الحلم الصهيوني... هل يتحقق ؟

تهويد القدس والقضاء على معالمها الإسلامية

تصغير
تكبير
| بقلم: عبدالله متولي |
أعلنت وزارة السكان الإسرائيلية بعد توقيع معاهدات السلام في العام 1996م بأنها ستبني (15120 وحدة سكنية) في القدس الشرقية ليعيش فيها (76 ألف يهودي) وهذا سيزيد عدد السكان اليهود في القدس الشرقية إلى (236 ألفا) بينما عدد العرب فيها يصل إلى (155 ألفا) وبالتالي فإن الأمور ستكون لصالح اليهود مع ملاحظة أن القدس الغربية بكاملها لليهود أصلاً، وقد جاء في بيان وزارة السكان الإسرائيلية أن تهويد القدس كاملة سيتم بحلول عام 2002م، أي بعد ست سنوات.
أولى خطوات التهويد
يقول الجغرافي الفلسطيني خليل تفكجي عضو جمعية الدراسات العربية في القدس: لا بد أن نعلم أن مساحة الحي اليهودي في القدس قبل قيام دولة إسرائيل لم تكن تتجاوز خمسة آلاف متر وعدد سكانه في حدود 90 أسرة، ولكن مع ذلك فإن حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين وقادة الصهيونية اتفقوا على رسم حدود بلدية القدس بطريقة ترتبط بالوجود اليهودي كي يمكن ضم واستيعاب أحياء يهودية جديدة، وجاء تقسيم المدينة إلى شرقية للعرب وغربية لليهود في يوليو 1948 ثم جاءت حرب 1967 فاحتلت إسرائيل شرق القدس، وبدأت خطوات تهويد المدينة بتوسيعها واخراج العرب منها ومصادرة أراضيهم، فبعد أن كان العرب يشكلون الغالبية عام 1967 صاروا أقلية الآن، يسيطرون على (21 في المئة) فقط من أراضيهم.
ويضيف تفكجي: ان تقليص المساحة التي يعيش فيها الفلسطينيون يتم بشكل مبرمج من خلال قوانين التخطيط والقيود على رخص البناء ونجد أن البناء للمنازل في المناطق العربية لا يزيد على ثلاثة طوابق كأقصى حد بينما في المناطق اليهودية يصل إلى ثمانية طوابق.
وتأكيداً لما جاء في كلام تفكجي يجب أن نعود بالذاكرة إلى ما جاء على لسان جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة: «إن أرض إسرائيل الكاملة هي أرض التوراة وعد الله اليهود، وأن الانسحاب من أي جزء منها هو ضد الإرادة الالهية، ولذلك تنتهي الحدود في الأماكن التي يقيم فيها اليهود وليس في خطوط الخرائط».
وإذا كان عدد اليهود الآن في إسرائيل طبقاً لاحصاءاتهم الرسمية قد وصل (أربعة ملايين و200 ألف يهودي) فعلينا أن نتأمل ونتدبر ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق «اسحق رابين» أمام أبناء ستة آلاف من أتباع «السفارة المسيحية الدولية» الذين جاؤوا إلى إسرائيل لمشاركة اليهود في احتفال لهم قال رابين: إنه يأمل أن يصل عدد اليهود في إسرائيل إلى (7 ملايين) قبل عام (2000) وإذا ساعدتمونا فسيحدث ذلك وسنتمكن معاً من تحقيق الارادة الالهية في توطين اليهود بإسرائيل!!
حائط البراق
وعن جريمة إسرائيل في حق حائط البراق يقول المهندس رائف نجم مستشار مركز توثيق وصيانة آثار القدس: إن حائط البراق يشكل الجزء الجنوبي الغربي من جدار الحرم القدسي الشريف بطول نحو (47 متراً)، وارتفاع نحو (17 متراً)، ولم يكن في وقت من الأوقات جزءا من الهيكل اليهودي المزعوم. وكما تقول الموسوعة اليهودية: «إن مصادر المدراش (شروق التوراة) بأن هذا الحائط لم يكن موقع عبادة عند اليهود حتى القرن السادس عشر الميلادي».
ويضيف المهندس رائف نجم: ان التسامح الإسلامي هو الذي مكن لليهود من الصلاة أمام هذا الحائط، وتكررت محاولات اليهود للاستيلاء عليه في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين إلى أن وقعت ثورة البراق في أغسطس 1929 التي قُتل فيها العشرات من العرب واليهود، وأدت الأحداث إلى تشكيل لجنة دولية لتحديد حقوق العرب واليهود في حائط البراق، وكانت هذه اللجنة برئاسة وزير خارجية سويدي سابق وعضوية سويسري وآخر هولندي، ووضعت اللجنة تقريرها في عام 1930.
يقول التقرير: «إن للمسلمين وحدهم ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءا لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة، لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي».
احراق الأقصى وتدميره
ولكن العدو الصهيوني في عام 1967 استولى على حائط البراق، وهدم حارة المغاربة المجاورة له، ووضع يده على باب المغاربة وهو أحد أبواب الحرم الشريف، وتجلت قمة الأعمال الإجرامية لهذا العدو بقيامه باحراق المسجد الأقصى في أغسطس العام 1969 في محاولة منه لتهويد القدس العربية والقضاء على أهم معالمها الإسلامية.
ولم يقف الأمر عند الاستيلاء وكفى، بل راح العدو الصهيوني يقوم بتطويق الحرم القدسي بالحفريات ومسجدي الأقصى والصخرة المشرفة وحدد هذه الحفريات على امتداد طوله (485) متراً لكشف ما يسمونه حائط المبكى التي تصفها الدكتورة «كاثلين كينون» مديرة مدرسة الآثار البريطانية في القدس وأستاذة علم الآثار في جامعة اكسفور فتقول: «إن عملية الحفريات الإسرائيلية التي تجريها إسرائيل حول الحرم القدسي لهي أبشع حفريات لتدمير التاريخ القديم، وان اتلاف البنية الإسلامية التي بنيت في القرون الوسطى جريمة كبرى، ولا يُعقل أن يتم تشويه الآثار بمثل هذه الحفريات».
وتناشد د. كاثلين الرأي العام العالمي تقديم كل دعم لايقاف مثل هذه الأعمال الهمجية الوحشية.
وهذا يذكرنا بما قاله «هرتزل» مؤسس الحركة الصهيونية: «إننا إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسأزيل ما ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسأحرق الآثار التي مرت عليها القرون»!!
إذن لن تقف أطماع اليهود عند السيطرة على الأرض التي أدركها الفلسطينيون من بلدهم الكبير، وإنما ستمتد هذه الأطماع خارج هذه الحدود، وإن الدولة التي يخططون لها من النيل إلى الفرات ستظل هي الأمل، وفي سبيل تحقيق هذا الأمل لن يحافظوا على اتفاق أو معاهدات، إن ما فعلوه في القدس من تغيير يؤكد ذلك والشاهد على كل ذلك من داخل الكنيست حيث كتبوا فيه: «إسرائيل من النيل إلى الفرات»، والمؤامرة الآن تدور حول القدس، هذه الصخرة التي تتحطم عليها مفاوضاتهم.
ضعف القادة
وفي النهاية يجب علينا أن نتأمل ونتدبر مقولة القائد المغوار صلاح الدين الأيوبي التي جاءت ضمن رسالته التي أرسلها إلى «ريتشارد» ملك انكلترا قال فيها: «إن القدس لنا كما هي لكم، ولكنها عندنا أعظم مما هي عندكم، لأنها مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، فلا يتصور أن ننزل عنها ولا نقدر على التلفظ بذلك بين المسلمين، وأما البلاد - يقصد فلسطين - فهي أيضاً لنا في الأصل، واستيلاؤكم عليها كان طارئاً لضعف من كان فيها من قادة المسلمين».
رحم الله صلاح الدين الأيوبي وجزاه عن الأمة خير الجزاء، وقيض لنا من أمتنا من يحمل اللواء ويوحد الصفوف لتحرير القدس الشريف من الأسر، وإعادة الوئام والوفاق إلى الشعب الفلسطيني الذي يعاني قهر الاحتلال ويكتوي بنار التفرق بين أبنائه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي