مواقف من الحياة

تصغير
تكبير
قرائي الأعزاء إليكم ثانية بباقة أخرى من المقالات الأسبوعية أتحدث فيها عن ما يدور حولنا من المواقف اليومية، مواقف مشرفة تدخل على القلب السرور وأخرى محزنة.. نرجو ألا تتكرر في بلدنا الحبيب الكويت الذي نود لأهله ان يكونوا مثالاً يحتذى به في كافة أرجاء المعمورة...
عبدالرزاق العميري

... وعجبت للمتكبر...!

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغنى الذي إياه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء.
- وعجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة ويكون غداً جيفة.
في المقال السابق تحدثنا عن ذلك الرجل البخيل الذي حرم نفسه وجمع لغيره، ولم يمهله الموت الذي لم يكن في الحسبان، وسنتحدث اليوم عن المتكبر الذي يظن أن الله لم يخلق سواه يمشي بين الناس مشية الطاووس، قبل أن أبدأ بالحديث عن المتكبرين أود أن أدخل السرور على قلوبكم بنكتة قرأتها في كتاب تقول: إن هناك رجلاً ذهب إلى شركة تبيع الدجاج، وطلب شراء دجاجة فسأله موظف الاستقبال: هل تريدها صاحية أم مذبوحة؟
فقال: مذبوحة، فأرسله إلى الطابق الأعلى وهناك سأله المختص: تريد الدجاجة المذبوحة نيئة أم مطبوخة؟ فقال: أريدها مطبوخة، فأرسله إلى الدور الأعلى حيث سأله الموظف: تريد الدجاجة المذبوحة المطبوخة محمرة أم مشوية؟ فأجاب: مشوية، فأشار باصبعه إلى الطابق الأعلى، فصعد الرجل فبادره المسؤول: تريد الدجاجة المطبوخة المشوية مع السلطات أم من دون؟ قال: مع السلطات، فأرسله الموظف إلى الدور الأخير وهناك استقبله المدير بابتسامة عريضة وقال له: تفضل قال الرجل للمدير: أريد دجاجة مطبوخة مشوية مع السلطات، قال المدير: آسف ليس لدينا دجاج ولكن ما رأيك بالنظام!!
نعود إلى موضوعنا وهو الكبر، يُقال إن أصول الخطايا كلها ثلاثة:
1 - الكبر، وهو الذي أصار ابليس إلى ما أصاره.
2 - والحرص، وهو الذي أخرج آدم من الجنة.
3 - والحسد، وهو الذي جرأ أحد ابني آدم على أخيه، فمن وقي شر هذه الثلاثة فقد وقي الشر، فالكفر من الكبر، والمعاصي من الحرص، والبغي والظلم من الحسد.
والكبر هو بطر الحق وغمط الناس كما ورد في الحديث، وهو مفتاح الشقاء حيث قال الغزالي رحمه الله: مفتاح السعادة التيقظ والفطنة ومنبع الشقاوة الكبر والغفلة... إلخ.
وللكبر أنواع ثلاثة هي: الكبر على الله وهو أفحش أنواع الكبر مثل تكبر فرعون ونمرود حيث استنكفا أن يكونا عبدين لله تعالى. والنوع الثاني هو التكبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يمتنع المتكبر من الانقياد له تكبرا وجهلا وعنادا كما فعل كفار مكة، والنوع الثالث وهو ما نعنيه في هذا المقال وهو التكبر على عباد الله بأن يستعظم الإنسان نفسه ويحقر غيره ويزدريه وحكم الكبر أنه من الكبائر لأنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من الكبر كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم... والكبرياء والعظمة لله وحده فهو القائل عز وجل في الحديث القدسي الذي رواه حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم - رواه مسلم.
ومن مضار الكبر أنه طريق موصل إلى غضب الرب وسخطه وهو دليل على سفول النفس وانحطاطها كما انه يورث البعد عن الله والبعد عن الناس ويسبب الشعور بالعزلة وضيق النفس وقلقها واشمئزاز الناس وتفرقهم عنه واستحقاق العذاب في النار وهلاك النفس وذهاب البركة من العمر وهو من أسباب البعد عن طاعة الله ويسبب الطرد من رحمة الله ويصرف الله عز وجل المتكبرين عن آياته فتعمى بصائرهم ولا يرون الحق.
هذه رسالة أبعثها لكل من يرى نفسه أعلى من الآخرين... صاحب المال أو صاحب السلطة... الدكتور الذي يظن نفسه أكبر من الآخرين فلا يسلم عليهم ولا يرد السلام... الوزير الذي يمشي مشية الطاووس... المسؤول الذي كان قبل أيام يضحك مع الناس وعقب ما لبس البشت صار واحدا ثانيا؟ بعض الناس اللي يتفلسفون على الناس بأرصدتهم... أو عقاراتهم... يا ابن آدم كلها أيام... ثم تعود ثانية إلى الأرض التي خُلقت منها فإن كنت متواضعا فستكون في عيشة راضية وان كنت متكبرا فستلعن اليوم الذي تكبرت فيه على الناس... وتذكر أنك قرأت هذا المقال... مع خالص تحياتي للمتواضعين... والله في هذا البلد علماء ووزراء إذا جلسوا بين الفقراء لم يعرفوا... أرجو أن نكون منهم وأن يرزقنا الله حب التواضع... نلتقي في موقف آخر... إلى اللقاء.
وكيل المركز الثقافي الإسلامي



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي