الثوابت الكويتية وتحديات القمة

تصغير
تكبير
ذاهبون إلى القاهرة، بثبات تاريخي على مواقف عربية، لم تفرط فيها الكويت، في أي لحظة من اللحظات، حتى في أحلك الظروف. ذاهبون إلى القمة، وفي جعبة الكويت، التذكير بمواقفها القومية حيال الثوابت العربية، فلا سلام مع إسرائيل، إلا بعد انسحاب قواتها من الأراضي السورية واللبنانية المحتلة، وإعادة الحقوق إلى الشعب الفلسطيني، ولا تطبيع مع إسرائيل إلا بعد السلام العادل والشامل، فهذا ما أعلنته أمس المصادر المقربة من سمو ولي العهد، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح، حيث قالت هذه المصادر: «إن الشيخ سعد سيجدد التزام الكويت بدعم عملية السلام وفقاً لمتطلباتها الشرعية بالإقرار الكامل بالحقوق العربية، وفق صيغة مؤتمر مدريد، ومفهوم الأرض مقابل السلام». إن الكويت تعرف تماماً كيف تفرق بين المتطلبات الاستراتيجية، والمتطلبات الاقليمية والذاتية، وهي من هذا المنطلق، عندما تذهب إلى اللقاءات العربية- العربية، تحمل بكل صفاء الهموم العربية المشتركة، لتتدارسها بحكمة مع الأشقاء العرب. إلا أن القمة، في حد ذاتها، مطلب عربي ملحّ، لتنقية الأجواء العربية، من كل ما علق بها، ومن كل الدخان الأسود الذي تلبّد في الأفق العربي، حتى كاد يهدد الرؤية العربية للمستقبل، وسُجّلت اندفاعات عربية عديدة في اتجاهات تعاكس اتجاهات ريح الواقع. فالثبات الكويتي التاريخي، يحتاج إلى رؤية عربية واضحة، قادرة على صياغة أبجدية جديدة، تحافظ على مؤسسة الجامعة العربية، التي واجهت منذ سنوات قليلة، العديد من محاولات إجهاضها، في ظل الاندفاعات العربية نحو التفرد في القرار المتعلق بالسلام مع إسرائيل من قبل بعض الدول العربية، هذه الاندفاعات التي كادت أن تضيّع الحقوق العربية وأن تجعل من الفرقة العربية سمة بارزة، تتوج الدخول العربي في القرن المقبل. إن تنقية الأجواء العربية، تحتاج لصدور رحبة قادرة على سماع وجهات النظر العربية بكل صفاء، فجملة من القضايا الكويتية العالقة، لا تزال تؤرّق الشارع العربي، وهذه القضايا تحتاج لقرارات عربية، تكون بالمستوى نفسه للدور الكويتي عربياً منذ زمن طويل، وهذه القرارات تعني في جملة ما تعنيه، أن مؤسسة القمة العربية، بدأت بصياغة أبجديتها الجديدة، التي تحتاجها لمواجهة التحديات المقبلة عليها المنطقة العربية برمتها، وإذا لم تستطع، هذه القمة الفيصل في تاريخ القمم العربية، وبعد الانتكاسة التي واجهتها قمة العام 0991، عندما لم تستطع إلزام المعتدي بكفّ عدوانه عن الكويت، نقول، إن هذه القمة، وعلى رغم كل ما يشاع حولها، لن تكون قادرة بعدها الدول العربية، أن تصوغ موقفاً عربياً موحداً، إذا لم تستطع أن تتخذ قرارات ملزمة، أهمها تصفية ذيول النار العدوانية العراقية، حيال الكويت، والتي لا تزال تنبعث شرارتها بين الحين والآخر. تذهب الكويت إلى القمة بثبات موقفها التاريخي من القضايا العربية، وفي الوقت نفسه، لابد من إثبات حسن النوايا من بعض الدول العربية، التي أعلنت مواقف جديدة، مغايرة إلى حد ما، لمواقفها في العام 0991. إن هذه القمة، تعقد، ورهانات كثيرة من قبل بعض الدوائر السياسية الدولية، على فشلها. فهل نضجت القناعة العربية، بضرورة التوحد تحت راية واحدة لمواجهة المستقبل؟. إن كل ذلك مرهون، بمدى الوعي العربي للأخطار المحدقة بالعالم العربي، وبمدى القدرة العربية في أعلى المؤسسات السياسية العربية على اثبات الحاجة فعلياً إلى عالم عربي يكون أهلاً للدخول في القرن الحادي والعشرين من أوسع أبوابه. فالكويت الذاهبة إلى قمة تحمل الملفات التي تهم كل عربي، لأن حل هذه القضايا العالقة، يؤسس فعلاً لمستقبل عربي يكون قادراً على مواجهة التحديات الأخرى، فهل قادرة هذه القمة على مواجهة الذات بكل تجرد؟
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي