دوام آخر احترام

تصغير
تكبير
| د. مجدي محمد حسن فتح الباب * |
حراسة الشخصيات الكبرى في العالم، عمل شاق وخطير ومهم، والذين يعملون فيه يخاطرون بحياتهم إذ لو حدث أي اعتداء غير متوقع فسيقدمون أنفسهم فداء لصاحب الموكب الذين يقومون بحراسته، هم في قلق دائم مستمر وتدريبات لا تنقطع، واطلاع على أحدث النظريات الأمنية الخاصة بحراسة الشخصيات الكبرى.
شرف كبير
قد يقول قائل إن العمل في حراسة الشخصيات الكبرى يسبغ شرفاً عظيماً على من يعمل فيه، فهو مرافق دائماً لمن كُلف بحراسته في حله وترحاله يسعد برؤية الشخصيات الكبرى في الزيارات والمؤتمرات، وربما تناله عدسات المصورين بصورة تنتشر عبر الفضائيات أو المجلات والجرائد فيستطيل شرفاً وفخراً وتيهاً، فهو رجل مهم لأن عمله عمل مهم ألا وهو حراسة شخصيات تعمل في مجلس إدارة سياسة العالم واقتصاده.
ومن العجيب أن نرى عالم الحراسات للشخصيات المهمة يدخل عالم الفن فبعض أهل الفن ممن علا نجمهم وارتفع يختار لنفسه طاقماً من الحراسة على قدر من المعرفة الأمنية والقوة الجسدية، ولا أدري هل هذا من قبيل الاحتياطات الأمنية، أم من لوازم الشياكة - والكشخة-؟!
أرى ذلك وأرثي لحال العلماء والأئمة والمؤذنين وهم في رعاية الله وحفظه وحده لا حراسة ولا غير ذلك، لذلك يسهل معهم التفاهم مع التنازل عن كثير من القواعد الأمنية!
حراسة أعظم شخصية في العالم:
في إحدى زياراتي لسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته الشريفة، وقع بصري على منظر جذب انتباهي ولفت نظري، انه الجندي الذي يقف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم، جاء في أدب ووقف أمام الحجرة الشريفة مبتدئاً دوامه بالسلام على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك ابتدأ دوامه بتنظيم الزائرين وتوجيه حركتهم ونصحهم إذا رأى منهم شيئاً من الغلو، انه دوام في حراسة الحبيب صلى الله عليه وسلم ما احلى هذا الدوام وما اجمله، لحظتها تمنيت ان اكون في حراسة سيدي رسول الله بل وفي خدمته ليس ذلك حسداً لهذا الجندي بل غبطة أتمناها.
قديماً سارعت الرميصاء أم أنس بن مالك رضي الله عن الجميع إلى وضع أنس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم للقيام بخدمته وناله ما ناله من شرف الصحبة ونور النبوة والدعاء المستجاب لشخص تفانى في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم فهو من أكثر الصحابة رواية للحديث النبوي الشريف.
وغيره سارع لحمل نعال النبي صلى الله عليه وسلم، وآخر لوضوئه، وآخر لحراسته وهو نائم، حتى نزل قوله تعالى: «والله يعصمك من الناس».
أظن أن الجميع يشاركني الرأي أن هذا دوام آخر احترام، ربما يخالفني البعض الرأي، ليكن لنا مع المخالفين لقاء آخر.
* إمام وخطيب وباحث شرعي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي