| د. حمد العصيدان |
بسبب ظروف شهر رمضان الكريم، ومواعيد طباعة الجريدة المبكرة فيه، لن نستطيع الحديث عن مخرجات الانتخابات كما وعدنا في المقال السباق، لأن تسليم المقال للصفحة جرى قبل إعلان النتائج، وبالتالي فإن الحديث عن المخرجات نؤجله للأسبوع المقبل بإذن الله.
وحديثنا اليوم سيتركز على ما طرحه المرشحون خلال الفترة القصيرة من عمر الحملات الانتخابية، والشعارات التي رفعوها، وما رافق ذلك من مظاهر غير صحية.
أولا، نشد على يد وزارة الداخلية في حملتها على مشتري الأصوات ومداهمة أوكارهم، وما أسفر ذلك عن اعترافات المندوبين والعاملين في حملات بعض المرشحين عن قيامهم بعمليات شراء الأصوات وحجز جنسيات الناخبين. فمثل هذه الظواهر تشوه العملية الديموقراطية وتفقدها المنافسة الشريفة القائمة على تساوي الفرص بين المرشحين والتأثير على إرادة الناخب، وهو ما لا نرجو أن تكون نتائجه واضحة في نتائج الأمس.
ثانيا، من تابع حملات المرشحين وأقوالهم وتصريحاتهم التي ملأت الصحف ومواقع التواصل والخدمات الإخبارية، يظن أن الكويت تعيش على فوهة بركان سيعصف بها في اي لحظة، أو أن موقعها في مجاهل أفريقيا حيث لا خدمات ولا بنية تحتية ولا حتى مؤهلات دولة مدنية. وهذا لا شك مجافٍ للحقيقة كثيرا، فالبلاد ولله الحمد تعيش حالة من الرخاء المعيشي لا يتحقق لكثير من الشعوب، وهذا ما يجب أن نعترف به ويعترف به المرشحون، من فازوا منهم ومن لم يحالفهم الحظ.
صحيح أن هناك بعض المشكلات والمعوقات في قضية الخدمات من جهة، وفي الوضع السياسي والعلاقة بين السلطتين من جهة ثانية، ولكن الصحيح أيضا أن هناك جهودا لا تنكر في العمل الوزاري للارتقاء بالخدمة. ومع ذلك فمن حق المرشحين الذين انضموا إلى قائمة مجلس الأمة أن يعملوا على إصلاح ما رأوه اعوجاجا أو انحرافا عن الطريق القويم. وإذا أردنا أن نتحدث بتفصيل عما تداولته الندوات والتصريحات فأول ما يبرز إصرار الجميع على تحصين الوحدة الوطنية ورفض استيراد المشكلات المحيطة بنا، وسط تحذيرات من الطرح الطائفي والفئوي الذي يمزق النسيج الوطني ويطعن في تماسك المجتمع القائم منذ قرون.
ونحن في هذه النقطة بالذات نقول للناجحين «هذا الميدان يا حميدان» فهل ستعملون على حماية الوحدة الوطنية وتشكلون كتلة برلمانية للوحدة الوطنية قوامها 50 عضوا، أم أن الشقاق والخلاف سيدب بينكم وستبرز الاصطفافات التي ستشكل أول ضربة لنسيج الأمة من بيت الأمة؟ نحن بالفعل بحاجة إلى تقوية جبهتنا الداخلية ورص الصفوف في مواجهة المد الطائفي الذي يغزونا، وخاصة في ظل بعض التصرفات التي تحدث من أطراف تتقصد من خلالها اللعب على وتر الطائفية والفئوية، وهو ما تحتاجه المرحلة المقبلة، فلتكن شعارات الوحدة الوطنية، والكويت أولا، وما سواهما تطبيقا عمليا يتجاوز كلمتين أو ثلاثا وضعت إلى جانب صورة المرشح أثناء الانتخابات.
وفي العلاقة بين السلطتين سمعنا كثيرا عن عزم المرشحين إعادة الهيبة لمجلس الأمة التي فقدها من خلال تخلي نواب المجلس المبطل عن مهامهم ومحاباة الحكومة، وهنا نعيد القول «هذا الميدان يا حميدان» لنرى مدى التزام النواب بما وعدوا به، وبأنهم سيجعلون العلاقة بين المجلس والحكومة علاقة الند للند وليس التابع، وخاصة ما رأيناه من ردود الفعل الواسعة التي أوجدها تصريح وزير المالية مصطفى الشمالي عندما قال عن الاعتراض الواسع للمنحة الكويتية لمصر بأنه «لا صوت يعلو على صوت الحكومة» فسل المرشحين سيوف الوعيد، متعهدين بإبعاد الشمالي عن الحكومة المقبلة. ومع أننا لا ندعو للصدام بين السلطتين، فإن إثبات الذات أمر مهم للنائب ليجبر الطرف المقابل على أن يحترمه ويحسب له حسابا.
إذاً انقشع غبار المعركة الانتخابية وتحدد الفرسان الجدد، وننتظر معركة العمل على ترجمة البرامج والوعود إلى واقع... ونحن ننتظر ونراقب.
[email protected]
twitter@Dr_alasidan