبور فقال قولي السلام عليكم دار قوم مؤمنين لو كان ممنوع لها لقال لها لا تدخلي ولا تقولي شيئا، فزيارة القبور أمرٌ فيه نفع للزائر بالاعتبار وللميت بالثواب الذي يُهدى له ويستحبُ أن يقولَ الزائر ما روى مسلم وابن ماجه وأحمد وغيرهم عن بريدة رضي الله عنه قال: « كانَ رسولُ الله صلىَّ الله عليه وسلم يُعلِمُهم إذا خَرجوا إلى المقابر فكانَّ قائلهم يقول: « السلامُ على أهلِ الديّار منَّ المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاءَ الله للاحِقون». وروى مسلم والطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال:»السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون». وروى مسلم أيضًا والنَسائي وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « السلامُ على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين، وإنّا إنْ شاءَ الله للاحقون». وروى الترمذي في سننه عن إبن عباس رضي الله عنهما قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: « السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر». أما حديث: «لعنَّ اللهُ زوارات القبور» فهو منسوخ ( النسخ هو رفع حكم شرعي سابق بحكم شرعي لاحق) بحديث: « كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها « رواه مسلم. فهو صريح لجواز زيارة القبور، وأجمعوا على أنَّ زيارتها سنة للرجال والجمهور على أنها سنة للنساء أيضًا. فزوروا أمواتكم أو لا تنسوهم من دعوة صالحة أو قراءة نافعة تصل إليهم فأنَّ في صدقات الأحياء حسنات في صحائف الأموات.
زكاة الفطر
إنّ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم شرعَ لنّا في نهاية هذا الشّهر صدقةَ الفِطر، فصدقةُ الفطر فريضةٌ فرضها رسول الله صلى الله عليه فرضَها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمومِ المسلمين، ذكورِهم وإناثهم، صِغارهم وكبارهم، يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على الذّكر والأنثى والحرِّ والعبد والصغير والكبير. فيؤدِّيها المسلم عن نفسِه، وعمّن يلزمه الإنفاقُ عليه من زوجةٍ وأولاد، وهذه الفِطرة أوجبَها رسول الله صلى الله عليه وسلم في طعام الآدميِّين من التّمر والشعيرِ والزبيب، قال ابن عمر: فرضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقةَ الفطر صاعًا من طعامٍ تمرٍ أو صاعًا من شعير، والصاعُ مِلءُ أربع حَفنَات من اليد ويقدر اليوم على حال بلاد اميركا بنحو 7 دولارات ومن تطوع بالزيادة كان خيراً له فيخرج عن كل ولد صغير وزوجة هذا القدر. ولهذه الزكاة وقت محدود لايجوز التأخر عنه ووقتها يبدأ من أول رمضان لكنَّ السنة تأخيرها لما قبل صلاة العيد ويجوز إخراجُها قبل العيد بيوم أو يومين، لكن لايجوز تأخيرها إلى ما بعدَ غروب شمس أولِ يوم العيد، وتعطى لفقير أو لمن يَستحق الزكاة ويجوز أن يوكّل بإخراجها كأن يوكّلَ ثقة في بلد آخر أنّ يُخرجها عنه ويفي له بالمال.افرحوا ايها المسلمين بيوم الفطر واذكروا إخوة لكم نزل بهم من البلاء الكثير أدعوا الله لهم أن يكشف الله ما نزل بأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
لكل أمّةٍ مِن الأمَم عيد يأنسون فيه ويفرحون،وهذا العيد يتضمَّن عقيدة هذه الأمة وأخلاقَها وفلسفةَ حياتِها، وعيد الفطر وعيد الأضحى فقد شرعهما الله تعالى لأمّة الإسلام، قال الله تعالى: «لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا» [الحج:34]، روى ابن جرير في تفسيره عن ابن عبّاس قال: «منسكًا أي: عيدًا».
وعيد الفطر وعيد الأضحى يكونان بعدَ ركنٍ مِن أركان الإسلام، فعيدُ الفِطر يكون بعدَ عبادةِ الصّوم وعيد الأضحى بعد عبادة الحجّ وبهذا تواترت النصوص الشرعية، وقال ابن الأعرابي: «سمّي عيدًا لأنّه يعود كلّ سنة بفرح متجد»..
وهذا المعنى في العيد هو الوارد في السنة النبوية الصحيحة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل أبو بكر، وعندي جاريتان من الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث، قالت: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر، إنّ لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا».أخرجه البخاري ومسلم.
فالعيد في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة، والعيد في معناه الإنساني يومٌ تلتقي فيه قوة الغني، وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالةٍ من وحي السماء، عُنوانُها الزكاةُ، والإحسانُ، والتوسعة.
والعيد في معناه النفسي حدٌّ فاصلٌ بين تقييدٍ تخضع له النفسُ، وتَسكُنُ إليه الجوارح، وبين انطلاق تنفتح له اللهواتُ، وتتنبّه له الشهوات.
والأعياد في الإسلام لها أخلاق وآداب منها :
أولاً ـ الفرح والسرور بقدوم العيد :
فالعيد جعل للفرح والسرور لا لتجديد الهموم والأحزان،قالت عائشة رضي الله عنها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني، وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمرُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعهم، أمنًا بني أرفدة». أخرجه البخاري.
قال ابن عابدين: «سمّي العيد بهذا الاسم لأنّ لله تعالى فيه عوائد الإحسان، أي: أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل عام، منها: الفطر بعد المنع عن الطعام، وصدقة الفطر، وإتمام الحج بطواف الزيارة، ولحوم الأضاحي وغير ذلك، ولأنّ العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور غالبًا بسبب ذلك». حاشية ابن عابدين (2/165).
ففي العيد يستروح الأشقياء ريح السعادة، ويتنفس المختنقون في جو من السعة، وفيه يذوق المُعدمون طيبات الرزق، ويتنعم الواجدون بأطايبه.
ففي العيد تسلس النفوس الجامحة قيادها إلى الخير، وتهش النفوس الكزة إلى الإحسان.
وفي العيد تنطلق السجايا على فطرتها، وتبرز العواطف والميول على حقيقتها.
ثانياً - الاغتسال والتطيب والتزين :
من إظهار الفرح والسرور في العيد الحرص على الاغتسال والتطيب والتزين ولبس الجديد،عن نافع أنّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهم كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى. أخرجه مالك في الموطأ.
وثبت أنّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل في هذين اليومين. أخرجه مالك في الموطأ بسند صحيح (1/146).
وقد نقل اتِّفاق الفقهاء على استحباب الاغتسال للعيدين غيرُ واحدٍ من أهل العلم.
قال ابن عبد البر: «واتفق الفقهاء على أنّه حسنٌ لمن فعله».
وقال ابن رشد: «أجمع العلماء على استحسان الغسل لصلاة العيدين«. بداية المجتهد (1/216).
ويستحب التزين في العيدين في اللباس والطيب عند عامة الفقهاء ,فعن عبد الله بن عمر قال: أخذ عمر جبةً من استبرق تباع في السوق، فأخذها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ! ابتع هذه، تجمل بها للعيد والوفود. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إنّما هذه لباس من لا خلاق له». البخاري (948).
قال ابن قدامة: «وهذا يدل على أنّ التجمل عندهم في هذه المواضع يعني: الجمعة، والعيد، واستقبال الوفود كان مشهورا». المغني (5/257).
قال مالك: «سمعتُ أهل العلم يستحبّون الطيب والزينة في كلّ عيد، والإمام بذلك أحقّ؛ لأنّه المنظور إليه من بينهم«. انظر: المغني (5/258).
ثالثاً ـ لكل عيد سنة :
فيستحب الأكل قبل الخروج إلى الفطر، وأن تكون على تمرات، كما هو هديُ النبي صلى الله عليه وسلم، وصحابته من بعده. انظر: الأوسط لابن المنذر (4/254).
فعن أنس رضي الله عنه:أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترًا. أخرجه البخاري في العيدين، باب: الأكل يوم الفطر قبل الخروج (953)، عن أنس رضي الله عنه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «إن استطعتم ألا يغدو أحدكم يوم الفطر حتى يطعم فليفعل».
ويستحب تأخير الأكل بعد الصلاة في عيد الأضحى لقوله تعالى : « إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) سورة الكوثر.
كما يستحب الخروج لصلاة العيد من طريق والرجوع من طريق أخرى : فعن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي عليه السلام إذا كان يوم عيد خالف الطريق..أخرجه البخاري في العيدين، باب: من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد (986).
كما يستحب إظهار التكبير،عن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين، قالا : نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام.
وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : « كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى ) قال وكيع يعني التكبير. انظر ( إرواء 3/122).
ثبت عن ابن مسعود عن ابن أبي شيبة أنه كان يقول: «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، بتشفيع التكبير، وفي رواية أخرى له أيضاً بتثليث التكبير وهي صحيحه.تمام المنة (ص356).
الله أكبر قولوها بلا وجل * * * وزينوا القلب من مغزى معانيها
بها ستعلو على أفق الزمان لنا * * * رايات عز نسينا كيف نفديها
الله أكبر ما أحلى النداء بها * * * كأنه الري في الأرواح يحيها
كما يحرم صوم يومي العيدين لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر. متفق عليه، أخرجه البخاري في: كتاب الصوم، باب: صوم يوم الفطر، وفي كتاب الأضاحي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي (الفتح 3/280، 10/26)، وأخرجه مسلم في: كتاب الصيام، باب: النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى (2/799).
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: «وقد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال؛ سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك، ولو نذر صومهما متعمداً لعينهما، قال الشافعي والجمهور: لا ينعقد نذره ولا يلزمه قضاؤهما..انظر صحيح مسلم بشرح النووي (8/15).
وقيل: إن الحكمة في النهي عن صوم العيدين أن فيه إعراضاً عن ضيافة الله تعالى لعباده. انظر: نيل الأوطار (4/262).
رابعاً ـ التهنئة بالعيد :
فعن جبير بن نفير قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك. قال الإمام أحمد: إسناده جيد،وحسن الحافظ إسناده في الفتح (2/517)،وانظر أيضاً تمام المنة للألباني (ص354-356).
فالتهنئة بالعيد مما يزرع الود في قلوب الناس،لذا استحب الذهاب لصلاة العيد من طريق والرجوع من طريق حتى يستطيع المسلم تهنئة أكبر عدد من المسلمين.
خامساً ـ زيارة الأهل والأقارب وصلة الرحم :
هذا مستحب مندوب إليه في كل وقت لكنه يتأكد في هذه الأيام، خصوصا الوالدين لأن فيه إدخال أعظم السرور عليهما وهو من تمام الإحسان إليهما الذي أمر الله به في كتابه،قال تعالى :« وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) سورة الرعد.
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. أخرجه أحمد و«البُخَارِي».
ومن الصلة الرحمة باليتيم والعطف عليه،قال تعالى : «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) سورة الضحى.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ،قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله،صلى الله عليه وسلم: أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِى الْجَنَّةِ،وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى،وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلاً. أخرجه اْحمد 5/ 333(23208) «البخاري) 7/68 «5304).
دخل أحد الصحابة مسجداً فاستوقف نظره طفل لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره قائم يصلي بخشوع فلما فرغ من صلاته سأله الصحابي: ابن مَنْ أنت؟ قال الصبي: إني يتيم، فقال الصحابي: أَترضى.أن تكون لي ولداً؟ فقال الصبي: هل تطعمني إذا جعت؟ قال الصحابي: نعم قال: هل تسقيني إذا عطشت؟ قال الصحابي: نعم قال: هل تكسوني إذا عريت؟ قال الصحابي: نعم قال: وهل تحييني إذا مت؟ فدهش الصحابي. وقال: هذا ما ليس إليه سبيل. فقال الصبي: فاتركني إذاً للذي خلقني ثم رزقني ثم يميتني ثم يحييني. فانصرف الصحابي وهو يقول: لعمري مَنْ توكل على الله كفاه.
سادساً ـ التوسعة على العيال في الأكل والشرب:
لا حرج في التوسعة في الأكل والشرب والنفقة في هذه الأيام من غير سرف، لقوله صلى الله عليه وسلم في عيد الأضحى عند مسلم وغيره: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل».
دخل رجل على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في يوم عيد الفطر فوجده يأكل طعاما خشنا فقال له: يا أمير المؤمنين... تأكل طعاما خشنا في يوم العيد... فقال له الإمام علي كرم الله وجهه: اعلم يا أخي أن العيد لمن قبل الله صومه وغفر ذنبه... ثم قال له: اليوم لنا عيد وغدا لنا عيد وكل يوم لا نعصي الله فيه فهو عندنا عيد.
كما يباح اللهو المباح: لحديث أنس عند أبي داود، والنسائي بسند صحيح، قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال عليه الصلاة والسلام: «كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله خيراً منها: يوم الفطر ويوم الأضحى».
وأخرج الشيخان وأحمد عن عائشة قالت: «إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت».
وأما الغناء المباح فلما أخرجه الشيخان وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث وفي رواية -: وليستا بمغنيتين، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه. ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما وفي رواية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا».
سابعاً ـ البعد عن اللهو المحرم والمنكرات والبدع :
فالعيد في الإسلام سكينةٌ ووقارٌ، وتعظيمٌ للواحد القهار، وبعدٌ عن أسباب الهلكة ودخول النار. والعيد مع ذلك كله ميدان استباق إلى الخيرات، ومجال منافسة في المكرمات.
ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعته تزيد.
ليس العيد لمن تجمّل باللباس والمركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب.
ليس العيد لمن حاز الدرهم والدينار إنما العيد لمن أطاع العزيز الغفار.
ليس العيد لمن لبس الجديد... إنما العيد لمن أطاع رب العبيد وخاف وعيد وعمل ليوم الوعيد.
ليس العيد لمن لبس الثياب الفاخرة... إنما العيد لمن عمل وخاف الآخرة.
وورد أن الملائكة تنزل في صبيحة يوم عيد الفطر تقف في أبواب الطرق وتنادي يا أمة محمد: اغدوا إلى رب كريم يمن بالخير ثم يعطي عليه الجزيل.. لقد أمرتم بصيام النهار فصمتم وأمرتم بقيام الليل فقمتم وأطعتم ربكم فارجعوا مغفوراً لكم... ويسمى هذا اليوم في السماء بيوم الجائزة.
العيد في الإسلام سكينةٌ ووقارٌ، وتعظيمٌ للواحد القهار، وبعدٌ عن أسباب الهلكة ودخول النار.
قال الإمام انس بن مالك رحمه الله: للمؤمن خمسة أعياد: كل يوم يمر على المؤمن ولا يكتب عليه ذنب فهو يوم عيد،اليوم الذي يخرج فيه من الدنيا بالإيمان فهو يوم عيد،واليوم الذي يجاوز فيه الصراط ويأمن أهوال يوم القيامة فهو يوم عيد،واليوم الذي يدخل فيه الجنة فهو يوم عيد،واليوم الذي ينظر فيه إلى ربه فهو يوم عيد.
فها هو الخليفة العادل الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله ورضي عنه... رأى ابنه عبد الملك في ثياب رثة في يوم العيد... فبكى عمر رضي الله عنه... فلاحظ ابنه البار ذلك... فقال له: ما يبكيك يا أبتاه ؟ فقال له أبوه الرحيم: أخاف أن تخرج يا بني في هذه الثياب الرثة إلى الصبيان لتلعب معهم فينكسر قلبك... فقال الابن البار لأبيه الرحيم: إنما ينكسر قلب من عصى مولاه وعق أمه وأباه... وأرجو أن يكون الله راضيا عني برضاك عني يا أبي... فضمه عمر إلى صدره وقبله بين عينيه ودعا له... فكان ازهد أولاده.
عادات الشعوب في عيد الفطر
بالرغم من تشابه عادات المسلمين في البلدان العربية والإسلامية خلال عيد الفطر المبارك، إلا أن لدى بعض الشعوب والدول عادات تختص بها دون غيرها.
وإن كانت صلاة العيد وزيارات الأقارب وصلة الرحم واحدة في الدول الإسلامية، لأنها صادرة من التشريعات الدينية، إلا أن لكل دولة طريقة مختلفة -بعض الشيء في ممارسة هذه العادات والتقاليد.
العراق
مظاهر عيد الفطر في العراق عن طريق نصب المراجيح ودواليب الهواء والفرارات وتهيئتها للأطفال. أما النساء فيشرعن بتهيئة وتحضير الكليجة المعمول بأنواع حشوها المتعددة، إما بالجوز المبروش أو بالتمر أو بالسمسم والسكر والهيل، مع إضافة الحوايج وهي نوع من البهارات لتعطيها نكهة معروفة، حيث تقدم الكليجة للضيوف مع استكان شاي وبعض قطع الحلويات والحلقوم أو من السما المن والسلوى أو المسقول.
وتعمل النساء نوعاً من الكليجة من دون حشو يطلق عليه الخفيفي حيث يضاف إليه قليل من السكر ويدهن بصفار البيض ويخبز إما بالفرن أو بالتنور.
وتبدأ الزيارات العائلية عقب تناول فطور الصباح بالذهاب إلى بيت الوالدين والبقاء هناك لتناول طعام الغداء، ثم معايدة الأقارب والأرحام ومن ثم الأصدقاء.
ويأخذ الأطفال العيدية من الوالدين أولاً ثم يذهبون معهما إلى الجد والجدة والأقارب الآخرين، بعدها ينطلقون إلى ساحات الألعاب حيث يركبون دواليب الهواء والمراجيح.
السعودية
ففي السعودية مثلاً تبدأ مظاهر العيد قبل العيد نفسه، حيث تبدأ الأسرة بشراء حاجياتها من ألبسة وأطعمة وغيرها، ويتم الإعداد للحلويات الخاصة بالعيد في بعض المناطق، كمثل الكليجية والمعمول.
عند أول ساعة من صباح العيد، يتجمع الناس لصلاة العيد التي تجمع الناس في أحيائهم الخاصة، حيث يقوم الناس بعد أداء الصلاة بتهنئة بعضهم البعض في المسجد، وتقديم التهاني الخاصة مثل (كل عام وأنتم بخير) و(عساكم من عواده) و(تقبل الله طاعتكم) وغيرها. ثم يذهب الناس إلى منازلهم استعداداً للزيارات العائلية واستقبال الضيوف من الأهل والأقارب.
وتنتشر عادة في الكثير من الأسر السعودية بالاجتماعات الخاصة في الاستراحات التي تقع في المدينة أو في أطرافها، حيث يتم استئجار استراحة يتجمع فيها أعضاء الأسرة الواحدة الكبيرة، والتي تضم الجد والأولاد والأحفاد. حيث تقام الذبائح والولائم، يتبعها اللعب من قبل الصغار والكبار، وتعقد الجلسات العائلية الموسعة.
الإمارات
في الإمارات فإن ربة البيت في القرى تبدأ بإعداد المنزل وتنظيفه وترتيبه رغم انه في الغالب يكون مرتباً.. لكن من ضروريات العيد أن تتم إعادة ترتيب البيت، وتوضع الحناء على أيدي البنات والسيدات أيضاً، ويتم تجهيز الملابس الجديدة للأطفال أيضاً خاصة والجميع بشكل عام، ويتم تجهيز طعام العيد خاصة اللقيمات والبلاليط وغيرها.. ثم بعض الحلويات.. ما توضع كميات من الفواكه في المجالس لاستقبال الضيوف، وطبعاً في مقدمة ذلك كله التمر والقهوة والشاي. وفي القرى أيضاً.. يبدأ العيد بالصلاة في الأماكن المفتوحة، وغالباً ما يكون الرجال في كامل زينتهم من ملابس جديدة، وقد يكون هنالك إطلاق نار في الرزقة .. وهي رقصة شعبية أيضاً تعبيراً عن الفرح.
أما في المدن، فالاستعدادات متشابهة..لكن الصلاة تكون في مصلى العيد، وهو مفتوح أيضاً، لكن لا يشاركون في الرزقة، وإنما ينطلقون بعد الصلاة لتهنئة الأهل والأقارب بالعيد، وعقب صلاة الظهر ينطلق الأطفال والأسر بشكل عام نحو الحدائق والمنتزهات للابتهاج بهذا اليوم..وتكون عبارة التهنئة المعتادة..مبروك عليكم العيد..عساكم من عواده..
مصر
وفي مصر تتزين الأحياء الشعبية بمظاهر العيد، ويعود الأطفال مع والديهم محملين بالملابس الجديدة التي سيرتدونها صباح عيد الفطـر.
وتجد الازدحام على اشده قبل العيد في جميع المخابز لأنها تستعد لعمل كعك العيد وهو سمة من سمات العيد في مصر، وتتفنن النساء في عمله مع الفطائر الأخرى والمعجنات والحلويات التي تقدم للضيوف.أما بيوت الله فتنطلق منها التكبيرات والتواشيح الدينية، حيث يؤدي الناس صلاة العيد في الساحات الكبرى والمساجد العريقة في القاهرة، وعقب صلاة العيد يتم تبادل التهاني بقدوم العيد المبارك، وتبدأ الزيارات ما بين الأهل والأقارب وتكون فرحة الأطفال كبيرة وهم يتسلمون العيدية من الكبار، فينطلقون بملابسهم الجميلة فرحين لركوب المراجيح ودواليب الهواء، والعربات التي تسير في شوارع المدن وهم يطلقون زغاريدهم وأغانيهم.
السودان
أما في السودان، ففي منتصف شهر رمضان المبارك، يقوم البيت على قدم وساق للاستعداد للمناسبة العظيمة، حيث تعد أصناف الحلوى وألوان الكعك والخبز، مثل الغريبة والبيتي فور والسابليه والسويسرول بكميات وافرة تكفي لإكرام الزائرين الذين يتوافدون بعيد صلاة العيد، والتي تؤدى في الساحات قرب المساجد، يشهدها الجميع، ويتبادلون التهاني، ويحلل بعضهم بعضاً، ويتجاوزن عمّا سلف وكان في السابق، ثم يتوافد رجال الحي في كثير من القرى إلى منزل أحد الكبار، أو أي مكان متفق عليه، كلا يحمل إفطاره، ثم يخرجون جماعات لزيارة المرضى وكبار السن، وكذلك تفعل النساء والأطفال، حيث يقضون نهار اليوم الأول في الزيارات والتهاني للجيران، قبل أن ينطلق الجميع بعد الغداء وصلاة العصر لزيارة الأثل والأقارب والأصحاب في الأحياء الأخرى. وتستمر الزيارات طوال الأيام الأولى من شوال، حيث تنظم الرحلات العائلية والشبابية، ويقضي الجميع أوقات جميلة مع بعضهم البعض على ضفاف نهر النيل.
ويحرص كثير من السودانيين المقيمين في المدن، على قضاء عطلة العيد في قراهم ومراتع صباهم بين أهلهم وأحبابهم. كذلك مما يميز العيد في السودان، ما يعرف باسم العيدية وهي قطع من النقود التي يمنحها الأب أو الأعمام أو الأخوال والكبار، للصغار، الذين يشترون بها ما يشاءون من ألعاب وحلويات.
النيجر
تقوم كل الأسر بطبخ طعام عبارة عن دجاج، أو لحم، ومكرونة، ليأكلوا صباح يوم العيد قبل الذهاب إلى صلاة العيد وتتبادل الأسر والأقارب هذا الطعام كهدايا.
سنغافورة
بعد صلاة العشاء ليلة العيد هناك طعام خاص تعده الأسر في سنغافورة ويسمى كتوبات وهو عبارة عن أرز يلف بعروق شجرة النارجيل على شكل مربع ويوضع على شبكة تعلو إناء كبيراً [حلة] بها ثقوب كثيرة ويملأ هذا الإناء بالماء ويوضع على النار ويتم نضج الـ [كتوبات] على البخار المنبعث من الماء المغلي داخل الإناء حتى ينضج تماماً ويؤكل يوم العيد مع اللحم المطبوخ والدجاج المقلي. تقام صلاة العيد في سنغافورة في الميادين العامة وتذهب إلى الصلاة كل الأسر صغيرها وكبيرها ثم تتم زيارة الأهل وخاصة كبار السن، ويتم أيضاً تبادل التهاني ونعطي الأولاد الصغار نقوداً عبارة عن دولارين سنغافوريين.. أما الرجال الكبار فيعطون الأولاد عشرة دولارات كهدية.
الجزائر
مع اقتراب يوم عيد الفطر، تشهد المحلات التجارية اكتظاظا بالعائلات خاصة تلك التي تعرض ملابس الأطفال الذين بدورهم يقضون هذه الأيام في التجول بين هذه المحلات رفقة أوليائهم من أجل اختيار واقتناء ما يروق لهم من ألبسة قصد ارتدائها والتباهي بها يوم العيد.
اريتريا
تقوم كل أسرة توفي فيها الجد أو الاب بدعوة الناس لتناول طعام الفطور ثم يدعون الحاضرين الى مائدة الطعام الى الميت ولكن لاحزن في هذه الطقوس لان ذلك يوم العيد.
الصومال
تستعد الاسر الصومالية بشراء ملابس جديدة للاطفال وفي صباح يوم العيد وبعد الانتهاء من الصلاة تبدأ الزيارات وتقديم التهاني للاسر وغالباً ما يتم الذبيح ايام العيد وتوزيع اللحوم وكما يستقبل رمضان باطلاق النار كذلك يتم اطلاق النار يوم العيد.
جيبوتي
معظم الناس في جيبوتي يذبحون في العيد من التوسعة على الأطفال وكذلك تتم دعوات للزوار لكي يتناولوا الطعام وهذا الذبح يكون من اجل الفرح أما ذبح الاضحية فهو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فرحة المؤمن في يوم استثنائي..!
فرحة المؤمن في يوم استثنائي...!
العيد هو يوم فرحة المؤمن بطاعة الله تعالى ويومٌ شرع الله فيه إظهار البهجة والسرور، إنّه يوم عيد الفطر المبارك والنّاس بالتقاليد لهم الكثير في العيد ويختلف بين مجتمع وآخر وبينَ زمن وآخر، لذلك من المهم أن نتمسك بجذورنا وتقاليدنا وسنة نبينا في العيد، مهم أنّ تَضج بيوتاتنا ومساجدنا بالتكبير والتهليل، مهم أن نتصافح الرجال مع الرجال والنساء مع النساء والأرحام ونقبلُ بعضنا البعض ونذهب الغلّ من الصدور، مهم أن يرى أبناؤنا البسمة مع شروق الشمس والفرحة بطاعة الله تعالى، مهمٌ أن يشعُرَ أولادنا أنه يوم استثنائي باللباس والفرحة والنشاطات، مهمٌ أنّ نتصل بالأهل واحدا واحدا نعيَدهم ونتواصل مع أقربائنا كل هذا وغيره له في نفوس أبنائنا الشيء الكثير ولذا هناك عادات يعملها الناس بالعيد ومنها ما هو سنة نبينا عليه الصلاة والسلام منها:
صلاة العيد
هي سنة مؤكدة، وهي ركعتان، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال أي ما قبل الظهر، ولكنّ الأحسن تصلي بعد أن ترتفع الشمس قدر رمح، أي بحسب رأي العين، وتسنُ الجماعة فيها، وتصحُ لو صلاها الشخص منفردًا ركعتين كركعتي سنة الصبح، ويسنُ في أول الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبعَ تكبيرات، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام، ويقول بين كل تكبيرتين: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر». ويسن خطبتان بعد الصلاة يكبر الخطيب في الأولى منهما تسع تكبيرات، وفي الثانية سبع تكبيرات. ويسنُ التبكير بالخروج لصلاة العيد من بعد صلاة الصبح، إلا الخطيب فيتأخر إلى وقت الصلاة، ويسن الغسل ويدخل وقته بمنتصف الليل، والتزيّن بلبس الثياب وغيره، والتطيب، فمن أمكنهُ الصلاة مع الناس فعل ومن لا يمكنه صلاها هو وأهل بيته وإنّ كانَ الخروج أولى لكن لو بعدت المسافة أو لحاجة لاينبغي تركها بل تصلى فرادا وجماعة.
عادات طيبة
ومن العادات الطيبة التصافح والتقبيل وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة فتستحب لقادم من سفر وفي يوم عيد مع السلام فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُم». ويستحبُ التجمل بالثوب والتطيب ليوم العيد وذلك إظهار للفرحة ومما يستحب ويتأكد في العيد صلة الأرحام وهي وصل الأقارب بزيارة أو رسالة أومكالمة هاتفية لأن قطيعة الرحم من الذنوب التي نهى الله عباده عنها ففي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أمرٌ بصلة الرحم، وترغيب في ذلك، قال الله تبارك وتعالى: «وَ?تَّقُواْ ?للَّهَ ?لَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَ?لأَرْحَامَ»، وصلة الرحم والمعنيُّ بالرحم أقاربَك من جهة أبيك وأمك، إخوانَك وأخواتِك، أعمامَك وعماتِك، أبناءَ أخيك وأبناءَ أخواتك، أبناءَ عمك، وأقاربَك من حيث الأب، أخوالَك وخالاتِك، أقرباءَ أمك، كلُّ أولئك رحم، أنتَ مدعوٌّ لصلة تلك الرحم . وهذه الزيارة أو الرسالة تجعل صلتَك بأقاربك قويةً متينة، يشعرون منك بالوصل و بالرحمة والشفقة والعطف عليهم، بسؤالك عنهم، و بإحسانك إليهم إن كانوا بحاجة لذلك، ومن ذلك دعوتُهم إلى الخير والنصح لهم، وإرشادهم إلى الهدى، وهذه الصلة للرحم من الواجبات على المسلم تجاه أقربائه المسلمين، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانَ يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليصل رحمه» ففي الحديث إشارة إلى جعل صلةَ الرحم من علامات كمال الإيمان بالله واليوم الآخر، فأكملُ الناس إيماناً من كان واصلاً لرحمه. وقد يحول بينك وبين وصل رحمك أمور منها اختلاف في وجهات النظر أحياناً، فتحمِل بعضَ الناس إلى الحقد على رحمه، وكراهية ومعادات رحمه، وقد يكون السبب أحيانا تعصب لزوجة أو العكس أو لأخ ونحو ذلك، فتحمل زوجَها على البعد عن أرحامه وقطيعة رحمه، وتزين له السوءَ، وتنقل كلَّ خطأ قاله الرحم أو فعله، لتبعد زوجَها عن رحمه واقاربه، وتحولُ بينه وبين رحمه وأقربائه، فتقول: رحمُك وأقاربك قالوا: كذا، قالوا: كذا، فعلوا كذا، قالوا: كذا، لماذا !!؟ تريد أن تجعلها وسيلةً للحيلولة بين الإنسان وبين رحمه وأقربائه، أو قد يكون العكس من الزوج تجاه زوجته وأهلها فكم من زوجٍ حرَضَ زوجته على قطيعة أقربائها بل مع التهديد بالطلاق ونحوه وما أبعدَ هذا الفعل عن الصواب وعن ما جاء في الشريعة، ولكنَّ المؤمن الذي يخاف الله ويتقيه لا يُصغي لمثل هذه الكلمات ولا يقيم لها وزناً، لأن صلته لرحمه لا يريدُ بها جَزاءً من الخلق ولا ثناءً منهم، ولا كونَه فوقهم مرتبةً، ولا أنَّ يتسلَّط عليهم بنفوذ الأمر والكلمة، كلُّ تلك التُرهات لا تخطر بباله، إنمّا يُريدُ من صلة رحمه قربةً يتقرَّب بها إلى الله و طاعةً يطيع الله بها، وعملاً صالحاً يرجو من الله الأجر والثواب في الآخرة، ولذا يقولُ سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام:(( ليسَ الواصلُ بالمُكافئ، إنمّا الواصلُ الذي إذا قطعت رحمهُ وصلها ))، ليس الواصلُ الذي يقول: رحمي زارني سأزوره، رحمي دَعاني سأدعوه، رحمي أهدى إلي سأهدي إليه، رحمي... لا، ولكن الواصلَ الذي يصل ولو أدبروا ولو قطعوا فإذا قطعت الرحم وأبعدت الرحم لا تعاملهم بالمثل بل كُنّ عاملاً بمّا علمنا رسول الله أنك تصل وليس تكافئ وتجزي فقط من يعاملك بخير!. وصلة الرحم فيها منافع في الدنيا والآخرة فهي تسلُ الحقد من القلوب وتقوى الروابط الأسرية التي أمرَ الشرع بها وليس من عادات المسلمين ما يفعله البعض من أنه يقول من لا يزورني لا أزوره ومن لا يرد لي المكالمة لا أبادر بالاتصال به بل في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم «صل أرحامَكَ ولو همّ أدبَروا»، أي ولو لم يبادروا هم بالسؤال عنك بادر أنتَ واغتنم الأجرَ من الله تعالى، واحذر أن تكونَ قاطعا لرحمك بسبب شهوة النفس والانتصار لها قال الله تعالى:«فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ في ?لأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ / أَوْلَـئِكَ ?لَّذِينَ لَعَنَهُمُ ?للَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَـارَهُمْ». والنبيّ صلى الله عليه وسلم حثَّ حثاً شديداً على صلة الرحم بقوله عليه الصلاة والسلام: «من أحبَ أن يُبسَط له في رزقه ويدفعُ عنه ميتةَ السوء فليصل رحمه»، فصلةُ الرَحِمْ سببٌ لبَركةِ الرزق، وسببٌ لبركة العمر، أو بركة في لياليه وأيامه وتوفيقاً لعمل صالح وسبب لمدح الإنسان حياً وميتاً، والعيدُ مناسبة ليصل الإنسان رحمه ولو باتصال أو زيارة أو رسالة يرضى بها رحمه ويطلب الثواب من ربه، وأما زيارة القبور فهي مستحبة في أي وقت ولا تخصص لها بالعيد لكن لابأس من زيارة القبور للاعتبار والتفكر بحال الدنيا والقراءة والنفع للأموات المسلمين ومن قال إنه يوم عيد لا ينبغي ذكر الموت فيه فقد أخطأ لأنَّ نبينا عليه الصلاة والسلام كان في صبيحة العيد يقرأ سورة «ق» وهي من السور التي فيها الكثير من الآيات عن ذكر الموت والآخرة، وامّا زيارة النساء للقبور فيجوز إنّ كان ضمنَ حدود السَتر والحشمة للاعتبار لأنَّ النّبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بالحكمة من زيارة القبور فقال: «كنتُ قد نَهيتكم عن زيارةِ القبور ألا فَزوروها فإنّها تذكرنا الآخرة»، قال الإمام النووي رحمه الله في هذا الحديث جاءَ الإذنُ من النّبي بزيارة القبور بلفظ عام ولم يُخصص فيه الرجال دونَ النساء ومما يدلُ على جواز زيارة القبور للنساء قولُ النّبي صلى الله عليه وسلم لعائشة حين سئلت ما أقول إذا مررتُ بالقبور فقال قولي السلام عليكم دار قوم مؤمنين لو كان ممنوع لها لقال لها لا تدخلي ولا تقولي شيئا، فزيارة القبور أمرٌ فيه نفع للزائر بالاعتبار وللميت بالثواب الذي يُهدى له ويستحبُ أن يقولَ الزائر ما روى مسلم وابن ماجه وأحمد وغيرهم عن بريدة رضي الله عنه قال: « كانَ رسولُ الله صلىَّ الله عليه وسلم يُعلِمُهم إذا خَرجوا إلى المقابر فكانَّ قائلهم يقول: « السلامُ على أهلِ الديّار منَّ المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاءَ الله للاحِقون». وروى مسلم والطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال:»السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون». وروى مسلم أيضًا والنَسائي وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « السلامُ على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين، وإنّا إنْ شاءَ الله للاحقون». وروى الترمذي في سننه عن إبن عباس رضي الله عنهما قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: « السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر». أما حديث: «لعنَّ اللهُ زوارات القبور» فهو منسوخ ( النسخ هو رفع حكم شرعي سابق بحكم شرعي لاحق) بحديث: « كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها « رواه مسلم. فهو صريح لجواز زيارة القبور، وأجمعوا على أنَّ زيارتها سنة للرجال والجمهور على أنها سنة للنساء أيضًا. فزوروا أمواتكم أو لا تنسوهم من دعوة صالحة أو قراءة نافعة تصل إليهم فأنَّ في صدقات الأحياء حسنات في صحائف الأموات.
زكاة الفطر
إنّ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم شرعَ لنّا في نهاية هذا الشّهر صدقةَ الفِطر، فصدقةُ الفطر فريضةٌ فرضها رسول الله صلى الله عليه فرضَها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمومِ المسلمين، ذكورِهم وإناثهم، صِغارهم وكبارهم، يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على الذّكر والأنثى والحرِّ والعبد والصغير والكبير. فيؤدِّيها المسلم عن نفسِه، وعمّن يلزمه الإنفاقُ عليه من زوجةٍ وأولاد، وهذه الفِطرة أوجبَها رسول الله صلى الله عليه وسلم في طعام الآدميِّين من التّمر والشعيرِ والزبيب، قال ابن عمر: فرضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقةَ الفطر صاعًا من طعامٍ تمرٍ أو صاعًا من شعير، والصاعُ مِلءُ أربع حَفنَات من اليد ويقدر اليوم على حال بلاد اميركا بنحو 7 دولارات ومن تطوع بالزيادة كان خيراً له فيخرج عن كل ولد صغير وزوجة هذا القدر. ولهذه الزكاة وقت محدود لايجوز التأخر عنه ووقتها يبدأ من أول رمضان لكنَّ السنة تأخيرها لما قبل صلاة العيد ويجوز إخراجُها قبل العيد بيوم أو يومين، لكن لايجوز تأخيرها إلى ما بعدَ غروب شمس أولِ يوم العيد، وتعطى لفقير أو لمن يَستحق الزكاة ويجوز أن يوكّل بإخراجها كأن يوكّلَ ثقة في بلد آخر أنّ يُخرجها عنه ويفي له بالمال.افرحوا ايها المسلمين بيوم الفطر واذكروا إخوة لكم نزل بهم من البلاء الكثير أدعوا الله لهم أن يكشف الله ما نزل بأمة محمد صلى الله عليه وسلم.