محمد الوشيحي / آمال / ينسون... للي ينسون

تصغير
تكبير

كنت أظن بأنني «النسّاي الأول» في الكويت، أي الأكثر نسيانا في هذا البلد المعطاء، لكنني اكتشفت بأنني «ميموري كارد» مقارنة بحدس التي اعتادت أن «تنسى» فتجيّر مواقف الآخرين باسمها... النائب الحدسي ناصر الصانع «نسيَ» في الجلسة البرلمانية ما قبل الأخيرة فقال ما معناه بأن «حدس – وكما يعلم الجميع – أعلنت عن رفضها لتدوير بدر الحميضي من المالية إلى النفط». فسقط الفك السفلي لكل من كان موجودا في القاعة، وتدلدلت الألسن، وجحظت الأعين، وتساءل الحضور: هل كيف ومتى أعلنت حدس عن رفضها يا فضيلة النائب المحترم؟ ترى هل التبس الأمر على «أبي بدر» فخلط ما بين حدس والشعبي؟ يجوز، فالجيب واحد.

شيطاني، وأعوذ بالله من شيطاني الخبيث، همس في أذني: النائب الصانع كان يريد أن تُسجل كلمته في المضبطة، وهي الوثيقة التاريخية، لتأتي الأجيال الحدسية بعد عقود وتعلن بأن «أسلافنا الحدسيين رفضوا تثبيت سابقة تدوير الوزراء المستجوبين»! وبالفعل سجلت المضبطة ذلك، فتأوّه التاريخ ألماً.

حدس قبل ذلك بأشهر كانت قد «نسيت» نفسها في تلك الليلة الليلاء، ليلة «إلا الدستور». إذ بعدما انتهت المعركة، وبعدما نقل الجرحى والقتلى، سمعنا صوتا حدسيّا من هناك: «إلا الدستور، وين أعداء الدستور؟ هدّوني عليهم»! في حين لو تم القبض على المنظمين (أقول لو، من باب الافتراض الخيالي) فلن تهتم حدس بإخراجهم حتى ولو بكفالة مالية. لا هي ولا «السلف» الذين وصلوا في اليوم الثاني بعد انتهاء المعركة... وطبعا معركة «إلا الدستور» كانت صورة طبق الأصل عن معركة «نبيها خمس»، من حيث مواقف الكتل السياسية.

ويوم الخميس الفائت، وأثناء الجلسة البرلمانية لمناقشة أسباب غلاء الأسعار، هاجت حدس وماجت، فأشارت بأصبع الاتهام لاتحاد الجمعيات التعاونية، لكنها نسيت التجار، أو بالأحرى، نسيت نفسها فوقفت في صف القوي ضد الضعيف. لذلك لم تنتقد حدس سياسة الاحتكار، ولم تعلن عن رفضها لما يحصل من مبالغة في رفع الأسعار! اعذروها فقد استشرى في جسدها والعياذ بالله مرض النسيان! لكنها لم تنس والحمد لله أن اتحاد الجمعيات التعاونية هو «القلعة الأخيرة» من بين القلاع المالية الصامدة في وجهها، والتي يجب سلبها بعد دكّها بالمنجنيق، ليتسنى حينذاك لحدس السيطرة على جيوب البسطاء بالقوة بعدما كانت تستجديهم الصدقات! لذلك، أقول لنواب حدس بحكم تجربتي المريرة والطويلة مع النسيان: «عليكم بالينسون يا شباب. الينسون وما جاكم عندي».




*  *   *

ثمة لفتات قد تبدو للبعض صغيرة، لكنها في أعين غيرهم كبيرة... كنا خمسة نتابع جلسة «الأسعار» البرلمانية عبر شاشة تلفزيون استراحة النواب في المجلس: النائب السابق غنام الجمهور، ونايف الركيبي الوكيل في ديوان سمو رئيس الوزراء، والعميد الدكتور فهد المصيريع من الداخلية، وفهد العجمي من مكتب النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع، وأنا. فدخل الشيخ محمد عبد الله المبارك القاعة، وجاء للسلام علينا، وعندما وصل إلى النائب غنام الجمهور، قام الشيخ محمد بتقبيل «خشمه». فعلقّت: «الله يرفع قدرك يا بو عبد الله»، فقال الحضور: هذه عادته مع الكبار.

بالطبع، يمتد اختلافي السياسي مع الشيخ محمد من «الحقل إلى المائدة»، إلا أن لفتته تلك كشفت لي معدنا أصيلا.


محمد الوشيحي

 [email protected]  

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي