عندما تلقينا خبر وفاة سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح (طيب الله ثراه)، وأنا وكثيرون غيري، جلسنا أمام شاشة التلفزيون نتابع الخبر وآخر المستجدات أولاً بأول. حزنّا كثيراً لفقدان هذا الرمز، وهذا الفارس النموذج للتضحية والعطاء اللا محدود، فالشيخ سعد العبدالله بالمقاييس كلها إنسان لا يختلف اثنان على نبله وتواضعه وحبه للناس. لذلك نال الحب كله منا جميعاً مواطنين ومقيمين.
خلال متابعتي لخبر وفاة الشيخ سعد (رحمه الله) مع الأسف لاحظت حالاً من الارتباك وعدم الوضوح في الرؤية وعدم معرفة ما سوف يحدث، ومن المفترض أن يكون معروف ما الذي سوف يحدث في مثل هذه الحالات الحرجة. فمنذ أن عرفنا بخبر وفاة سمو الأمير الوالد والارتباك ساد شاشة تلفزيون الكويت، وسارعت شاشات التلفزيونات الفضائية الكويتية الخاصة في تقديم المزيد من الأخبار التي لم يجرؤ تلفزيون الكويت على تقديمها، رغم أنه من المفترض أن يكون تلفزيون الدولة الرسمي هو أول من يذيع الأخبار كلها عن الوفاة وعن موعد توديع الأمير الوالد وعن الحداد والعطلة في هذا الشأن.
حال الارتباك والفوضى استمرت لساعات، وانتقلت بعد ذلك إلى مراسم دفن جثمان الأمير الوالد الطاهر، فقد شاهدنا عبر شاشة التلفزيون طريقة عشوائية اختلط فيها الحابل بالنابل، فسمو الأمير الوالد (طيب الله ثراه) ليس إنساناً عادياً، لذلك كان من المفترض أن تكون هناك مراسم عسكرية للتشييع معروفة ومحفوظة في مثل هذه الحالات، فلقد كانت لي تجارب سابقة واطلعت على مراسم المناسبات المختلفة لبعض الدول وعلمت أن هناك تصنيفات للمراسم (أ، ب، ج، د)، وذلك حسب أهمية الشخصية وتصنيفها المعروف. كذلك معروف في تلك الدول من المعني بإصدار الأخبار، وهو لا يتوانى في إصدارها مباشرة. ثم معروف فترة الحداد وخط سير الجنازات وأماكن تجمع الشعب لتوديع الجثمان وأماكن تجمع وسائل الإعلام والمصورين، ومن الذي يحمل الجثمان وأي سيارة ستنقل الجثمان (كالسيارة الطويلة ذات الشبابيك العريضة والمستخدمة في دول أوروبية لنقل الجثمان، هيرسي)، ونحن مازلنا نستخدم سيارة الإسعاف، وغيرها من الإجراءات تكون معروفة ومحفوظة ومتوقعة، ومعروف مباشرة كم عدد أيام العطلة وكيف يتم حسابها وما إلى ذلك، فكل شيء محسوب ومدروس وبشكل تلقائي يقوم كل بدوره من دون انتظار أوامر من أحد، وبهذا يخرج لنا هذا النظام والترتيب الذي نراه في تلك الدول.
حرصنا على الظهور بصورة حضارية وبشكل يليق بالكويت هو الدافع لكتابة هذا المقال، لذلك نطلب من المسؤولين عن مثل هذه الأمور أن يقوموا بوضع مراسم معينة للمناسبات المفرحة والمحزنة كلها حتى لا تتكرر الفوضى ويسود الهرج والمرج في كل مناسبة، وأعلم أنه قد لا يتفق البعض مع هذا الرأي، إذ يعتبرون أن البساطة والفطرة هما السمة التي يجب أن تتوافر في مشهد وداع الشخصيات المرموقة، وهي ما يميّز الكويت وبعض الدول الأخرى، لكنني أعتقد أن الجميع يتفق معي في أهمية التنظيم والحرص عليه، فنحن لسنا أقل من الدول الأخرى في شيء.
د. حنان المطوع
كاتبة كويتية