| أنوار مرزوق الجويسري |
المكان والزمان قادران على استجلاب السعادة وعلى استحداث الفرح، فكلما كان المكان قريباً إلى قلبك زادت سعادتك، وكلما كان الزمان عظيماً عندك زاد به أنسك، فكيف بالزمن الذي يشرعه الله كوقت ثابت للسعادة؟، وكيف هي سعادتنا بعطاء الله؟.
إن العيد هبة من المنان، زمن شرعه لنسعد ولنفرح ولنظهر مشاعر الأنس والمودة، وجعل من شعائره الجمال في اللباس والهيئة والكلام والعطايا لتتحقق لنا سعادات مضاعفة، إنه وقت مستقطع من زحمة الأعمال وثقل النفوس وجفاء الأحباب، وقت مستقطع وهبه الله لنا لنحيا كما لو لم نر في الدنيا ألماً قط.
إذا كانت قيمة العيد في عطاء الله لنا، فإن تلك القيمة لا تكتمل بلا عطاء آخر يمده الأخ لأخيه، فمن منا يفرح وحده؟، ومن منا ينتشي فرحاً بقلب واحد لا يشاركه أحد؟، لذلك كانت قيمة الأهل والصحب تظهر وتبين لنا في الفرح أكثر من الحزن، ذاك لأن الفرحة لا تكتمل بالوحدة أما الحزن فتمامه ونقصانه يعتمد على الفرد وحده، لذلك كان تمام العيد بتمام الوصل والعطاء، ونقصه بنقص الوصل والعطاء، فعيدك عطاء أول من الله وعطاء ثانٍ منك لأحبابك.
العطاء فن من فنون الحياة، ومهارة نتعلمها ونتدرب عليها كي نمارسها بإتقان، فهي تسبق كل مهارات التعامل مع الآخرين وتأتي على رأس القائمة، ولكي نتمرّس العطاء نبدأ من القلب، فنرفع النوايا الحسنة ونثبط النوايا السيئة، ثم نأتي للأشخاص لنعطي كل منهم قدرة الذي يستحق في نفوسنا، وبعد ذلك نلجأ للواقع الذي نتحرك فيه لنمارس عطاءات صغيرة حيناً وكبيرة حيناً، تبدأ بالابتسامة وتنتهي بالهدايا وتمر بالمساعدات وقضاء الحوائج وإظهار السرور والألفة والإصلاح بين الناس، فالعطاء صغيره وكبيره عند البشر كبير عند الله مهما صغر.
تخيل سرورا كثيرا مضاعفا، يبدأ من الله ويمر بك وبأهلك وصحبك ويتضاعف أكثر في كل عطاء من أحدكم إلى الآخر، تخيل حجم السعادة، وتخيل كم أن النفوس ستهدأ وتطمئن، ولو زرعنا في قلوبنا نية إرضاء الله في عيدنا وصلة أرحامنا لوجدنا في تلك النية خيرا في الدنيا وخيرا في الآخرة، فلنبدأ بممارسة العطاء كفن راقٍ يليق بنا وبالعيد، ولنحترم العيد ونعظّمه كشعيرة من شعائر الله، ولنحافظ عليه من أن تفسده الخلافات، كي نُرضي الله بعطائه لنا.
@anwar1992m
[email protected]