نصار النصار : نعاني من رؤية قاصرة في فهم العملية النقدية وأعتز بتجربتي مع ناصر كرماني وهيفاء عادل

تصغير
تكبير
| حاوره حسن الفرطوسي |

لا أدري الى أي مدى تسمح لنا المناهج الفنية بأن نطلق على فنان مثل نصار النصار صفة «الفنان الشامل؟»  وهل هي صفة من شأنها أن تضيف الى الفنان مهارات اضافية تمكنه من تقديم المزيد من العطاء الفني، أم إنها تقف حائلاً أمام الخبرات التي تمنحها  منهجية التخصص بلون فني واحد؟  فبالاضافة الى نشاط الفنان النصار  المسرحي، تمثيلاً واخراجاً، هناك العديد من النشاطات الفنية التي يمارسها، مثل تصميم الديكور والفن التشكيلي وتقديم البرامج الاذاعية والتلفزيونية، وكذلك له مشاركات في التمثيل الدرامي وفي الغناء والموسيقى، إلا انه يؤكد بأن خشبة المسرح هي عشقه الأول والأخير .. وما بينهما .

له رؤاه الخاصة به بما يتعلّق في النقد وعن كيفية قبول الدور أو رفضه، حيث يقول النصار «أنا لا أقرأ النص بامعان قبل الموافقة عليه، فأنا أعتمد على كلام المخرج عن تفاصيل العمل وقد يتحدد قبولي أو رفضي وفق هذه المعايير» وفي هذا الحوار الذي أجرته «الراي» معه، تحدث الفنان عن بعض مراحله الفنية، كما تحدث عن تفاصيل آخر أدواره التي جسّد من خلاله شخصية «عبودي» الأعمى في مسرحية «سفر العميان» التي حاز من خلاله على جائزة أفضل ممثل دور ثان .. لمعرفة المزيد سنجده في تفاصيل هذا الحوار :     

• سنبدأ من آخر عرض لك، وهو «سفر العميان» من خلال شخصية «عبودي» التي أوصلتك الى جائزة أفضل ممثل دور ثان في مهرجان الكويت المسرحي الأخير، كيف تقيّم تجربتك مع عبودي ؟

- هناك ثلاث شخصيات امتزجت مع بعضها لانتاج شخصية عبودي، واحدة كانت موجودة اصلاً في نص الاستاذ ناجي الحاي، مؤلف المسرحية، والثانية موجودة في ذهن الاستاذ نجف جمال، المخرج، والثالثة كانت في ذاكرتي، وهو شخصية رجل كفيف وفيه شئ من العوق أيضاً، كان يسكن في منطقتنا، وقد لفت انتباهي خلال أيام الغزو  حيث كان يسير في الشارع وهو يهتف باسم الكويت بطريقة التصقت بذاكرتي، ومن خلال هذه الشخوص الثلاثة ظهرت شخصية عبودي التي اديتها في مسرحية «سفر العميان» وأنا سعيد جداً بأداء هذا الكاركتر لأنها امنية كانت تراودني منذ زمن بعيد، هذا بالاضافة الى انها تجربة جميلة ولابدّ وانها أضافت لي شيئاً جديداً، لاسيما وأنا أقف أمام ممثلين من جيل سابق لجيلي مثل ناصر كرماني وهيفاء عادل . وأعتقد ان تقييم اللجنة التي منحتني جائزة افضل ممثل على اداء شخصية عبودي كان صائباً .

• المسرحية بشكل عام واجهت انتقادات لاذعة وهجوماً عنيفاً خلال الندوة التطبيقية التي أعقبت العرض، فماذا تقول ؟

- النقد هو جزء لا يتجزأ من العملية الابداعية بشكل عام، لأنه يشكّل الرؤية النافذة للمفاصل التي لا يراها المتلقي العادي في أي عمل فني، ولكن ليس كل ما يقال خلال الندوة التطبيقية هو نقد بالضرورة، فهناك الكثير من الآراء التي طرحت وقيلت وكتبت بشأن «سفر العميان» هي أبعد ما يكون عن النقد بمفهومه الأكاديمي، ولا يتعدى حدود ردود الأفعال المنطلقة من دوافع شخصية، والحقيقة أن هذا النوع من النقد غير المنهجي له تأثيرات سلبية ليس على العمل الفني فحسب، بل على البنية الذوقية بشكل عام ويؤثر سلباً على قدرة المتلقي في التمييز بين ما هو جيد وما هو ردئ .. الندوات التطبيقية التي تعقب العروض هي فرصة عظيمة لمتذوقي المسرح وطلبة الدراسات المسرحية للاستفادة منها ومما يطرح من خلالها من رؤى فنية عميقة تسهم في بناء هيكلية العطاء الفني، لكن للأسف هذا النوع من النقد التي تفوح منه رائحة التحامل يفوت الفرصة على كل ذلك .

• لكن الذين وجهوا انتقاداتهم للعرض ليس جميعهم نقاد محليون، بل هناك ضيوف من دول عربية وخليجية انتقدوا العمل أيضاً ولا اعتقد ان انتقاداتهم نابعة من دوافع شخصية، فما هي مصلحتهم في ذلك؟

- نحن شعوب متشابهة الى حد ما، فأي عرض يقدم في عمان أو في بغداد أو في دمشق أو في دبي ربما سيواجه ذات الاشكالية، نحن نعاني من رؤية قاصرة في فهم العملية النقدية، فالمناهج الفنية تتحرك وتتطور وتنتقل من مرحلة الى اخرى ومن فلسفة الى اخرى ومناهجنا النقدية ثابتة في مكانها لا تتحرك وكأنها تعاليم منزلة من السماء، وهذا يقود الى الجمود الفكري بكل تأكيد .. أنا بكلامي هذا لا ادافع عن عرض «سفر العميان» بل ادافع عن النقد نفسه، المشكلة اننا لا نواكب التطورات الحاصلة في المدارس النقدية وآلياتها الحديثة، انه فخ خطير تقع فيه الثقافة اذا وقعت في اشكالية الثابت والمتحول .

• هل تعتقد ان العرض قدّم بما يكفي من الجودة ؟

- ليس هناك عمل متكامل، بكل تأكيد، ولكن اذا ما أخذ بنظر الاعتبار الظروف التي واجهت الاعداد للعمل والفترة الزمنية القصيرة التي أنجز فيها، فهو عمل جيد، أو على أقل تقدير ليس كما رآه المنتقدون، وقد لاحظنا جميعاً تفاعل الجمهور مع العمل أثناء العرض، كذلك هناك نقطة مهمة أود أن اشير اليها، وهي اني حصلت على جائزة أفضل ممثل دور ثان من خلال العرض، ومن غير المعقول أن يكون العرض كله ردئ باستثناء أدائي فقط هو الجيد ونحن نعلم ان عناصر العمل المسرحي مرتبطة ببعضها، يعني لو لم يكن المخرج جيد وأداء بقية الممثلين جيد لما تفردت أنا بأدائي، فالاداء التمثيلي أثناء العرض هو استلام وتسليم للحوارات وأي خلل في ذلك سينعكس على اداء الجميع بلا استثناء .

• هل لك تجارب سابقة مع فرقة مسرح الخليج العربي، لاسيما ونحن نعرف انك عضو في فرقة المسرح الكويتي ؟

- هذه تجربتي الثانية مع مسرح الخليج العربي، فقد كانت مشاركتي الأولى في مسرحية «غسيل ممنوع من النشر» من اخراج الفنان ناصر كرماني .

• ما هي المعايير التي تجعلك تقبل الدور أو ترفضه ؟

- قد يكون كلامي غريباً اذا قلت لك بأني لا أقرأ النص بامعان قبل الموافقة عليه، فأنا أعتمد على كلام المخرج عن تفاصيل العمل وقد يتحدد قبولي أو رفضي على ذلك، ربما أقرأ النص بشكل سريع ولكني أتحاشى تأمله بشكل دقيق، وذلك لكي لا تنعكس رؤيتي الاخراجية على ادائي للدور، عليّ أن أعتمد على رؤية المخرج وأن اكتشف النص من خلال المخرج فقط ولا أقحم رؤيتي الاخراجية على العمل من أجل أن أكون ممثلا فقط وأنسى بأني مخرج أيضاً . وأعتقد بأن هذا الاسلوب سيمكنني من تقديم كاركترات مختلفة وسيجعل مني ممثلا متنوعا، حسب رؤى المخرجين الذين أعمل معهم، لاسيما واني استنفر كل أدواتي لتجسيد الشخصية بشكل صحيح .

• لديك نشاطات فنية أخرى غير الوقوف على خشبة المسرح كممثل، هل لك أن تحدثنا عنها ؟

- لدي تجربة طويلة مع الاخراج المسرحي، وآخر ما أخرجته مسرحية «ثلث الثلاثة» التي اشتركت بها في مهرجان الخرافي الأخير، وقبلها أخرجت مسرحية «وسمية تخرج من البحر» وهي صياغة معادة لرواية الكاتبة المبدعة ليلى العثمان وقد شاركنا فيها في مهرجان أيام المسرح في دورته الرابعة، من خلال المسرح الكويتي . كذلك لي تجارب مع تصميم الديكور وهذا هو اختصاصي الدراسي، وعملت في تقديم البرامج التلفزيونية، حيث اني كنت مذيعاً في تلفزيون «الراي» في برنامج «رايكم شباب»  وقدمت في تلفزيون الكويت القناة الأولى برنامج بعنوان «محطات شبابية» .. وفي الفن التشكيلي أيضاً لي أعمال عديدة، وأنا الآن عضو هيئة تدريسية في جامعة الكويت كمساعد علمي في كلية البنات، أقوم بالاشراف على الدروس العملية للفن التشكيلي، كما لي تجربة مع أعمال النحت، أما بخصوص الدراما التلفزيونية، فقد اشتركت في عام 2006 في مسلسل تلفزيوني من 27 حلقة بعنوان «ابن النجار» تأليف الاستاذ علي المفيدي واخراج حسين المفيدي وهناك الكثير من النشاطات الفنية التي مارستها في حياتي .

• سمعنا بأن لديك تجربة مع الغناء أيضاً، ماذا بهذا الشأن ؟

- في عام 2000 كان لدي فرقة غنائية اسمها «فرقة أجيال» وكنا نقدّم الأغاني الوطنية والاجتماعية، منها أغنية عن الأسرى الكويتيين وعرضت في تلفزيون الكويت وفي الراديو أيضاً، إلا أن الفرقة لم يكتب لها الاستمرار، ولكن الموسيقى بشكل عام موجودة في حياتي الخاصة فأنا أعزف على آلة البيانو وجميع اخوتي يعزفون على آلات موسيقية مختلفة . ولي مساهمات في الموسيقى المسرحية وحصلت على جوائز عديدة .

• أين يجد نصار النصار نفسه في ظل هذا الكم من النشاطات الفنية؟

- على خشبة المسرح، المسرح دون سواه، فهو عشقي الأول والأخير، وما بينهما.

• ألا تخشى أن تسرقك هذه النشاطات الفنية من المسرح، أو على الأقل أن تقلل من قدراتــــك المسرحية؟

- نعم .. دائما يراودني هاجس الخوف من هذه النقطة، ولكني أعشق الفن بكل أشكاله وأجناسه وألوانه، لأنه خلق لعوالم جديدة تحاكي وجدان وذهن وعواطف الانسان ويعيد بناء الحياة في اطر جمالية راقية . 

• نريد أن نسألك عن الفنانين الذين لك تجارب مسرحية معهم، هل لك أن تعطينا رأياً سريعا بهم ؟

- لا بأس بذلك، سأعطي رأيي الشخصي بشفافية .

• يوسف الحشاش ؟

- ممثل مرن جسدياً وذهنياً .

• حمد أشكناني ؟

- ممثل بارع يحتاج الى شئ من الاسترخاء أثناء الأداء .

• علي كاكولي ؟

- طاقة تحتاج لمن يستخرجها .

• عيسى ذياب ؟

- ممثل سيقدم أشياء مهمة جداً وله مستقبل باهر، شريطة أن يخرج من اطار المسرح المدرسي .

• منصور حسين المنصور ؟

- فنان شاطر يحتاج الى شئ من التركيز .

• منال الجار الله ؟

- أقول : انتظروا منال الجار الله، ستقدم شيئاً قيماً جداً، فهي موهوبة وجريئة .

• ميرنا سعيد ؟

- مسرح الطفل خير مكان لها .

• ناصر كرماني ؟

- مثقف جداً.. واستاذ فاضل .. وقامة ليس بوسعي أن اعطي فيه رأياً، لكن قد أسمح لنفسي أن أقول : عليه أن يثق بمن حوله .


 

نصار وكرماني في لقطة من مسرحية «سفر العميان»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي