أرق / الظلم ظلمات...!

تصغير
تكبير
| أمل العبيد |
لا تظلم الآخرين... فتكن لنفسك ظالم.
يقول الشاعر
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً
فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك، وعينُ الله لم تنمِ
أحقاً تريد السعادة لنفسك... أحقاً تريد الامن والاطمئنان النفسييْن... إذاً لا تظلم الآخرين... لا تظلم بيدك، لاتظلم بلسانك، لاتظلم بقلبك... فالظلم باليد بيِّن وأمره معروف والظلم باللسان جرحه لا يلتئم ومنه النميمة ورمي الناس بالبهتان... والظلم بالقلب الحقد والغيرة والحسد وسوء الظن بالآخرين فالظلم يولِّد ظلمة في القلب وضيقاً في النفس، والظلم يعكّر على الظالم صفاء العيش ولذة الحياة و قد بيَّن الله سبحانه وتعالى أن الظالم محروم من الفلاح في دنياه وأخراه، ومصروف عن الهداية في دينه ومعاشه، فقال: «إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» والظلم يخلّف سوء العاقبة «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»، ويؤدي إلى الندم، وقد أخبر سبحانه وتعالى عن الندم الذي يسببه ظلم اللسان في قوله تعالى: «إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، فقبل أن تقول: أخي هكذا فعل! أخي هكذا قال! قبل أن تستمع إلى خبر فاسق، أو حاسد، أو مُبْغِض أو مفْتَرٍ دقِّق في الخبر وتبيّن، فمن أحسنَ الظن بأخيه فكأنما أحسن الظن بربه، فهذا أخوك مؤمن، فاحذر أن تقدفه بالبهتان وترميه بالباطل كما أنك تخشى الله هو يخشى الله، فلماذا تُحْسِنُ الظن بنفسك وتسيء الظن به؟ فربما أنت أكثر منه تقوّلاً على الناس وإلا لما بلغك الخبر، وربما من جاءك بالخبر هو أول من يؤمن بمحتواه وأوصله إليك ليسمعك مالا يقدر أن يقوله هو لك! وربما هذا الفاسق الذي جاءك بالخبر اختلقه بنفسه وأراد، لغيرةٍ تنخر صدره أو لحسد يقطّعُ أحشاءه، أن ينال من بريء هو في غفلةٍ عمّا يُحاك ضده.
فاحذر أيها الغافل، المستيقظ- النائم، أن تصيبك دعوة المظلوم التي لن يفلت منها لا محالة ذلك الفاسق المشّاء بالنميمة المروِّج للأكاذيب والأضاليل، قال عليه الصلاة والسلام: «اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» أخرجه البخاري عن ابن عباس وها نحن علي مشارف دخول في الشهر الفضيل فترفع الكفوف لاهثه اللهم عليك بالظالمين... يامن تتساهل بالظلم مليار مسلم يدعون عليك...!
ولا تنسى أنك حينما تتهم بريئاً وتبلغه هذه التهمة يحقد عليك، ويبغضك وتنقلب المودة عداوةً، والصحبة فُرْقَةً، والمحبة بغضاءً، وأنت تعلم أن مجتمعنا ما تشتت وتفتت إلاّ بالغيبة والنميمة، كما قال الله عزَّ وجل: «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى»(سورة الحشر) ستقول لي ببراءة طفولية: من مشى بالخبر- النميمة إنسان مؤمن، والمؤمن لا يحسد حتى يلتجأ للبهتان للإيقاع بغريمه!
سأجيبك بما يثلج صدرك ويخمد شكوكك. قد ورد في الأثر «أن المؤمن لابدَّ له من كافرٍ يقاتله، ومنافقٍ يبغضه، ومؤمنٍ يحسده، وشيطانٍ يغويه، ونفسٍ ترديه».
للمؤمن خمسة أعداء، منهم مؤمن حسود وما أكثرهم!
الظلم وما أدراك ما الظلم؟! خلق ذميم، وذنب عظيم، وأذى جسيم، ووصف لئيم... مرتعه وخيم، وشؤمه ثقيل، يأكل الحسنات، ويجلب الويلات والنكبات، ويورث البغضاء، ويسبب الأحقاد والعداوات، يقول سفيان الثوري- رحمه الله-: «إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنباً في ما بينك وبين، الله تعالى، أهون عليك من أن، تلقاه بذنب واحد في ما بينك وبين العباد».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي