فضل سورة الفاتحة (3)

تصغير
تكبير
| محمد عبدالله |
نواصل الحديث عن مميزات سورة الفاتحة
الموضع الثالث: من اسمه «الرحمن» الذي رحمته تمنع اهمال عباده، وعدم تعريفهم ما ينالون
به غاية كمالهم فمن اعطى اسم «الرحمن» حقه علم انه متضمن لإرسال الرسل، وانزال الكتب، اعظم من تضمنه انزال الغيث وإنبات الكلأ واخراج الحب، فاقتضاء الرحمة لما يحصل به حياة القلوب والارواح اعظم من اقتضائها لما يحصل به حياة الابدان والاشباح لكن المحجوبين انما ادركوا من هذا الاسم حظ البهائم والدواب، وادرك منه اولو الالباب امرا وراء ذلك.
الموضع الرابع: من ذكر «يوم الدين» فإنه اليوم الذي يدين الله العباد فيه بأعمالهم فيثيبهم على الخيرات ويعاقبهم على المعاصي والسيئات وما كان الله ليعذب احدا قبل اقامة الحجة عليه، والحجة انما قامت برسله وكتبه وبهم استحق الثواب والعقاب وبهم قام سوق يوم الدين وسيق الابرار إلى النعيم والفجار إلى الجحيم،
الموضع الخامس: من قوله (اياك نعبد) فإن ما يعبد به الرب تعالى لا يكون إلا على ما يحبه ويرضاه وعبادته هي شكره وحبه وخشيته فطري ومعقول للعقول السليمة لكن طريق التعبد وما يعبد به لا سبيل إلى معرفته إلا برسله وبيانهم وفي هذا بيان ان ارسال الرسل امر مستقر في العقول، يستحيل تعطيل العالم عنه كما يستحيل تعطيله عن الصانع.
فمن انكر الرسول فقد انكر المرسل ولم يؤمن به ولهذا جعل الله سبحانه الكفر برسله كفرا به.
الموضع السادس: من قوله (اهدنا الصراط المستقيم) فالهداية: هي البيان والدلالة ثم التوفيق والإلهام، وهما بعد البيان والدلالة ولا سبيل إلى البيان والدلالة إلا من جهة الرسل فإذا حصل البيان والدلالة والتعريف ترتب عليه هداية التوفيق وجعل الايمان في القلب وتحبيبه اليه وتزيينه في قلبه، وجعله مؤثرا له، راضيا به، راغبا فيه، وهما هذان اللذان لا يحصل الفلاح إلا بهما.
الموضع السابع: من معرفة نفس المسؤول - وهو الصراط المستقيم - ولا تكون الطريق صراطا حتى يتضمن خمسة امور: الاستقامة، والايصال إلى المقصود، والقرب وسعته للمارين عليه وتعينه طريقا للمقصود ولا يخفى تضمن الصراط المستقيم لهذه الامور الخمسة فوصفه بالاستقامة يتضمن قربه لأن الخط المستقيم هو اقرب خط فاصل بين نقطتين وكلما تعوج طال وبعد واستقامته تتضمن ايصاله الى المقصود ونصبه لجميع من يمر عليه يستلزم سعته، واضافته إلى المنعم عليه ووصفه بمخالفة صراط اهل الغضب والضلال يستلزم تعينه طريقا.
و«الصراط» تارة يضاف إلى الله اذ هو الذي شرعه ونصبه كقوله تعالى: (وان هذا صراطي مستقيما) الانعام 153، وقوله (وانك لتهدي إلى صراط مستقيم52 صراط الله) الشورى 52-53 وتارة يضاف إلى العباد كما في الفاتحة لكونهم اهل سلوكه وهو المنسوب لهم وهم المارون عليه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي