| سلطان حمود المتروك |
ديرة آمنة مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان أهلها مستقرون في بيوتهم فاستيقظوا في صبيحة الثاني من أغسطس 1990 على أصوات المدافع وأزيز الطائرات، وجنود مدججين بالأسلحة. أصبحت الدنيا «خرمس» ظلامها حالك أعمدة الدخان تغطي السماء انهم جنود هولاكو العراق أتوا ليبطشوا بجيرانهم دون أن يقترفوا ذنباً أو يؤذوا أحداً أو ينغصوا العيش على أحد جاؤوا ليعيثوا في الأرض فساداً، جاءت مع أسراب الطائرات أسراب من الذباب الأزرق الممتلئ بالأوبئة والأمراض منعوا الهواء عن الناس حتى حضانات الخدج لم تأمن من بطشهم، اقتادوا الشباب والشابات كي يذبحوهم على أعتاب منازلهم كما تُذبح الأضاحي.
قلوب قاسية وأيدٍ كلها بطش وعيون يكتنفها الحقد والضغينة والبغضاء، وقف أهل هذه الديرة ضد بطشهم وعدوانهم وبغيهم وعانوا الكثير حتى كتب الله لهم النصر فهبت الدنيا بأسرها من الأشقاء والأصدقاء لإعانتهم وتخليصهم من تلك الفئة الظالمة والطاغية والباغية وروت دماء شهداء هذه الديرة أرضها فانتعشت الأرض ونمت وترعرعت في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة وذلك بجهود أبنائها المخلصين الذين يكونون سورها القوي المانع. فعسى أن نستلهم من دروس الغزو الصدامي الغاشم على أرضنا الطيبة عبراً وعظات فنكون صفاً واحداً وننبذ التطرف والتشرذم والتفرق ونتحد في بوتقة واحدة ونبعد الشحن السياسي عن ساحتنا ونضم جهودنا جميعاً من أجل التفكير في مستقبل هذه الديرة التي ضمت الجميع تحت جناحيها لنخرج بخطة متكاملة وشاملة في جميع النواحي التربوية والإنسانية والصحية والعمرانية والاقتصادية حتى تكون هذه الديرة هي جوهرة الدنيا كما كانت بجهود أبنائها جميعاً.
وصدق الأديب العم علي يوسف المتروك حين قال في سيمفونيته الرائعة: أنشودة البحر:
ياديرة الخير يا حصناً نلوذ بهِ
ويا سنا برقِ حبٍ ساكنٍ فينا
عدنا إليكِ وعاد الشوقُ يجمعنا
على ثراكِ فنادينا وضُمينا