خطة التنمية... استقرار وثقة
يقتضي العدل والمنطق أن يُشكر مجلس الوزراء على خطوة شديدة الأهمية اتخذها في جلسته الماضية، وقضت بالموافقة على مباشرة وزارة التخطيط إعداد خطة قومية للتنمية للربع الأول من القرن المقبل. والعرفان ليس إجراء روتينياً يقوم به المواطن تجاه قيام السلطة بواجباتها، إنما هو تعبير استثنائي عن تقدير لمبادرة يتوقع أن تشكل منعطفاً في تاريخ البلاد، أي في الواقع المنظور لبلد هو أكثر ما يحتاج إلى تخطيط بعيد المدى يعيد ثقة أهل الكويت بكويتهم ويعيد ثقة العالم بالكويت.
لا جديد في القول، ان التخطيط السليم هو الأساس في نمو وتطور المجتمع، وان متابعة تطبيق الخطط بصدق ومثابرة تؤدي دائماً إلى الاستقرار والازدهار. لكن الجديد هو أن نتعود نحن الكويتيين والعرب عموماً على فكرة التخطيط الطويل الأمد، فنخرج من همّ الآني والمستهلك إلى همّ المستقبل والثابت. ونتحول من سد الحاجات إلى توقع المتطلبات مستخدمين العلم في رصد التحولات والاحتياجات بدل استلهام البديهة وملء الوقت الممل بأكوام أوراق مصيرها ادراج يعلوها الغبار.
طبيعي أن تعطي إشارة الانطلاق للاعداد للخطة الناس شعورا بالراحة والطمأنينة، وطبيعي رد الفعل الأولي الإيجابي لدى الناس حين يرون حكومتهم تخطط لـ 52 سنة مقبلة، لأنهم في ذلك يتأكدون ان البلد بخير وأن الكويت عادت فعلاً إلى سابق عهدها، وأن الغمامة عبرت، والأنظار باتت معلقة على المستقبل. ولا يقتصر الأمر على انطباعات يعبر عنها المواطنون مدفوعة بالأمل، إنما هي عوامل متآزرة تجعل من الانطباعات مشاعر ثابتة حين يرون عناصر الخطة الأساسية التي ستكون موضع بحث هي نفسها الأسئلة الأساسية المطروحة في المجتمع على مختلف الصعد، وهي نفسها المسائل التي يدور حولها حالياً النقاش وتكثر في شأنها الاجتهادات من دون ان تجد حلولاً جذرية ومن دون ان تلقى ما تستحق من الاهتمام. وهي تتمثل خصوصاً في التركيبة السكانية والاقتصادية والخدمات والأمن ومستقبل القطاع الخاص وترسيخ مفهوم دولة المؤسسات، وكلها مواضيع جوهرية لا مفر من التصدي الجدي لها، ومن التعامل معها بثقة ودراية وعلم.
في غمرة التفاؤل بالمستقبل ليس أمام المواطن الكويتي إلا التمني ان تستمر الحكومة، بكل وزاراتها وهيئاتها، بإعطاء موضوع الخطة جل اهتمامها والتعاون لإنجاحها وإنجاح أهدافها. والحكومة ليست وحدها، فالشعب الكويتي معها في ذلك، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، المتوقعة عودته قريباً، سيكون عوناً أكيداً لجميع الوزراء وعامل دفع قوياً للخطة، وستساهم عودته، دون ادنى شك، في تثبيت دعائم الخطة وإعطائها ما تحتاجه من رعاية وأهمية. والخطة في الواقع تحتاج الى دعم كل كويتي وكل مؤمن بمستقبل هذا البلد وهي دليل على أن الاستقرار عنوان للحياة الكويتية، به وبالعلم وبالإيمان، نجدد صياغة حياتنا على كامل المستويات فنثبت ثقتنا بأنفسنا وتتثبت ثقة العالم بنا.
رئيس التحرير