علي محمد الفيروز / إطلالة / لن ننسى الأمير الوالد بطل التحرير

تصغير
تكبير
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ودعت الكويت أحد رموزها ورجالاتها البررة سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح الذي ودع الكويت بحياة حافلة بالانجازات والبطولات والعطاء اللامحدود لوطنه ولشعبه الذي حبه حبا جما على مدى أعوام العمر. فمن خلال تاريخه الحافل نجحت الحكومة في عهده بالارتقاء بمؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية على السواء، كما نجحت في تحقيق انجازات مالية عالمية جعلت الكويت في مقدمة الدول النامية.

كان الأمير الوالد من خيرة الرجال الذين حفر اسمهم التاريخ، فأصبح في قلب أهله وناسه، إذ كانت الكويت هي روحه وأنفاسه منذ ان تولى مسؤولية الوطن الغالي، فجعل الكويت تبدو كدرة الخليج، حتى جاء اليوم المشؤوم وهو «يوم الغزو»، فكان من أول المنادين للدفاع عنها، وتحمل الشدائد والصعاب أثناء فترة الاحتلال العراقي للكويت، فكانت من أصعب المراحل الحرجة التي مرت عليه وعلينا، تحمل كارثة الغدر والخيانة من جاره القريب مع أخيه المغفور له الشيخ جابر الأحمد (رحمة الله عليه) الذي شاركه الألم والجراح لفراق الوطن وفراق شعبه الوفي، فكان صبورا وحليما يتحمل ويتقبل آراء الآخرين، لانه كان مثل الأب الحنون على أبنائه رغم المسؤوليات الجسام على عاتقه، فحمل اسم الكويت في قلبه وروحه وفضله على ذاته وصحته الى ان جاءه المرض وازداد حتى فقد طاقته وصحته، فخسر حياته من أجل الكويت، نعم لقد غيّب الموت عنا والدا شجاعا ورجلا بطلا من أبطال التحرير، وقائدا شهما وأصيلا لديه الحس الوطني والانساني، ضحى في سبيل رفعة اسم الكويت، فأصبح رمزا وطنيا بارزا تضرب به الأمثال، لان من أبرز مسيراته القيادية في حياته مشاركته في أول تشكيل وزاري بالكويت بعد الاستقلال، كما انه شارك في عهد المجلس التأسيسي الكويتي عام 1962، فهو أحد الذين ساهموا في ادخال البلاد مرحلة الشرعية الدستورية، وتم اختياره رئيسا لمجلس الوزراء عام 1978 ووليا للعهد في عهد الشيخ جابر الاحمد، وبذلك يكون أول ولي عهد يجمع مسؤولية ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء معا، فساهم بتعزيز مكانة المؤسسات العامة وتطويرها في البلاد، حتى جاء يوم 15 يناير أصبح الأمير الوالد بعد وفاة أمير القلوب أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد (طيب الله ثراه).


ومن الامور التي لا نستطيع نسيانها وستظل في ذاكرة الكويتيين والمقيمين جميعا، كان عند حصول الغزو العراقي على دولة الكويت اذ كان الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله من أول المنادين بانعقاد المؤتمر الشعبي في جدة لجمع شمل أهل الكويت بأطيافها ضد العدوان الغادر، كما انه خلال فترة الاحتلال عمل في الحفاظ على مصالح المواطنين والمقيمين داخل الكويت وخارجها، فأعلن على ضمان الحكومة للودائع والمدخرات المصرفية كلها، بالاضافة الى التزام الدولة بتسديد جميع مرتبات الموظفين في القطاع الحكومي بأثر رجعي منذ بداية الغزو العراقي الى يوم التحرير، وتعهده أيضا آنذاك بسداد جميع المستحقات المالية للذين غادروا البلاد من غير الكويتيين، وكذلك رعاية جميع الكويتيين الباقين في الخارج، ومن مواقفه الصلبة وأعماله البطولية دعم الصامدين في الداخل ماليا ومعنويا، وتشجيع رجال المقاومة الكويتية على مقاومة المعتدي العراقي، ولا ننسى الدور الكبير الذي لعبه بعد التحرير، إذ كرس وقته وعمله على اصلاح الدمار الذي لحق بدولة الكويت وإعادة البناء من جديد ما اعطى للكويتيين فرصة حقيقية لتجاوز آثار العدوان من خلال تجديد البنية التحتية، بالاضافة الى مواجهته رحمه الله لحل أكبر جريمة بيئية حصلت بالكويت عن طريق حرق المعتدي ابار النفط عند طرده من ارض الكويت، ما أدى الى تلوث الهواء، ولكن بفضل حنكة الامير الوالد وبثقة أبناء الوطن استطعنا اطفاء الابار النفطية كلها بنجاح وبوقت زمني قصير.

لقد تألمنا جميعا بسبب مرضك يا سعد الكويت، وهو الذي ابعدك عنا وعن لقائك في الحياة العامة لاعوام عدة، لكن كيف لنا ان ننسى رجلا مخلصا مثل سعد العبدالله انه رجل شامل الصفات، اسعدنا طوال حياته حتى ودعنا فجأة، وما اصعب الوداع والفراق، وإنا لفراقك لمحزونون، لقد تركت لنا بصمات واضحة لا نستطيع ان نقول لرجل مثل سعد العبدالله وداعا لان اسمه خالد في قلوبنا وفي وجداننا وضمائرنا، ومن حبنا له تبكي القلوب وتدمع الأعين، فيعجز اللسان عن الكلام، لا نتمنى فراقك يا أبافهد، ولكن علينا ان نستسلم الى مشيئة الرحمن، انه قضاء الله وقدره، في هذا المصاب الجلل نتقدم بخالص العزاء والمواساة الى مقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد وولي عهده الأمين حفظهما الله ورعاهما، والى الشعب الكويتي الوفي، سائلين الله تعالى ان يتغمد فقيد الكويت والأمة العربية والاسلامية سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح بواسع رحمته وان يدخله فسيح جناته، ويلهم أهل الكويت والمقيمين جميعا الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا اليه راجعون.

علي محمد الفيروز

كاتب وناشط سياسي كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي