رثاء / من جاسم الخرافي إلى أخي وصديقي الذي رحل ... أنور النوري

تصغير
تكبير
كنت بالنسبة لي أخاً، وصديق عمر، ورفيق درب. أحبك كل من عرفك، واحترمك كل من عمل معك، وكنت دائما نموذجا في العطاء وفي حب الناس والوفاء للوطن. كنت نقي السريرة، إنسانا ودودا، متسامحا، متواضعا، لم أرَ منك يوما غير دماثة الخلق وحسن المعشر.

هكذا عرفتك وهكذا ستبقى في مخيلتي، وها أنا اليوم بقلب حزين ونفس مؤمنة بالله سبحانه، أودعك يا أخي وصديقي أنور عبد الله النوري، عسى العلي القدير ان يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته. وبالرغم من حجم المصاب، وقسوة لحظة فراقك، لا أقول إلا انه قضاء الله وقدره الذي لا راد لقضائه سبحانه.

مصابنا كبير برحيلك يا بو مناور، فلقد فقدتك الكويت كما فقدناك جميعا، وكان عطاؤك معينا لم ينضب في العمل الوطني والثقافي والتربوي، وتركت بصمة في كل موقع تبوأته، وإنجازا في كل عمل قمت به، وكنت دائما كبيرا بإنجازاتك، وعزاؤنا ان الكبار لا تمحى من على أرض الوطن مآثرهم، ولا تنمحي من النفوس مكانتهم ومحبتهم. وكانت طوابير العزاء بعد رحيلك شهادة كبيرة على مكانتك في قلوب أهل الكويت، وكانت تقديرا لشخصك وعطائك وتفانيك في خدمة وطنك.

كانت نعم المدرسة التي تعلمت فيها وتخرجت منها، مدرسة والدك الشيخ عبد الله النوري رحمه الله وطيب ثراه، تعلمت منها مكارم الأخلاق ونبل المقاصد، وحسن القول وطيب الفعل، وتوجت ذلك بسعة أفقك وحكمتك فنلت احترام وتقدير كل من تعامل معك، وكنت مرجعا ومقصدا لكل باحث عن رأي سديد أو مشورة صادقة.

كنت مواطنا كويتيا من طراز فريد، لم تبخل على وطنك بجهد أو عطاء، وكنت صاحب مسيرة حافلة بالانجازات وتركت بصمة في كل عمل أوكل إليك أو منصب تقلدته، وكانت مساهماتك في العمل التطوعي لا تحصى، وجهودك في المجتمع المدني لا تعد، وحبك لعمل الخير ليس له حدود. وكنت في كل ذلك نبعا متجددا من العطاء، حرصت على سمعة وطنك، وقدمت نموذجا في التفاني والعطاء لكل من عمل معك، وبذرت بذور الأمل والتفاؤل فيمن حولك، وعملت دائما على لم الشمل بين من حولك أو من عمل معك، وكانت قناعتك دائما ان الكويت قوية بوحدتها، وشعبها قوي بتماسكه.

لقد كنت يا بو مناور رفيق درب وصديقا وأخا منذ بداية علاقتنا عام 1957، عندما كنا ندرس بالمملكة المتحدة، وكانت علاقة أخوية حميمة أعتز بها، لم تنقطع أبدا على المستويين الشخصي والأسري، حضرت حفل زواجي وحضرت حفل زواجك، وكنت أنت شاهدا على زيجات أبنائي وكنت أنا شاهدا على زيجات أبنائك، وكنا جميعا أنت وأنا معا في الأفراح والأتراح. وطيلة سنين تلك العلاقة لم أرَ منك إلا ما يسر النفس، ويشرح الخاطر. كنت تنتقي كلماتك بلباقة متميزة، وتتعامل مع الجميع باحترام، وتعبر عن رأيك بإيجابية، سمتك الخلق الرفيع، وشيمتك الأدب الجم، وخصالك مكارم الأخلاق، وديدنك حب الكويت وأهلها. ولعل من العديد من السمات الإنسانية في شخصيتك، رحمك الله، إحساسك المرهف بالآخرين، وتجاوبك العفوي مع مشاعرهم وأحاسيسهم، بالدعم والمساندة إن احتاج الأمر، وبالنصح والمشورة السديدة إن تطلب ذلك، ما جعلك، رحمك الله، دائما قريبا من القلب نأنس بوجودك ونسعد بحديثك، ونطمئن لرأيك وحكمتك.

نعم مصابنا كبير برحيلك يا فقيدنا الغالي، سنفتقدك جميعا، سيفتقدك ربع الوفرة، وسيفتقدك ديوان البدع، وستفتقدك مجموعة العمرة، فقد كنت فيها جميعا نبع مودة وألفة، وفيض ثقافة وفكر، وسندا ومعينا للجميع. ورغم رحيلك ستبقى يا فقيدنا الغالي الحاضر الغائب تملأ ذكراك القلوب، وتؤنس ذكرياتك الجميلة الأماكن، وتسعد النفوس بحضورك فيها، عسى العلي القدير ان يتغمدك بواسع رحمته، ويسكنك فسيح جناته، ويلهم أختي الفاضلة أم مناور والبنات والأبناء مريم وغدير ومناور وخلود وعبد الله، وجميع أهلك وذويك ويلهمنا الصبر والسلوان.



إنا لله وإنا إليه راجعون.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي