اللبنانية المخضرمة التي غطت نشاطات 10 رؤساء أميركيين

رحيل عميدة صحافيي البيت الأبيض هيلين توماس

تصغير
تكبير
| كتب نصر المجالي - (إيلاف) |

توفيت العميدة السابقة لصحافيي البيت الأبيض، الأميركية المخضرمة هيلين توماس ذات الأصول اللبنانية عن عمر يناهز 92 عاما، والتي غطت أخبار البيت الأبيض ونحو عشرة رؤساء اميركيين لنحو ستة عقود ابتداءً من الراحل جون كينيدي.

وقالت التقارير ان توماس، التي عرفت بانتقادها للاحتلال الاسرائيلي، توفيت في واشنطن بعد صراع طويل مع المرض.

وكانت هيلين توماس اضطرت للاستقالة في 8 يونيو 2010 من وظيفتها بعد أن سجل لها حديث أدلت به خارج البيت الابيض قالت فيه «ان على الاسرائيليين ان يخرجوا من فلسطين ويعودوا الى ديارهم».

وقالت عن اسرائيل: «هؤلاء الناس محتلون وعليهم ان يرجعوا الى ألمانيا أو بولندا... أخبِرْهم أن يخرجوا من فلسطين».

وحينها، اعتبر الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس تصريحاتها «عدائية وغير مسؤولة، وتستدعي التوبيخ» وطالبها بالاعتذار، فاعتذرت وتقاعدت بعد مسيرة مهنية حافلة امتدت ستة عقود،غطت خلالها أنباء عشرة من رؤساء الولايات المتحدة.

ويشار الى انه في احدى المرات علّقت ضاحكة على موضوع محاولة الاسرائيليين التجسس على اميركا: «انهم موجودون هنا في كل مكان، فما حاجتهم الى التجسس؟».

وكانت توماس بدأت مشوارها الصحافي كموظفة طباعة في جريدة «واشنطن ديلي نيوز» ثم عملت لعقود لوكالة «يونايتد برس انترناشونال» ثم أصبحت كاتبة عامود في سلسلة صحف «هيرست».

وتعتبر توماس من رائدات العمل الصحافي في العالم حيث كانت أول امرأة عضواً في نادي الصحافة القومي، وأول امرأة عضواً ورئيساً لجمعية مراسلي البيت الأبيض وأول امرأة عضواً في «نادي غريديرون» وهو أقدم وأهم نادٍ للصحافيين في العاصمة الأميركية.

وألفت توماس أربعة كتب كان آخرها «كلاب حراسة الديمقراطية» الذي انتقدت فيه دور وسائل وشبكات الاعلام الأميركية في فترة رئاسة جورج بوش، حيث وصفت وسائل الاعلام الكبرى بأنها تحولت من «سلطة رابعة وكلاب تحرس الديمقراطية الى «كلاب أليفة».

وعرفت توماس بتوجيهها لأسئلة صعبة والحاحها للحصول على اجابات خلال المؤتمرات الصحافية، حتى وصف سكرتير صحافي للبيت الأبيض اسئلتها (توماس) بأنها كانت بمثابة «عملية تعذيب» لكنه لم يخف اعجابه بموهبتها.

وقال الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون ان توماس هي السيدة الأولى للصحافة الأميركية حيث عرف وجهها من الوجود الدائم في الصف الأول في مؤتمرات البيت الأبيض اضافة الى اسئلتها اللاذعة.

وأثار هجوم توماس الشديد على الرئيس الأميركي جورج بوش والحرب على العراق حفيظة الصحافة اليمينية في الولايات المتحدة وأطلق عليها لقب «العرافة العجوز القادمة من الشرق».

ولدت هيلين توماس في 4 أغسطس 1920في بلدة غزة بولاية وينشيستر، لوالدين مهاجرين من طرابلس لبنان و كانت عائلتها تعرف سابقا بـ«طلوس» قبل استقلال لبنان عن سورية.

وتربت هيلين في ديترويت، ميتشيغن، وقد فاخرت بانتمائها العربي فقالت: «أشعر بانتماء الى لبنان. أحس بانتمائي الى ثقافتين».

والتحقت هيلين توماس بجامعة واين (حاليا جامعة واين الحكومية)، حصلت منها على البكالوريوس في 1942. عملت بعدها في أول وظيفة لها كموظفة طباعة في جريدة واشنطن ديلي نيوز (متوقفة حاليا).

وفي العام 1943 انضمت توماس الى وكالة «يونايتد برس انترناشونال» حيث قامت باعداد تقارير عن المرأة لوكالة الأنباء تلك. لاحقا وبعد عقد كتبت في عمود لصحف المؤسسة تحت عنوان «Names in the News». وبعد العام 1955 قامت هيلين توماس بتغطية نشاطات الوكالات الفيديرالية الأميركية مثل وزارة العدل الأميركية، مكتب التحقيقات الفيديرالي ووزارة الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية (وزارة سابقة). كما خدمت توماس كرئيس لنادي المرأة القومي للصحافة بين عامي (1959 - 1960).

وفي العام 1960 بدأت هيلين تغطي أنشطة الرئيس المنتخب لاحقا جون اف ينيدي لتلحق به في البيت الأبيض في يناير 1961 كمراسلة لوكالة «يونايتد برس». واشتهرت توماس بلقب «بوذا الجالس»، و«ظِل الرؤساء الاميركيين» وابتداء من فترة الرئيس كينيدي أصبحت هي من يطرح السؤال الأول على الرئيس لانها عميدة المراسلين، وهي من ينهي اللقاء بالقول: «شكرا السيد الرئيس»Thank you، Mr. President» لكن بوش الابن حرمها ذلك الامتياز.

ووجهت هيلين توماس نقدًا لفترة رئاسة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش للولايات المتحدة حيث قالت ان الرئيس الأميركي بات ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر الارهابية على الولايات المتحدة، ينظر الى كل من يعترض على سياساته، وخاصة في العراق «على أنه يقف مع الارهابيين، واذا كان أميركيا فانه غير وطني» كما تقول.

وتضيف في حوار صحافي لها أجرته في 2004 «ان ذلك المنطق العجيب سرعان ما أفقد أميركا احترامها وهيبتها في العالم، وبدد الصورة الديموقراطية للولايات المتحدة».

وحول كون بوش قدم نفسه كرجل محافظ وأنه سيجلب السياسة الرحيمة للولايات المتحدة»، تعترف توماس بأنه محافظ لكنها لا تظنه رحيماً كما أنها تذكر أنها منعت من طرح أسئلة على الرئيس بوش حين سألته: «لماذا لم يحترم الفصل بين الدين والدولة بانشاء مكتب ديني في البيت الأبيض؟».

ولم تتردد هيلين توماس في القول أمام مركز الحوار العربي في واشنطن ان بوش الابن هو أسوأ الرؤساء الاميركيين على الاطلاق، لأنه أدخل العالم في مرحلة من الحروب الابدية المستديمة، وهو ما يكرر أهوال الماضي. وفي عهده خسرت اميركا معظم أصدقائها في العالم.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي